اللبنانيون اليوم على أبواب الدخول في مرحلة رفع التعرفة على الانترنت في ظل انهيار هذا القطاع واستمرار سوء الخدمة المقدمة إلى المشتركين. بعد التخوف من ارتفاع تكاليف الخدمة إلى أرقام غير مسبوقة، هناك فعلاً اتجاه جدّي إلى رفعها حوالي ٧ أضعاف ما يؤدي إلى زيادة الأعباء مقابل القدرة المحدودة لدى الناس على دفع هذا المبلغ الذي يصبح خيالياً مقارنة بالوضع المعيشي الصعب الذي يعيشونه.
وكان لافتاً ما أعلنه وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم عن دراسة جدية لمضاعفة تعرفة خدمة الانترنت ٧ مرات، مشدداً على أن “لا حل جذرياً لقطاع الاتصالات الا عبر تطبيق القانون 431 وإنشاء شركة LIBAN TELECOM وهي شركة مشغلة ثالثة كـ ALFA وTOUCH”. وأعرب في حديث اذاعي عن تفاؤله بوضع قطاع الاتصالات على مسار الحلحلة، مشيراً الى أن “الوعود بصرف المال أكثر جدية اليوم مما مضى، وسوف تدخل حيز التنفيذ بين اليوم والغد”. وأوضح أن “زوال خطر انقطاع الاتصالات مربوط أولاً بصرف أموال الصيانة التي سيدفع جزء منها الآن، ويبلغ ١٣ مليون دولار، على أن يتمّ استكمال المبلغ وصولاً الى ٢٦.٥ مليوناً، الأمر الذي يحل أزمة الصيانة على مدى ستة أشهر، أمّا الشقّ الثاني لإبعاد شبح الانقطاع، فهو متعلّق بالزيادات التي أقرّت للموظفين وضرورة انعقاد جلسة تشريعية لصرفها”. ولفت الى أن “مبلغ الـ ١٢٩ مليار الذي أقر ودفع أمس هو من ضمن مستحقات قديمة للموظفين”.
على عكس تفاؤل الوزير، رأى الخبير في الاتصالات والمعلوماتية عامر طبش أن “الرقم المقترح لرفع تعرفة الانترنت بين ٦ و٧ أضعاف مبدئي لخدمة الاشتراك في الـ DSL والـ Fiber بغض النظر عن اشتراكات خطوط الـ E1 وهنا تكمن الكارثة الحقيقية. هناك تسريب معلومات أن هذه الزيادة على أوجيرو فقط، وأن ألفا وتاتش لن تتأثرا، بمعنى أن لا زيادة على تعرفة الـ E1 وهو الخط الذي يأخذونه على اللبناني ويبيعون منه الانترنت على الدولار، ولكن حتى الآن لا يوجد شيء واضح، هل برفع تعرفة أوجيرو سترفع الشركات الخاصة أسعارها مثلاً؟ حتى الآن ليس هناك تعليق من الأخيرة على الموضوع، ولكن الأكيد هو رفع تعرفة الـ DSL والـFiber من ٦ إلى ٧ أضعاف، أي الاشتراك الذي كان بـ٢٠٠ ألف ستصبح تكلفته مليوناً و٤٠٠ ألف”.
وقال في حديث عبر موقع “لبنان الكبير”: “لا أعتقد أن هناك رفع تعرفة بـ٧ أضعاف على الـE1، على الرغم من أن المدير العام لهيئة أوجيرو عماد كريدية ألمح في مقابلته عبر موقع لبنان الكبير منذ يومين الى أنه لا يملك المال لشراء المازوت، إضافة إلى أنهم لا يملكون المال لدفع تسعيرة الساعات الدولية للشركات العالمية، وبالتالي هذه الساعات الدولية تقوم أوجيرو بتوزيعها في لبنان عن طريق اشتراكات الـE1، وفي حال كان مصرف لبنان لا يملك القدرة المادية على دفع أُجرة الساعات الدولية عن الدولة، فسيضطرون إلى اللجوء لطريقة (اللم من السوق)، فيرفعون تكلفة الـE1 وحكماً بعدها تقوم الشركات الخاصة وألفا وتاتش برفع أسعارها، وللأسف المواطن سيتحمل عبء هذه الأخطاء بدل أن تبحث الدولة عن حلول لتغطية الصيانة والمازوت ورواتب الموظفين”.
وذكر طبش بأن “أول سلفة عاجلة للمازوت عندما أقرت قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون، كان سعر طن المازوت ١٢٠٠ دولار، بينما اليوم سعر الطن لا يتجاوز الـ ٧٠٠ دولار، أي أقل بنسبة ٥٠ في المئة، فلماذا لم نلحظ أي تراجع في الأسعار؟”، مشيراً الى أن “المشكل الأساس هو في المازوت، والذي يتسبب بكل هذه الزيادات، ونقول اننا شهدنا عملية تعديل أسعار عند كل إرتفاع وانخفاض للمازوت. اليوم كهرباء لبنان تأتي حوالي ٤ ساعات وانخفض المازوت بما يقارب ٤٥٪، فأين انخفاض الأسعار خصوصاً في ألفا وتاتش؟ يعني كل ما يحصل غير مبرر، وليس منطقياً تحميل المواطن أخطاء الدولة يا معالي الوزير!”.
أما بالنسبة الى رواتب الموظفين، فأكد طبش أن “ما يحصل لا يزيد من معاشات الموظفين شيئاً، وبقرار واحد من مصرف لبنان لأخذ الرواتب على صيرفة ٨٤ ألفاً، وكل موظف كان يحلم بالـ ١٠٠ دولار زيادة، طارت من دون أن يشعر بها، وعليه لو مهما كانت الزيادة كبيرة لموظفي أوجيرو، إذا لم يتم خفض سقف صيرفة، فلن يستفيدوا بشيء، وزيادة التعرفة ٧ أضعاف تسهل الأمور لـ ٥ أشهر تقريباً فقط”، معتبراً “أننا ذاهبون إلى تدمير كامل لقطاع الاتصالات، والوزير جوني القرم إلى جانب مستشاريه يقومون بإنشاء مؤسسة كهرباء لبنان رقم ٢، قطاع غير منتج، مديون، فاشل، لا يملك القدرة على الصيانة، ولا إعطاء قطاع الاتصالات حقه! فعلاً، لا يمكننا استيعاب فكرة أن قطاعاً كهذا يعتبر ذهب لبنان وبتروله يصل إلى مرحلة فساد لم يسبق أن واجهتها هذه الوزارة من قبل، وسقى الله أيام وزراء الاتصالات السابقين”.
وسأل “لماذا لا نستخدم الموتورات الحديثة الوفيرة التي لا تصرف المازوت؟ أين الطاقة الشمسية؟”، معرباً عن أسفه لأن “الوزير لا يتقبل آراء الآخرين وأساساً لا يستقبل أحداً إلا من جهته السياسية!”.
أضاف: “ليس معقولاً أن مبنى تاتش العملاق لم يتزين حتى اليوم بألواح الطاقة الشمسية، وموقف السيارات المُستأجر من تاتش على يمين المبنى يحق له وضع ألواح طاقة شمسية ضخمة من دون الحاجة إلى أي رخصة وخصوصاً أنه مكشوف من كل الجهات، ويمكن أن يعطي كمية هائلة من الطاقة في اليوم. للأسف هذه الأفكار التوفيرية وغيرها لم نسمعها لا من الوزير ولا من غيره. واليوم يقومون بزيادة أعباء على المواطن من دون أي خطة مستقبلية، وفي العام ٢٠٢٣ وفي ظل كل التطور في عالم التكنولوجيا والانترنت في العالم لا نزال في لبنان نسأل عن تعبئة المازوت ومشكلة الصيانة”.
الوضع حرج جداً، دخلنا في مرحلة الخطر وأصبح من الضروري جداً إيجاد حلول منطقية وليس ترقيعية لاعادة الانتظام المالي الى مؤسسة “أوجيرو”، والسماح لها بأن تقوم بدورها من ناحية صيانة قطاع الاتصالات وتطويره، من دون تحميل المواطن أي تكاليف إضافية لا ذنب له فيها.
راما الجراح