جوزف فرح – الديار
يبدو ان القطاع الصناعي هو الاكثر اعتراضا لرفع الدولار الجمركي على سعر الصيرفة مع انه الاكثر استفادة من ذلك دعما للانتاج اللبناني ومرد ذلك تخوفه من اتساع رقعة الاقتصاد غير الشرعي على حساب الصناعة والاقتصاد الشرعي حتى ان نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش اعلن بكل صراحة في حديثه الاخير للديار عن وجود PLAN B والانتقال بصناعته الى دولة اخرى رغم تشبثه بأرضه ومصنعه بعد ان باتت الصناعة «هماً «لديه في ظل العراقيل التي تواجه اي صناعي اليوم في لبنان وهي الاخطر على مدى السنوات الماضية .
رب قائل ان الحكومة الحالية اعطت القطاع الصناعي ما لم تعطه لاي قطاع اخر ومنها فرض رسم ١٠في المئة على المستوردات التي لها مثيل في الصناعة الوطنية وفرض رسوم مرتفعة على المستوردات دعما للقطاع الذي اخذ يسرح ويمرح في السوق الاستهلاكية دون اي منافسة من سلع مستوردة وغيرها من التدابير التي اتخذتها الحكومة في هذا الاطار خصوصا بعد جائحة كورونا والانهيار المالي والاقتصادي حيث تمكنت الصناعة من اثبات وجودها وانه يمكن الاتكال عليها .
واذا كان الدولار الجمركي هو احد الاسباب لريبة القطاع الصناعي فأن هناك اشياء اخرى زادت من «الضيق «الصناعي في لبنان ولم تجد حلولا تثبت انطلاقته نحو الافق الاقليمي والدولي .
لا بد من القول ان الصناعة تعاني الكثير من المشاكل لم تكن هي السبب ومنها تراجع الناتج القومي من ٥٠مليار دولار الى حوالي ١٨مليار دولار ومنها ارتفاع سعر الطاقة المؤثرة في انتاجية الصناعة وهي تشكل ١٨في المئة من قيمة السلعة وقد اضطرت المصانع التي تعتمد على الطاقة الى الاستنجاد بمولدات خاصة خففت من فاتورة الاستهلاك لكنها بقيت مرتفعة ومنها استمرار البيروقراطية الادارية للدوائر الصناعية خصوصا مع تراجع الحضور الوظيفي بسبب ارتفاع كلفة المعيشة واضطرار الموظفين الى التوقف عن العمل او بيوم واحد وظيفي لا يقدم ولا يؤخرللانتاج والتصدير الصناعي ومنها تراجع حجم التصدير بعد القرار السعودي بمنع ادخال الانتاج الصناعي اللبناني لاسباب سياسية وعمليات تهريب لاشياء ممنوعة حيث كانت الدول الخليجية مصدرا مهما للانتاج اللبناني ويقال ان نسبة كبيرة منه فقدته الصناعة ولا يمكن استعادته في حال عادت الامور الى طبيعتها لان دولا اخرى حلت مكان لبنان كتركيا وغيرها من الدول حيث يقول المثل الفرنسيla chasse pert sa place qui va a «ومنها تراجع القدرة الشرائية للمواطن على ضوء تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية وفقدان اكثر من ٩٠في المئة من قوتها وزاد الطين بلة الاعتماد على التسعير بالدولار لاصناف السلع والمواد الاستهلاكية والتموينية حيث باتت الدولرة تشكل اكثر من ٨٠في المئة من الحركة التجارية في لبنان كما ان غياب الائتمان المصرفي وعدم قدرة المصارف اللبنانية على التمويل الصناعي بعد ان كانت الصناعة تتكل عليها بعد احتجاز اموال المودعين ومنهم الصناعيون في هذه المصارف والبحث عن الدولار النقدي «الكاش»لتأمين التصدير في ظل القيود المفروضة الحالية والتي تمنع الصناعي من التصرف بحرية ومنها هجرة اليد العاملة الماهرة الى بلاد الله الواسعة وفقدانها في المصانع اللبنانية ووفقاً للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، سُجّل بين العامين 2019 و2020 خسارة في العمل بدوام كامل في قطاع الصناعة بلغت 27%. وفي أعقاب الأزمة المالية والحبل على الجرار حيث ما تزال الازمة الاقتصادية تشتد اكثر فأكثر ونسبة المهاجرين خصوصا اليد العاملة الماهرة الى ازدياد.
ويقترح المركز اللبناني للدراسات:1- إقرار سياسة ضريبية وجمركية جديدة تمنح الصناعيين ميزة تنافسية على المنتجات المستوردة طوال مدّة محدّدة، إلى حين أن يتمكّن هؤلاء من المنافسة بجدارتهم في السوق المفتوحة العالمية؛ 2- إعادة النظر في الاتفاقيات التجارية حرصاً على منفعة الصناعيين المحليين، مع الابتعاد عن فرض قيود كثيرة على السلع المستوردة للحفاظ على المنافسة والجودة العالية للمنتجات المحلّية؛ 3- اعتماد مقاربة حقيقية لضبط التهريب غير الشرعي عبر ضبط الحدود وسياسة الدعم الحكومي؛ 4- وضع محفّزات للعمل في المناطق الصناعية عبر تحسين البنى التحتية وتخفيض الضرائب على الملكية والضرائب البلدية.
حلول الطاقة والبنى التحتية والتمويل
تشكّل الطاقة تحدياً رئيساً نظراً لأن الكثير من المصانع موجود في بيروت وضواحيها، ومن الصعب الاستفادة من الطاقة المتجدّدة (بسبب ضيق المساحة المتاحة للألواح الشمسية) .
ورغم كل هذه النواقص واصرار الحكومة على عدم تأمين المساعدة للصناعة ما زال الصناعيون مستمرين في انتاجهم ولكن الى متى!ويقول عضو جمعية الصناعيين سامي ضاهر ان الاستقرار الاقتصادي والسياسي والامني يعني بالنسبة لنا كشركة سادا غروب «احتلال» العالم كله بصناعتنا الوطنية اعطونا الحماية والاستقرار في لبنان ونحن على استعداد لغزو العالم بصناعتنا التي تضاهي بجودتها الصناعات في الخارج.
واضاف :الحماية للصناعة تعني حمايتنا من الاغراق من البضائع التي تاتي الى لبنان وتدخل اسواقنا الاستهلاكية. وانا في الوقت نفسه اصدر الى الدولة الاجنبية وادفع جمارك بنسبة ١٠٠ في المئة بينما سلعها تدخل اسواقنا بدفع جمارك بنسبة ١٠في المئة وبالتالي مفروض المعاملة بالمثل وهي غير متوفرة حاليا.
ورفض الحديث عن ارتفاع اسعار السلع الصناعية لاننا نحن اليوم نقدم اجود سلعة وبسعر يضاهي السعر الاجنبي معلنا ان الصناعيين يشكلون اليوم خط الدفاع الاول عن الاتناج الوطني.