غسان ريفي – سفير الشمال
تسيطر على الساحة المسيحية حالات من ردات الفعل نتيجة الموقف السعودي الذي عبر عنه السفير وليد البخاري خلال جولاته على القيادات اللبنانية، أولا، لجهة أن المملكة لا تضع فيتو على أي مرشح رئاسي، وثانيا، دعوة البخاري رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه الى فطور صباحي في دارته في اليرزة ما يعني أن رفع الفيتو يشمل بقوة الزعيم الزغرتاوي، وثالثا، تهديد البخاري بفرض عقوبات على كل من يعطل جلسات الانتخاب في حال دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ردات الفعل هذه، تقوم على مخاوف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من إمكانية وصول فرنجيه الى قصر بعبدا، خصوصا بعدما حرر الموقف السعودي برفع الفيتو كثيرا من النواب السنة الذين قد ينضموا الى الفريق الداعم لفرنجيه، وإمكانية تسرّب عدد آخر من النواب في حال إكتملت صورة التسوية، خصوصا أن أحدا لن يستطيع اللجوء الى التعطيل خوفا من العقوبات التي يبدو أنها جدية.
لذلك، فقد سارع التيار والقوات ومعهما الكتائب الى فتح أبواب المشاورات التي أسفرت بداية عن توافق على عدم إنتخاب فرنجيه، لكنها ما لبثت أن تعثرت بعد ذلك عند طرح الأسماء، حيث يحاول النائب جبران باسيل أن يستدرج خصميه اللدودين القوات والكتائب الى ملعبه بالتوافق على الوزير السابق جهاد أزعور، ليضرب بذلك عصفورين بحجر واحد، الأول إبتزاز حزب الله ودفعه الى تبديل موقفه والتفتيش عن مرشح ثالث، والثاني إظهار نفسه أمام شارعه بأنه المرجعية المسيحية التي رضخت القوات والكتائب لقراره بترشيح أزعور.
وفي الوقت نفسه تحاول القوات أن تقنع باسيل بضرورة رد التحية لها على إنتخاب الرئيس ميشال عون في العام 2016، والسير بمرشح قريب منها بهدف توجيه رسالة الى السعودية مفادها أن القوات التي تمتلك الكتلة النيابية الأكبر قادرة على قيادة المسيحيين في الاستحقاق الرئاسي.
تشير مصادر سياسية مواكبة، الى أن المشاورات التي تجري حاليا هي بمثابة “طبخة بحص”، لن ينتج منها أي توافق على مرشح رئاسي، خصوصا أن رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع لا يثق بباسيل وهو عبر عن ذلك مرارا وتكرارا وما تزال “طعمة” فشل تفاهم معراب تحت أضراسه والتي دفعته أكثر من مرة الى رفض إستقباله، كما أن باسيل لا يثق بجعجع وهو يحمله وزر معارضة ومواجهة عهد عمه ميشال عون ما أدى الى فشله، فيما لا يثق رئيس حزب الكتائب سامي الجميل بالرجلين حيث يختلف مع باسيل في العمق، ويتنافس مع جعجع على قيادة المعارضة.
وتقول المصادر نفسها: إن التوافق بين القوات والتيار في حال حصل وهذا أمر ما يزال مستبعدا، فإن عددا لا يستهان به من نواب التغيير وكذلك المستقلين قد لا يسيرون معهما خصوصا أن لدى هؤلاء مآخذ كثيرة على جعجع الذي حاول الاساءة الى من يرفضون السير تحت مظلته وعلى باسيل بطبيعة الحال.
يعني ذلك، أن هذا التوافق المسيحي قد لا يحصل على أكثرية في مجلس النواب خصوصا بعدما أوحى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أمس الأول بأنه ينتظر التسوية، طارحا أسماء مرشحين من خارج قائمة الأسماء التي يجري التشاور حولها، وبالتالي فإن الغلبة ستكون للفريق الداعم للمرشح سليمان فرنجيه.
وتتوقع هذه المصادر أن يستنفد باسيل كل أنواع المناورات مع حزب الله قبل أن يعود الى رشده السياسي في إيجاد مخرج يحافظ على ماء وجهه، من خلال الحصول على بعض الضمانات والمطالب مقابل تأمين النصاب وترك الحرية لنواب تكتل “لبنان القوي” بانتخاب من يرونه مناسبا، خصوصا أنه يدرك أن خسارة مرشحه في مجلس النواب سيجعله الخاسر الأكبر وسيؤدي الى عزله سياسيا مع تخلي حزب الله عنه.
أما جعجع فربما ينضم الى جنبلاط في إنتظار التسوية، أو يعود الى موقفه السابق بتأمين النصاب من دون إنتخاب فرنجيه، علّه يُرضي بذلك السعودية التي أدرك مؤخرا بأن ليس لديها أي مانع من وصول الزعيم الزغرتاوي الى قصر بعبدا.
Follow Us: