دوللي بشعلاني – الديار
يذهب البعض الى التأكيد أنّ انتخاب رئيس الجمهورية سيحصل في شهر حزيران، من دون أن يظهر بعد التوافق بين المكوّنات السياسية على اسم الرئيس المقبل، أو على الأقلّ على تنافس مرشّحين أو ثلاثة في جلسة الانتخاب. وإذ يحاول «الثنائي الشيعي» التسويق لمرشّحه رئيس «تيّار المرده» الوزير السابق سليمان فرنجيه، كمرشّح توافقي وإقناع الفريق الآخر بأنّه قادر على تحقيق أمور كثيرة للبنان يعجز عنها المرشّحون الآخرون، يجري السعي الجدّي من قبل قوى المعارضة الى تأمين الثلث المعطّل للنصاب القانوني في جلسة الانتخاب من دون التوافق مع «التيّار الوطني الحرّ». أمّا مرشّح المعارضة فلم يخرج بعد من سلّة الأسماء المتداولة، إذ ليس من توافق على اسم واحد فيما بينها.
تقول مصادر سياسية عليمة انّه منذ أن دعا رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الى الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس، قبل مغادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قصر بعبدا، وذلك في 29 أيلول من العام الماضي، وجرى فقدان النصاب في الدورة الثانية، وحازت الورقة البيضاء 63 صوتاً، أعلن بعد رفعها أنّه «إذا لم يكن هناك توافق وإذا لم نكن 128 صوتاً ، لن نتمكّن من إنقاذ المجلس النيابي ولا لبنان». ولهذا دعا النوّاب بعد ذلك مرتين الى الحوار من أجل تحقيق هذا التوافق كونه كان يعلم بأنّ الانتخاب سيطول لأشهر، على ما حصل حتى الآن. ولو لبّى الجميع عندئذ الدعوة الى الحوار، لكان أمام النوّاب فرصة تاريخية لصناعة رئيس الجمهورية لبنانياً.
فالحوار، على ما أوضحت المصادر، كان جعل كلّ فريق يطرح اسم مرشّحه ويتمّ التوافق عندئذ على الطاولة على أحد الأسماء المطروحة. و»الثنائي الشيعي» لم يكن قد أعلن بعد دعم ترشيح فرنجيه، رغم أنّه كان سيطرحه، إلّا أنّه كان ينتظر أن يتحاور مع المكوّنات السياسية الأخرى على أسماء مرشّحيها لجوجلتها على الطاولة. غير أن رفض الحوار، لا سيما من قبل «التيّار الوطني الحرّ» و»القوّات اللبنانية»، أوصل الأمور الى ما هي عليه اليوم من صعوبة في التوافق، رغم أنّ حصوله يبقى غير مستحيل لا سيما إذا تراجعت إحدى الكتل المسيحية عن موقفها، أكان «لبنان القوي» أو «الجمهورية اللبنانية» أو «الكتائب اللبنانية»…
أمّا الأسباب التي تجعل «الثنائي الشيعي» يدعو الفريق الآخر اليوم للتحاور على مرشّحه فرنجيه إذ لا يطرح بديلاً عنه، فهي من وجهة نظره، أنّه:
1- يتكلّم فرنجيه مع الأميركي والسعودي والإيراني والروسي ومع الصيني والسوري، وهذه مميزة يتمتّع بها دون سائر المرشّحين. وهذا الأمر يجعله قادراً على تعزيز العلاقات اللبنانية مع سائر الدول الإقليمية والعربية والغربية.
2- من المعروف أنّه رجل صادق ينفّذ ما يقوله أو يعد به، وهذا يكفي ليمنحه الداخل والخارج الثقة، وليستعيدها منهما لبلده أيضاً..
3- لديه تجربة مع قضية جمع المسيحيين التي تعني له كثيراً. فقد سامح على دمّ أهله من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية عموماً والوحدة المسيحية خصوصاً.
4- إنّ أكثر شخص قادر اليوم على التحاور مع الدولة السورية من أجل إعادة النازحين السوريين، التي تشكّل مشكلة كبرى للدولة اللبنانية، في ظلّ رفض المجتمع الدولي لإعادتهم، هو فرنجية كونه يتحدّث معها بكلّ سلاسة من دون أي تعقيدات… وهذا سبب أساسي لدعم ترشيح فرنجية من قبل الثنائي الشيعي.
5- في ما يتعلّق بالاستراتيجية الدفاعية، يجد الثنائي أنّ فرنجيه هو أكثر من يستطيع الحديث مع المقاومة في هذا الموضوع، الذي لا بدّ وأن يبحثه رئيس الجمهورية الجديد، ويضعه على الطاولة.
لهذا يتمسّك الثنائي الشيعي بدعم ترشيح فرنجيه، إذ يجده أنّه الأفضل مَن يمكنه من بين المرشّحين المطروحين اليوم القيام بهذه المهّمات الثلاث أي إعادة النازحين، وبحث الاستراتيجية الدفاعية، وجمع اللبنانيين عندما يتعرّضون للانقسام. من هنا، فإنّ تمسّكه بفرنجيه هو تمسّك فعلي وليس من باب المناورة، برأي المصادر.
غير أنّ جعل فرنجيه مرشحاً توافقياً لهذه الأسباب، فتجده المصادر نفسها، أنّه لا يمكن أن يتحقّق في ظلّ سعي قوى المعارضة الى تجميع الأصوات لتعطيل نصاب أي جلسة قد تؤدّي الى انتخابه ، من دون أصوات تكتّل «لبنان القوي». لهذا لا بدّ من أن تبدّل بعض كتل المعارضة موقفها من تطيير النصاب لكي يصار الى إيصال فرنجيه الى قصر بعبدا. علماً بأنّ «التيّار الوطني الحرّ» يصرّ على عدم انتخاب فرنجيه، كونه لم ينتخب عون في العام 2016، ولا يبدو أنّه سيبدّل موقفه لسبب أو لآخر.
أمّا تأثير الاتفاق الإيراني- السعودي في الملف الرئاسي، فتعتبره المصادر قائماً، لكن أيا من الدولتين لا تفرض اسم الرئيس، إنّما تترك الخيار للنوّاب أنفسهم. علماً بأنّ معادلة فرنجيه- سلام التي طرحتها فرنسا ووافق عليها «الثنائي الشيعي» بهدف التسهيل، قد سقطت لاعتبارات عديدة. لهذا فتسهيل انتخاب الرئيس لن يحصل إلّا من الداخل، كون المشكلة داخلية بجوهرها، لا سيما مع تبدّل بعض المواقف والحسابات المستقبلية.
أمّا مرشّح المعارضة فيبقى رئيس «حركة الاستقلال» النائب ميشال معوّض، في ظلّ عدم توافق أطراف المعارضة مع بعضها بعضا على اسم مرشّح واحد ينافس فرنجيه، وإن كان تغربل أسماء عديدة موضوعة في السلّة. وقد تبيّن أن دعم ترشيح معوّض من قبل بعض هذه القوى هو للمناورة، وحتى إن أصبح ترشيحه جديّاً فقد أظهرت نتائج جلسات الانتخاب السابقة، أنّه غير قادر على تأمين الـ 65 صوتاً للدورة الأولى من جلسة الانتخاب، فكيف سيتخطّاها للدورة الثانية؟!