غسان ريفي – سفير الشمال
فشلت زيارة رئيس التيار الوطني الحر الى باريس، بعدما تعذر عليه لقاء أي من المسؤولين الفرنسيين وخصوصا المستشار باتريك دوريل للبحث معه في ملف الرئاسة اللبنانية.
إنفعال باسيل الباريسي من تجاهل المسؤولين الفرنسيين لوجوده ترجمه برفع سقف المواقف السياسية في لقاءاته البرتقالية بوجه كل أركان السلطة، واصفا إياهم بالمنظومة الفاسدة التي أوصلت البلاد الى الانهيار، ما ترك حالة من الاستغراب هي أقرب الى السخرية، بأن باسيل يتحدث وكأنه وُلد يوم أمس سياسيا وفوجئ بما آلت إليه أوضاع لبنان، ولم يكن وزيرا “سوبر” في كل الحكومات منذ العام 2005 ورئيس ظل للجمهورية لست سنوات إنتهت بإيصال البلاد والعباد الى الدرك الأسفل من جهنم.
لدى عودة باسيل الى لبنان وهو يجر أذيال الخيبة من الفرنسيين، حيث لم يجر في باريس سوى لقاءات مع أنصاره ولقاءً إعلاميا يتيما مع قناة العربية أراد من خلالها خطب ودّ السعودية والايحاء بأن الأليزيه لا تريد سليمان فرنجيه رئيسا للجمهورية، حرص على تغطية فشله بـ”قنابل دخانية” أطلقها وكما جرت العادة لإستهداف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي منذ أن رفض تشكيل حكومة على قياسه ومنعه من تمديد مقنع لعهد الرئيس ميشال عون، ومن ثم عقد جلسات حكومية لتصريف أعمال الناس رغما عنه، وهو أصبح شغله الشاغل الذي يقضّ مضجعه ويقلقه حيث تشير المعلومات الى أن باسيل في كل مرة يعطي توجيهات بضرورة إستهداف ميقاتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
يمكن القول، إن خطة الاستهداف التي وضعها باسيل أمس إنقلبت عليه وعلى تياره، كونه إختار ملف النازحين وهو بيد وزير محسوب عليه وآخر مقرب منه، كونه يعود لوزارتي الشؤون الاجتماعية والمهجرين، كما أن الاتهام الذي وجهه الى رئيس الحكومة بدولرة المساعدات المالية النقدية للنازحين تكفلت الهيئات الدولية المعنية بالرد عليه، فضلا عن أن وزيريه هما على إطلاع بكل التفاصيل وكان الأجدى به أن يستفسر منهما حول هذه الدولرة التي تعتمد منذ سنوات طويلة ولا علاقة للدولة اللبنانية بها، بل هي من أموال الدول المانحة ومن مسؤولية الجهات الأممية التي تمتلك الحق بأن تدفعها بأي عملة تريد.
كل ذلك أظهر أن باسيل لجأ الى معركة وهمية من معاركه المعهودة، لحرف أنظار وسائل الاعلام عن فشل زيارته الى فرنسا.
لا شك في أن باسيل يتخبط في سلسلة من الأزمات أبرزها خسارته كل حلفائه وشعوره بالاستفراد السياسي، وعدم قدرته على تسويق نفسه كمرشح رئاسي، ومواجهته إنقلابا داخليا في تكتله النيابي تمثل بطرح النائب آلان عون ترشيح النائب إبراهيم كنعان خلافا لرغبته وبدعم من عدد لا يستهان به من النواب، فضلا عن إدراكه بعدم ثقة القوات اللبنانية به للتوافق معه على مرشح، ما يعزز من حظوظ فرنجيه.
هذا الواقع، ينعكس تخبطا في مواقف باسيل الذي يتحدث عن الشيء ونقيضه، فهو ينتقد ملف النازحين في حين أو وزيرين له في الحكومة هما المسؤولان عنه، ويرفض إجتماعات الحكومة كونها فاقدة للشرعية وغير دستورية ثم يطالبها بالعمل وبمعالجة شؤون الناس، ويثني على قرارها بما خص التوقيت الصيفي ويطالب رئيسها بتوقيع مرسوم التجنيس الذي تفوح منه روائح مختلفة، كما يرفض التشريع في ظل غياب رئيس للجمهورية ويذهب الى مجلس النواب لتأجيل الانتخابات البلدية، وغير ذلك كثير.
يرى متابعون أن شعور باسيل بفقدان السلطة والنفوذ يجعله غير قادر على التعايش مع الواقع اللبناني الجديد، ما قد يؤدي به الى أزمات نفسية تترجم ببعض من جنون المواقف.