انتشرت حالة من الغضب في منطقة جزين، بعدما تفاجأ السكان وأهالي المنطقة بقيمة الفواتير الفاحشة. علمًا أن المنطقة تتمتع بتوفر الكهرباء لمدة تصل إلى 20 ساعة يوميًا. ويعبر الأهالي عن استيائهم من هذه الزيادة الكبيرة في الفواتير، خصوصاً أنهم يرون أن مصدر إنتاج الكهرباء في المنطقة يعتمد على المياه وليس على الوقود، وهم يتوجهون بانتقادات حادة نحو وزارة الطاقة، التي تحاول تحميلهم مسؤولية دفع هذه الفواتير، في حين أن الوزارة لا تقوم بواجب جباية الفواتير في مناطق أخرى.
والجدير بالذكر أن جزين تعتبر منطقة سياحية وتضم العديد من المطاعم والفنادق، والتي تعاني بدورها من فواتير الكهرباء المرتفعة بشكل مقلق. وهذا يشكل تهديدًا على القطاع السياحي في المنطقة، إّ يمكن أن تواجه هذه المؤسسات مشاكل مالية بسبب عدم قدرتها على تسديد الفواتير الضخمة، ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إغلاق بعضها.
مصالح ستغلق
“الأمر ليس بأننا لا نريد الدفع، بل لسنا قادرين على دفع هذه المبالغ الباهظة”. بهذه الجملة أبدت نايلة، وهي صاحبة متجر في جزين، امتعاضها عن فواتير الكهرباء النارية. وتضيف “لقد قيل أن التعرفة المرتفعة هي من أجل تأمين تكلفة التشغيل وشراء الفيول للكهرباء، والكهرباء التي تأتينا هي من المعامل الكهرومائية التي لا تعمل على الفيول، إذًا إما الدولة تسدد الفواتير أو تستثنينا”.
ومن جهة أخرى، يعبّر وسام، صاحب أحد المطاعم في المنطقة، عن تحدياته الكبيرة، حين يقول: “الوضع صعب جدًا، فقد وصلت فاتورة المطعم إلى 116 مليون ليرة على سعر صيرفة البالغ 43,000 ليرة. فإذا ارتفع ليصبح 86 ألف ليرة، ستصبح فاتورة كهرباء المطعم 232 مليون ليرة. هذا الأمر مرتبط بفترة الصيف، فإذا تمكنا من العمل بشكل نستطيع تسديد نفقاتنا، سنستمر ، وإلا سيتعين علينا إغلاق المطعم. ويلفت إلى أن “من ليس لديه إيرادات كبيرة، قد يكون الإغلاق هو الحل الأفضل”.
تعبّر كلمات وسام عن التحديات الكبيرة التي يواجهها أصحاب المطاعم في المنطقة، ويؤكد على أنهم سيضطرون لرفع أسعارهم بهدف تعويض تكاليف الكهرباء المتزايدة. ويشدد على أنهم واقعون في منطقة سياحية، ويسعون خلال فصل الصيف لتأمين الأموال اللازمة لتغطية تكاليف فصل الشتاء أيضًا.
من جهة أخرى، يقول إيلي وهو موظف “بلا تردد، لن أخضع لمطالبهم بدفع هكذا تكاليف، وإن أرادوا قطع التيار الكهربائي عني، فليتفضلوا بذلك”. يكمل حديثه قائلاً “أرفض تمامًا فكرة دفع كل مدخولي الشهري لشركة الكهرباء، بل أفضل العيش على ضوء الشمعة، ولكن على الأقل سأظل قادرًا على تلبية احتياجات أسرتي اليومية”.
أما عن إيهاب، وهو صاحب صالون في جزين، فيؤكد لـ”المدن” أنه تفاجأ بفاتورة الكهرباء “التي وصلتني بقيمة تصل إلى 38 مليون ليرة لبنانية. وقررت بشكل حازم ألا أقبل بدفعها”. يعتبر إيهاب أن مثل هذه الفواتير غير منطقية تمامًا، حيث كانت فاتورته على دولار الـ 1500 تقدر بمبلغ 100 دولار فقط، بينما اليوم تتجاوز فاتورته 300 دولار. وباعتماد كل عمله على الكهرباء، يتردد في خاطره اليوم فكرة إغلاق المصلحة التي عمل فيها لمدة تزيد عن 16 عامًا، نظرًا للظروف الحالية والتحديات المتزايدة.
البلدية تحاول
منذ أن صدر القرار برفع التعرفة، سعت بلدية جزين لإيجاد حلول تناسب أهل المنطقة، خصوصاً أن كلفة الانتاج على المياه أقل منها على الفيول.
وفي حديثنا مع رئيس اتحاد بلديات جزين، خليل حرفوش، للاطلاع على المستجدات، أوضح أنه لا يوجد حل محدد حتى الآن، وما زالت المشاورات قائمة مع الجهات المعنية لإيجاد حل، نظرًا لأن هذه المسألة حساسة وتتطلب حكمة وتروياً وحسابات دقيقة قبل اتخاذ قرار. وأشار إلى أنه سيلتقي في الأسبوع المقبل مع مدير عام كهرباء لبنان، كمال حايك، ووزير الطاقة، وليد فياض.
وباعتبار حقيقة الفواتير باهظة، فإنه من الواجب أن تكون أقل بكثير، نظرًا لأن مصدر الكهرباء هو الكهرومائي وتكلفته أقل. ومع ذلك، تتعامل شركة كهرباء لبنان بتسعيرة تعادل معامل الطاقة المولدة من الوقود. وحسب المدير العام لمصلحة الليطاني، الدكتور سامي علوية، يشير إلى وجود “مقامرة كهربائية” في الوقت الحالي، “حيث أصبحت شركة كهرباء لبنان تعتمد المعامل الكهرومائية كآلات قمار لتحقيق الربح”.
ويختم “نبيع الكيلوواط لشركة كهرباء لبنان بسعر 60 ليرة، وتبيع هي الكمية نفسها بسعر 10 سنتات، و27 سنتا لكل كيلوواط بعد تجاوز المئة. ويُمكن استعراض هذه الظاهرة من خلال الفاتورة التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي بلغت قيمتها 33 مليون ليرة و800 ألف ليرة لـ2151 كيلوواط. وفي حال دفعت لنا كهرباء لبنان ما يعادل 3 كيلوواط فقط، ستدفع لنا 129 ألف ليرة، وبالتالي فالمبلغ المتبقي سيكون ربحًا لها”.