بعد الخسارة الإسرائيلية في المواجهات الأخيرة في قطاع غزة، واضطرارها إلى توقيع اتفاقية لوقف إطلاق النار، اتجهت حكومة بنيامين نتنياهو أخيرا لزيادة اقتحاماتها للمخيمات الفلسطينية في الضفة، مع تكثيف النشاط الاستيطاني.
واقتحمت قوات كبيرة من جيش العدو الإسرائيلي، صباح اليوم الاثنين، مخيم بلاطة شرقي نابلس، ونفذت عملية عسكرية، الأمر الذي أدى إلى مقتل 3 شبان فلسطينيين وإصابة 6 آخرين على الأقل، جروح أحدهم حرجة، إضافة إلى تفجير عدد من المنازل.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلية عمليات اقتحام المدن في الضفة الغربية المحتلة، وآخرها مدينة جنين، حيث اقتحمت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي عدة أحياء من مدينة جنين، اليوم الاثنين، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.
وقال مراقبون إن الاقتحامات الإسرائيلية تهدف إلى فرض واقع جديد في الضفة والمدن المحتلة، حيث تأتي بالتزامن مع زيادة عملية الاستيطان في تلك المناطق، وكذلك من أجل فصل عمل المقاومة ما بين الضفة وقطاع غزة.
وقبل أيام، أعلنت إسرائيل رسميا، السماح للمستوطنين اليهود بالعودة إلى بؤرة حومش الاستيطانية، شمالي الضفة الغربية، والتي تم إخلاؤها عام 2005، ضمن ما سميت آنذاك بخطة “فك الارتباط”.
ازدواجية المعايير
اعتبر زيد الأيوبي، المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة فتح، أن المجزرة الإسرائيلية الجديدة في مخيم بلاطة، واقتحام مدينة جنين ومخيمها ليلة أمس، هي حلقة في مسلسل إجرامي طويل يرتكبه الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، فإن هذه الانتهاكات لا تجد أي تحرك جدي وملموس من القوى العالمية الفاعلة، لوقف هذا العدوان واتخاذ إجراءات دولية تفضي إلى حماية المدنيين الفلسطينيين، وهو ما يبرز سياسة ازدواجية المعايير من بعض الدول الكبرى في التعاطي مع ملف القضية الفلسطينية.
وعن رد الفعل الفلسطيني، أوضح القيادي في حركة فتح أن النضال الفلسطيني سيظل مستمرا ومشتعلا، ولا يمكن لإجراءات الاحتلال إطفائها أو وأدها، حتى تحقيق تطلعات الشعب بالنصر والحرية والاستقلال، وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني، وعاصمتها القدس الشريف.
مخطط إسرائيلي
بدوره، اعتبر أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن الجانب الإسرائيلي متمثلا في حكومة نتنياهو، المتحالفة مع كبار المتطرفين في إسرائيل، تحاول إرساء قاعدة الفصل بين قطاع غزة والضفة من حيث العمل المقاوم المشترك.
وأضاف أنور لـ “سبوتنيك”: “بعد انتهاء العدوان على غزة واضطرار إسرائيل لتوقيع وقف إطلاق النار مع حركة “الجهاد” هناك، قررت زيادت هجماتها ضد عناصر المقاومة في الضفة، عبر مضاعفة عمليات اقتحام المخيمات، مثل شعفاط وجنين ومخيم بلاطة، التي تضمنت اعتقال أحد الأطفال من منزله”.
وتابع: “هذه الأمور والانتهاكات تتم تحت غطاء أو ستار، وأحيانا عبر التخفي في زي النساء أو رجال الدين، أو الاقتحام المباشر من خلال قوة كبيرة تقتحم المنزل التي تريد تصفية أحد المقاومين فيه أو اعتقاله”.
وأكد الخبير المصري أن الإجراءات الإسرائيلية تسير بشكل مواكب مع تكثيف عملية الاستيطان، وهذا أيضا يتجلى في تخصيص منصب “وزير للاستيطان” في الحكومة الحالية، مشيرا إلى أنها استفزازات وسياسات لا تمثل خطورة فقط على إسرائيل والائتلاف الحاكم، بل تمثل خطرا على المنطقة بأسرها، وهو ما عبر عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، حينما حذر من اقتحام بن غفير للحرم القدسي.
ويرى أنور أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة تصعيدية وتعبر عن مجموعة من المتطرفين الذين اختطفوا إسرائيل، وتعتمد على حسابات شخصية ضيقة، وليس حتى على مصلحة المواطن الإسرائيلي.
ووصفت الرئاسة الفلسطينية، اليوم الاثنين، ما قام به الجيش الإسرائيلي في أثناء اقتحامه لمخيم بلاطة شرق نابلس شمالي الضفة الغربية، حيث قتل عدة فلسطينيين وأصيب آخرون، بالـ “المجزرة”.
وأضاف أبو ردينة، أن ما تتعرض له مدينة نابلس وقراها ومخيماتها من عدوان مستمر من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين المتطرفين، هي جريمة حرب كبرى وعقاب جماعي يجب وضع حد لها فورا، محملا حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير المستمر، الذي يستهدف الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
وأشار أبو ردينة إلى أن صمت الإدارة الأمريكية على جرائم الاحتلال شجعه على التمادي في عدوانه، وطالبها بالتدخل الفوري لوقف ما وصفه بـ “الجنون الإسرائيلي”، الذي سيجر المنطقة نحو الانفجار.
وبمقتل الشبان الثلاثة في مخيم بلاطة، ترتفع حصيلة القتلى الفلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، منذ بداية العام الحالي، إلى 156 بينهم 37 قتيلا من نابلس، و36 من قطاع غزة، و26 طفلا.