صلاح سلام – اللواء
ما يجري في غزة ونابلس ومناطق الضفة الأخرى من تصعيد عسكري إسرائيلي شرس، لا يعني الشعب الفلسطيني وحده، بقدر ما يشكل خطراً على الأمن القومي العربي، و يهدد أجواء التهدئة التي سادت في المنطقة بعد إتفاق بكين بين السعودية وإيران.
الإجماع العربي على التنديد بالإعتداءات الإسرائيلية، وهذا الإفراط بإستعمال القوة، لا يكفيان لردع حكومة تل أبيب عن المضي قدماً في التنكيل بالفلسطينيين، وإغتيال الشباب العزّل، وإبادة عائلات بكاملها، في غارات متتالية ووحشية على غزة وخان يونس. الرد العربي يجب أن يتجاوز لغة البيانات، إلى إتخاذ خطوات فاعلة، خاصة من الدول التي إنضمت إلى «مشروع إبراهام» في عهد الرئيس الأميركي السابق رونالد ترامب، وباشرت التطبيع مع تل أبيب، بمعزل عن مسار حل الدولتين، الذي طرحته الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ أكثر من عقدين، ودون مراعاة الإلتزام بمبادرة «الأمير» عبد الله في القمة العربية التي عُقدت في بيروت عام ٢٠٠٢، وكان يومها ولياً للعهد. تلك المبادرة التي نصت على إنهاء حالة العداء وتطبيع العلاقات مع الدولة الصهيونية، بعد حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
يبدو أن حكومة نتانياهو لا تُقيم وزناً لعلاقاتها المستجدة مع بعض الدول العربية، وخاصة الخليجية، وإلا لكانت وظّفت هذه العلاقات في تفعيل محادثات السلام مع الفلسطينيين، وحرصت على صون تلك العلاقات من أية ردة فعل عربية سلبية محتملة، في أجواء مثل هذا التصعيد المفرط في الإعتداءات السافرة ضد الشعب الفلسطيني، كما فعلت أبو ظبي في تجميد بعض الصفقات مع الجانب الإسرائيلي.
قد يكون نتانياهو يحاول الهروب إلى الإمام عبر الغارات على غزة والإقتحامات في مدن ومخيمات الضفة، للتخلص من ضغوط التظاهرات الإسبوعية الحاشدة في تل أبيب والمدن الرئيسية الأخرى، ضد مشروعه للهيمنة على القضاء والمحكمة العليا، والنفاد من تهم الفساد التي كان يُحاكم فيها قبل وصوله إلى رئاسة الحكومة.
ولكن هذا الواقع لا يبرر سكوت الإدارة الاميركية والحكومات الأوروبية عن العنف الإسرائيلي المتمادي ضد الفلسطينيين، والذي يحرق ما تبقى من أوراق السلام مع الدولة الصهيونية.