غسان ريفي – سفير الشمال
ما تزال تداعيات اللقاء الذي جمع رئيس تيار المرده سليمان فرنجية مع السفير السعودي وليد البخاري على فطور صباحي في منزل الأخير في اليرزة، ترخي بثقلها على القوى المعارضة لانتخاب فرنجية، والتي عادت الى تغليف رفضها بالتمنيات التي تنسج معطيات بعيدة عن الواقع بهدف إشاعة أجواء عن “تراجع حظوظ زعيم المرده بعد تبدّل بعض المواقف الدولية والاقليمية“.
جملة من التطورات ساهمت في تحريك المياه الراكدة وفي إعادة وضع الملف الرئاسي على نار حامية، بدأها الرئيس نبيه بري بالتشديد على وجوب إنتخاب رئيس قبل تاريخ 15 حزيران، وإستكملها السفير السعودي بالتأكيد على أن لا فيتو ضد أي مرشح رئاسي، وبلقائه مع فرنجية ومع سائر الكتل النيابية، وصولا الى الرسالة الواضحة والصريحة ومفادها أن قرارا كبيرا إتخذ بضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية وعلى المكونات السياسية أن تتحمل مسؤوليتها في أن يكون الرئيس العتيد صُنع في لبنان، وفي عدم تعطيل النصاب تحت طائلة فرض العقوبات على كل من يتسبب في ذلك.
وإذا كان الفريق السياسي الداعم لفرنجية يدأب على إجراء المشاورات والاتصالات لحشد ما أمكن من الأصوات له والتأكيد في كل مرة على تمسكه به وعلى عدم وجود خطة باء في قرار دعم ترشيحه، فإن الفريق المعارض قد تحرك على وقع لقاء اليرزة بين فرنجية والبخاري وعمل على تحريك الاتصالات لا سيما بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وحزب الكتائب الذي دخل مؤخرا على خط التشاور مع التيار، إلا أن ذلك لم يفض الى أي نتائج إيجابية، وبقيت هذه الحركة بلا بركة.
وفي الوقت الذي يحاول فيه بعض المتضررين الايحاء بأن التوافق بات قاب قوسين أو أدنى على الوزير السابق جهاد أزعور وأن النواب السنة قد ينضمون الى الفريق الداعم له وكذلك كتلة اللقاء الديمقراطي ما يؤهله لمنافسة فرنجية في مجلس النواب والتفوق عليه بالأصوات في الدورة الثانية.. تشير المعلومات الى أن ما تم التوافق عليه بين المكونات المسيحية الثلاث (القوات والتيار والكتائب) يقتصر فقط على قطع طريق قصر بعبدا على فرنجية، وهو أمر ليس جديدا وعبّر عنه كل تيار من هؤلاء.
وتؤكد هذه المعلومات أن ما يجري بين التيار والقوات لا يعدو كونه تبادل أفكار بين الطرفين وليس على مستوى القيادة، وأن الأمر لم يرتق بعد الى الحوار المباشر أو طرح الأسماء، علما أن القوات ما تزال رافضة للوزير أزعور الذي يلقى أيضا معارضة من قبل عدد لا يستهان به من نواب تكتل لبنان القوي، حيث يعتبر هؤلاء أن ترشيحه من قبل باسيل يشكل إساءة الى نواب التيار الوطني الحر الذين تتوفر فيهم شروط الترشيح، وسبق أن طالب عدد من زملائهم باسيل بأن يأخذ إمكانية ترشيحهم على محمل الجد، وقد وعد رئيس التيار بذلك وطلب من الذين يجدون أن الفرصة متاحة أمامهم أن يراجعوه، لكن “كلام الليل محاه النهار“.
وتقول المعطيات إن إصرار باسيل على ترشيح أزعور قد يدفع عدد من نواب تكتل لبنان القوي الى إعتماد منطق النكاية بالتصويت لفرنجية وهذا أمر غير مستبعد، خصوصا أن باسيل سبق وسأل نواب التكتل خلال أحد إجتماعاته “من منكم يريد إنتخاب فرنجية؟”.
وفي الوقت نفسه فإن المرشح الذي تفضله القوات اللبنانية وهو قائد الجيش العماد جوزيف عون، يرفضه باسيل، وما قد يتوافق عليه الطرفان من أسماء أخرى قد لا يقبل به التغييريون والمستقلون الذين يرفض أكثرهم خيار باسيل بترشيح أزعور.
أمام هذا التشتت الحاصل في صفوف المعارضين لترشيح فرنجية، يبدو الفريق الداعم له متماسكا ومستعدا لاستقبال المزيد من الأصوات التي حررها الموقف السعودي برفع الفيتو عن المرشحين، وبالتالي فإن الأيام المقبلة ستكون حاسمة، فإما أن يتجه المعارضون الى توافق الضرورة الذي قد ينتج منه تسرّب كبير في الأصوات، أو أن يجد فريق منهم تسوية مع فرنجية، خصوصا أن ما يمكن تقديمه قبل الانتخابات من ضمانات أو وعود أو تساهل سيكون متعذرا بعدها.