السبت, نوفمبر 23
Banner

الفاتيكان وماكرون على الموجة الرئاسية نفسها؟

سركيس نعوم – النهار

شغلت زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي مطلع الأسبوع الجاري لحاضرة الفاتيكان والعاصمة الفرنسية باريس اللبنانيين على تنوّعهم واختلافاتهم وفي مقدمهم الأحزاب المسيحية التي عوّلت على نتائجها للتخلّص من زعيم “تيار المرده” سليمان فرنجيه مرشّحاً وحيداً بل أحادياً لـ”الثنائي الشيعي” كما لعدد من النواب المسيحيين والمسلمين السنّة، لا بل لقتل حظوظه الرئاسية وفتح باب قصر بعبدا أمام رئيس ماروني يحظى بدعمه. طبعاً ينتظر اللبنانيون من إعلامهم الوثيق الصلة بالفرنسيين كما من رافضي فرنجيه مرشحاً الذين يظنون أن الراعي حمل همّهم الرئاسي والهمّ المسيحي عموماً الى البابا فرنسيس والرئيس ماكرون، ينتظرون النتيجة الفعلية لمحادثاته الرئاسية في باريس. لكنه اعتصم بالصمت حتى الآن ومعه مسؤولون فرنسيون كبار التزاماً منهم بقرار اتخذوه مجتمعين وهو إبقاء المواقف والأحاديث التي دارت بينهم طيّ الكتمان. لقد شعر بعض المسيحيين أحياناً كثيرة بالعتب على الراعي في الأشهر الأخيرة لشعورهم بأنه، الى اهتمامه بمسيحيي لبنان ومصيرهم، “يلعب سياسة” وقد تكون له ميول لمرشح أو لمرشحين رئاسيين. ولعل اللافت في هذا الموضوع إجماع من هم على اتصال دائم مباشر وغير مباشر مع الراعي على أنه حمل لائحة بأسماء مرشحين للرئاسة جدّيين في نظره، ويمكن أن يكونوا مقبولين من فرنسا، كما من مسيحيي لبنان “المتوافقين” للمرة الأولى منذ سنوات طويلة. ربما يكون انتقاهم من الأسماء الـ15 أو الـ13 التي قيل قبل أسابيع إن لائحته الرئاسية تتضمّنهم. لكن اللافت أيضاً في الموضوع نفسه هو الاختلاف بين المهتمين بملء الشغور الرئاسي من مسيحيين قيادةً وقاعدة كما من مسلمين وازنين حول وجود مرشّح “أمل” و”حزب الله” سليمان فرنجية في اللائحة البطريركية أو غيابه عنها، إذ رجّح إعلاميون قبل زيارة الراعي الفاتيكان ثم باريس وجوده في اللائحة فيما أكد آخرون غيابه عنها، علماً بأن الفاتيكان أرسل قبل مدة قصيرة رسالة الى ماكرون لم يطلب منه فيها التخلّي عن فرنجية. واللافت أيضاً أن الإعلاميين اللبنانيين العاملين في باريس ومن منهم على اتصال مهمّ بالديبلوماسية الفرنسية لم يستفيضوا في الحديث عن نتائج محادثات سيّد بكركي مع سيّد الإليزيه، وقبله مع بابا الكاثوليك في العالم على عادتهم، ولم يعطوا معلومات دقيقة ومفصّلة كالتي اعتادوا تزويد الإعلام المحلي المتنوّع الذي يعملون معه في بيروت بها. اللافت أخيراً، استناداً الى معلومات جهات لبنانية معنية بالاستحقاق الرئاسي وبإيصال المرشّح فرنجية الى قصر بعبدا هو أن زيارة الراعي لم تنجح في تغيير موقف الرئيس الفرنسي ماكرون المؤيّد أو بالأحرى الميّال الى تأييد فرنجية للرئاسة. كما تردّد أن سيّد الإليزيه سأل سيّد بكركي في أثناء الحديث: “أليس هذا المرشّح أي فرنجية على اللائحة التي قدّمتها لي؟”. وعنى ذلك أن فرنجية في رأي بكركي مؤهّل مثل الآخرين الموجودين على اللائحة للتربّع على كرسيّ الرئاسة في قصر بعبدا. وعنى ماكرون بذلك وإن تلميحاً أن ميل العاصمة الفرنسية لفرنجية لم يخفّ أو لم يتراجع. وتردّد في الوقت نفسه أن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لم تحقق له زيارته لباريس التي سبقت زيارة الراعي بأيام الهدف الذي أراد تحقيقه وهو إقناع الرئيس ماكرون بإقصاء فرنجية عن الرئاسة، علماً بأن اجتماعاته فيها شملت مسؤولين مساعدين لماكرون ولا سيما في متابعته ملف رئاسة لبنان. وقد سمع منهم كلاماً مشابهاً لما سمعه بعده بأيام سيّد بكركي مثل: “أليس المرشّح فرنجية على لائحة أسماء الشخصيات المؤهّلة لتبوّء رئاسة لبنان التي سيحملها البطريرك الراعي؟”. كما سمع انطلاقاً من ذلك استمراراً للموقف الإيجابي وإن غير الرسمي حتى الآن والمباشر من انتخاب فرنجية رئيساً. لهذا السبب يقول المتابعون اللبنانيون من قرب لبكركي وللحركة الرئاسية الفرنسية كما المتابعون من قرب أيضاً لـ”الثنائي الشيعي” حسم رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أمره وعاد الى لبنان مع قرار إيجابي بترشيح جهاد أزعور الموظف الكبير في صندوق النقد الدولي لرئاسة لبنان. وقد عبّر عن ذلك في اجتماعات لمسؤولين كبار في حزبه وباتصالات قام بها مساعدوه مع “حزب القوات اللبنانية” و”حزب الكتائب” ومع الحلفاء من النواب غير المنضوين الى أحزاب. طبعاً رحّب رئيسا الحزبين بذلك لكنهما والآخرين لن يبادروا الى اتخاذ أي موقف حاسم قبل التأكد من نهائية موقف باسيل ولا سيما بعدما نقل الإعلام عنه حرصه على التفاهم مع “حلفائه” الجدد الذين كانوا أعداء له ولحزبه على مرحلة ما بعد انتخاب أزعور رئيساً، أي مرحلة تكليف من سيؤلّف تشكيل حكومة جديدة ونوعية الحكومة وحصص الأحزاب المسيحية وحلفائهم فيها، كما مرحلة ملء الشواغر الأكثر أهمية في الدولة ولا سيما من المسيحيين وفي مقدمها حاكمية مصرف لبنان. وهذا أمرٌ غير سهل لأن الثقة أساساً مفقودة بين باسيل و”أعدائه” الذين صاروا أو على أهبة أن يصيروا حلفاء له وخصوصاً بعد رفض الرئيس عون راعي باسيل بعد انتخابه بتسهيل من المسيحيين (وتحديداً حزب القوات اللبنانية) التزام ما كان تم التفاهم عليه في معراب. فهل يعني ذلك أن باسيل لم يحسم أمره نهائياً وأنه قد يحاول مرة أخيراً إقناع “حليفه” الأول وربما القديم بدفع السعر الكبير الذي يريده للوقوف الى جانبه وهو إبعاد فرنجية وقائد الجيش؟ أم يعني انتهاء “تفاهم مار مخايل” واستشراء العداء بين طرفيه؟

Leave A Reply