كتب نادر فواز – المدن : بعد الجامعة الأميركية في بيروت، أعلنت اليوم إدارة الجامعة اللبنانية الأميركية تعديل سعر صرف الدولار لدفع أقساط الطلاب بالليرة اللبنانية، ابتداءً من فصل الربيع. في رسالتها للطلاب، أشارت إدراة اللبنانية الأميركية إلى أنها لن تعمد إلى رفع أسعار الأقساط بالدولار، “إلا أنّ تسديد الأقساط بالليرة اللبنانية سيخضع لمؤشر، ويسدّدون الأقساط بالليرة. وسيكون بشكل يتماشى مع المؤشر الفعلي للكلفة والقيمة الفعلية للتعليم”. لم تحدّد سعر الصرف، ولا آلية احتساب الأقساط.
حذاقة الإدارة
يمكن وصف قرار إدارة الجامعة اللبنانية الأميركية بالحذق واللئيم. لم تشر إلى سعر 3900 ليرة للدولار الواحد، ولم تأت على ذكر المنصّة الإلكترونية للمصرف المركزي. وترك الأمور مبهمة بانتظار توضيحها، يضفي اللؤم اللازم على القرار، خصوصاً أنّ سعر المنصة غير ثابت ولم يتبنّه المصرف المركزي، ويمكن أن يرتفع بارتفاع سعر صرف الدولار بالسوق السوداء. أيّ أنّ الأقساط، بالليرة اللبنانية، عرضة لارتفاع جنوني تضع آلاف الطلاب خارج أسوار جامعاتهم وتقضي على مستقبلهم.
159 مليون بالفصل!
قرارات مماثلة يُفترض أن تصدر عن جامعات أخرى، منها جامعة الروح القدس- الكسليك والجامعة اليسوعية، بينما لا تزال إدارات جامعات خاصة أخرى بصدد دراسة الآلية المناسبة لرفع الأقساط في الفصول الدراسية المقبلة. في حال تمّ تحديد سعر 3900 ليرة للدولار الواحد، يمكن القول إنّ أرقام الأقساط الجامعية سترتفع بشكل جنوني، على نحو يمكن أن يكّلف عام دراسي لطالب في الطب أكثر من 159 مليون ليرة لبنانية، على سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد. معدّل القسط، للفصل الواحد، في 6 جامعات خاصة سيصبح 19 مليوناً و486 ألف ليرة لبنانية. بينما المعدل الفعلي اليوم هو 7 مليون و534 ألف ليرة، وفقاً لسعر 1508.
أرقام خيالية
إن أردنا محاكاة توجّه إدارات الجامعات الخاصة باعتماد سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد، يمكن القول إنّ مأساة ستحّل على طلاب اللبنانيين وذويهم. في جدول أعدّه أحد الخبراء المصرفيين (المثبت أعلاه)، يمكن التيقّن أنّ إدارات هذه الجامعات الخاصة تتجّه إلى خنق الطلاب، إلى تهجيرهم، إلى القضاء عليهم، إلى حضّهم على اليأس والإحباط. في الجامعة الأميركية في بيروت، يرتفع سعر قسط الفصل الواحد الأدنى من 14 مليوناً و160 ألف ليرة إلى 36 مليوناً و621 ألف ليرة، أما أقصاه فارتفع من 20 مليوناً و177 ألف ليرة إلى 52 مليوناً و182 ألف ليرة. في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت، يرتفع سعر قسط الفصل الواحد الأدنى من 9 مليون و174 ألف ليرة إلى 23 مليوناً و727 ألف ليرة، أما أقصاه فارتفع من 16 مليوناً و361 ألف ليرة إلى 42 مليوناً و315 ألف ليرة. في جامعة البلمند، الأدنى كان 9 مليون و138 ألف ليرة وأصبح 23 مليوناً و634 ألف ليرة، والأقصى من 11 مليوناً و966 ألف ليرة إلى 30 مليوناً و946 ألف ليرة. في الجامعة اليسوعية، الأدنى من 3 مليون و529 ألف ليرة إلى 9 مليون و126 ألف ليرة، والأقصى من 12 مليوناً و396 ألف ليرة إلى 32 مليوناً و58 ألف ليرة. وفي جامعة الروح القدس، الأدنى من 4 مليون و976 ألف ليرة إلى 12 مليوناً و870 ألف ليرة، والأقصى من 9 مليون و184 ألف ليرة إلى 23 مليوناً و751 ألف ليرة. في جامعة بيروت العربية، ارتفع الأدنى من 4 مليون و230 ألف ليرة إلى 10 مليون و939 ألف ليرة، والأقصى من 10 مليون و441 ليرة إلى 27 مليوناً و3 آلاف ليرة.
الأرقام، واضحة في مأساويتها، ولا حاجة لشرحها أكثر. من ينهي دراسته، بوابل عشرات الملايين هذه، سيخرج إلى سوق العمل لينضم إلى جيش البطالة أو ليقبض راتباً مذلاً. وارتفعت الأقساط في الجامعات بهذا الشكل الجنوني، أو قد ترتفع.. إلا أنّ رواتب أغلب الموظفين في الجهازين الإداري والتعليمي في الجامعات الخاصة لا يزال بالليرة اللبنانية، وعلى سعر الصرف الرسمي.
تقول لنا هذه الأرقام إنه على كل طالب يحاول العمل لتأمين قسط تعليمه في جامعته الخاصة، أن ينسى الفكرة من أساسها. وعلى كل طالب، ذووه موظفون يتقاضون بالليرة اللبنانية، أن يبحث عن بديل. على كل طالب، ذووه يقترضون المال لتعليمه في الجامعات الخاصة، أن يعيد ويعيدوا النظر بذلك. هكذا تقضي إدارات الجامعات الخاصة على طلابها غير الميسورين، وتهجّرهم من جامعاتهم بشكل علني ومباشر. وفي خط متوازٍ، قرار الدولار الطلابي للذين يدرسون في الخارج لا يعمل به أحد من المصارف اللبنانية، فيتهدّد مصير عشرات آلاف اللبنانيين منهم من بات بلا جامعات ولا مأوى في مدن العالم.
كأنه في هذا البلد، ممنوع العلم ولا ارتياد الجامعات، لا داخله ولا خارجه. ومواجهة ذلك، لا يمكن أن تتمّ إلا من الطلاب أنفسهم. جميعهم في المأزق نفسه، بمختلف جامعاتهم وكليّاتهم واختصصاتهم ومناطقهم وألوانهم. جميعهم، جبهة واحدة، أو على الأقل هكذا يفترض أن تكون حالتهم.