الأحد, نوفمبر 24
Banner

تفلت دولرة الأقساط يفجّر التعليم… سنة مدرسية سوداء!

 ابراهيم حيدر – النهار

كل التوقعات تشير إلى أن التعليم في السنة المقبلة سيواجه تحديات لا سابقة لها. الازمة تشمل القطاعين الخاص والرسمي، وهذا الاخير يعاني من مشكلات تراكمت خلال السنوات الماضية بفعل الانهيار الذي انعكس كارثياً على المدرسة وعلى قدرات المعلمين وأدى إلى إضرابات ومقاطعة تسببت بهجرة أعداد كبيرة من التلامذة إلى المدارس الخاصة. وفي حين أن المدارس الرسمية غير جاهزة وحتى غير مؤهلة لاستيعاب هجرة معاكسة من الخاص محتملة بفعل توجه المدارس لاستيفاء الاقساط بالدولار الأميركي، من خارج الموازنات المدرسية، ستكون الأمور في غاية من التعقيد ما لم يسارع المعنيون إلى وضع خطط كفيلة باستيعاب تداعياتها.

شرعت غالبية المدارس الخاصة بوضع لوائح للأقساط بالدولار، مختلفة عما كانت تستوفيه خلال السنة الحالية والعام الماضي، مبررة الأمر بأن الدولرة صارت أمراً واقعاً، وأن المترتبات التشغيلية لم يعد ممكناً تغطيتها بالليرة، وهو أمر يرتب على أهالي التلامذة أو أكثريتهم من الفئات المتوسطة أعباء لا يستطيعون تحملها في ظل تراجع قدراتهم المعيشية، وبعدما باتت الدولرة أمراً واقعاً.

ووفق لوائح للأقساط ما زالت ضمن مساهمة الأهالي الدولارية من دون أن تُدرج في الموازنات، والتي تتفاوت بين مؤسسة وأخرى، وصل القسط في مدرسة مثلاً ابتداء من السنة المقبلة إلى 6 آلاف دولار للتلميذ يقابله مبلغ 300 مليون ليرة، حتى أن مدارس تجاوزت القانون وسعّرت اقساطها بالدولار كاملاً. وتتراوح الأقساط الجديدة في المدارس بين 800 دولار و6 آلاف، تضاف إليها نسبة بالليرة بين 50 مليوناً و300 مليون ليرة. علماً أن هناك مدارس ما زالت تتريث في اعلان أقساطها المدولرة، لكن المعلومات تشير إلى أن مؤسسات كبرى بدأت بإعداد لوائح بقيمة القسط بالدولار لا يتخطى 2500 دولار ولا يقل عن 1200 دولار مثل المدارس الكاثوليكية والمدارس الإنجيلية والليسيه الفرنسية والمقاصد، فيما تخطت مدارس مثل الانترناشيونال كولدج مبلغ الـ6 آلاف دولار والشويفات الدولية 4 آلاف دولار والمدارس الأميركية 5 آلاف. أما المدارس التجارية فهي الاخرى سعرت بالدولار وان كان لا يتجاوز 500 دولار وصولاً إلى الألف.

تسعير الاقساط بالدولار وارتفاع كلفة التعليم، يمكن ان يفجر أزمة كبرى مع بداية السنة الدراسية المقبلة، إذ أن قسماً كبيراً من الاهالي والموظفين سيضطرون إلى إخراج أبنائهم والبحث عن مدارس أقل تكلفة، ومنهم يستعد للتوجه إلى المدرسة الرسمية التي تعاني بدورها من أزمات، ليس في الاستيعاب فحسب، بل بتأمين التمويل وتحسين أوضاع الأساتذ مع وجود أكثر من 600 ألف سوري نازح في عمر المدرسة، ما يطرح على وزارة التربية تحديات مضاعفة، أولاً في اعادة الانتظام للتعليم الرسمي، وثانياً في معالجة التفلت الدولاري في الخاص. وتناقش التربية اقتراح القانون الذي تقدم به رئيس لجنة التربية النيابية حسن مراد لتعديل القانون 515، وتنظيم المساهمات الدولارية من الأهل وادخالها في الموازنات. أما نقطة الضعف في القانون فهي متعلقة بلجان الأهل، إذ ينص المشروع على تدقيق اللجان في الموازنات، ومشاركتهم في تحديد الأقساط، في الوقت الذي نعرف فيه أن أكثر من نصف لجان الاهل تتدخل في اختيارها إدارات المدارس.

في حال تفلتت الامور في الخاص، سنكون أمام كارثة، فبينما تسعى التربية الى انهاء العام الدراسي الحالي في الرسمي بأقل خسائر عبر التعويض وإجراء الامتحانات، تواجه مشكلة إقلاع الدراسة في السنة المقبلة في ظل انهيار رواتب المعلمين وتراجع التمويل من الجهات الدولية، والذي بات مشروطاً بالاصلاحات. وعليه ستضطر وزارة التربية إلى إجراءات هيكلية في التعليم الرسمي من دمج مدارس وفتح أخرى وفق الحاجات إذا تبين أن هجرة معاكسة تلوح في الأفق من الخاص الى الرسمي.

الآن هو وقت التصدي لضبط التفلت في الخاص وإعادة هيكلة الرسمي استعداداً لمواجهة سنة رمادية في التعليم وربما سوداء…

Leave A Reply