صلاح سلام – اللواء
بدأ العد العكسي لأول جولة إنتخابية رئاسية في طبعتها الجديدة، بعد إنسحاب النائب ميشال معوض لمصلحة الوزير السابق جهاد أزعور، بتأييد تجاوز الخمسين صوتاً حسب التقديرات الأولية، مقابل إستنفار فريق الممانعة لتجميع أكبر عدد من الأصوات النيابية، وإستمالة النواب المترددين في حسم خياراتهم للتصويت لفرنجية.
مسارعة الرئيس نبيه برّي إلى تحديد موعد الجلسة المقبلة في ١٤ نيسان، قطع الطريق على المزايدين بحجة إغلاق أبواب المجلس النيابي، كما أدت خطوة برّي إلى رمي الكرة إلى فريق المعارضة ليُثبت قدرته على إيصال مرشحه إلى نهاية السباق الرئاسي.
ولكن إذا بقيت موازين القوى بين فريقي المعارضة والممانعة على ما هي عليه اليوم، فهذا يعني أنه من الصعوبة بمكان أن تُسفر الجلسة المقررة الأسبوع المقبل عن إنتخاب الرئيس العتيد. حيث من المتوقع أن يعمد فريق الممانعة إلى تطيير النصاب، بعد الجولة الأولى للتصويت، والتي من المرجّح أن تستعيد مشهد الورقة البيضاء الذي كان مهيمناً على جلسات السنة الماضية.
وعلى خلفية إستمرار الإنقسام العامودي في البلد، وتجنب وصول تحدٍ من هذا الفريق أو ذاك، تأخذ المساعي التي يبذلها البطريرك الراعي، بعد عودته من الفاتيكان وباريس، مع كل الأطراف المعنية للتوصل إلى الحد الأدنى من التوافق الوطني، تمهيداً لوصول رئيس توافقي إلى قصر بعبدا، يحظى بأوسع تأييد سياسي وشعبي ممكن، مما يساعد على تخفيف أجواء الإحتقان والتشنج السائدة حالياً، ويفتح الطريق أمام إطلاق ورشة إصلاحية ضرورية للولوج إلى مرحلة الإنقاذ الفعلي.
زيارة الموفد البطريركي إلى الضاحية ولقائه أمين عام حزب الله، هي الخطوة الأولى على طريق الوفاق الصعبة، والمحفوفة بشتى أنواع الألغام والصعاب، بسبب مناخات التشنج والتصعيد المحيطة بالمناخ السياسي في البلد.
غير أن مهمة البطريرك ليست مستحيلة، إذا تخلت القيادات السياسية والحزبية عن متاريس المخاصمة والمعاندة، وعادت إلى نهج الواقعية السياسية في قراءة أبعاد مرحلة التفاهمات الصاعدة في المنطقة، والتي طوت عقداً من الخلافات والمواجهات الدامية، وأخمدت نيران حروب أشعلت أكثر من بلد عربي.
فإذا كانت بلدان الإقليم تتجه إلى إنهاء خلافاتها، وتصفير الأزمات في المنطقة، كما يقول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فهل يجوز أن تبقى الأحزاب اللبنانية على تجاهلها بما يدور حولها، وتصر على البقاء في ظلمات صراعاتها الأنانية والشخصية؟
مبادرة الراعي فتحت قنوات الحوار بين مختلف الفرقاء، ومن شأن إستمرارها أن تحقق خرقاً في الجدار الرئاسي المسدود، وصولاً إلى الحد المعقول من التوافق.
فهل يكون سيد بكركي بطريرك التوافق في زمن التباعد؟