عبد الكافي الصمد – سفير الشمال
قبل أن يجفّ حبر بيان إعلان قوى المعارضة تقاطعها على دعم وزير المالية السّابق جهاد أزعور لمنصب رئاسة الجمهورية، ظهرت التناقضات في المواقف من هذا الدعم بين صفوفهم، ما كشف أنّ هذا الدعم الذي جرى تركيبه على عجل، لم تقتنع به أطياف هذه المعارضة، كل منها لأسبابه ودوافعه، وجعل استهداف الفريق الآخر المناوىء لقوى المعارضة ولمرشحها المفترض سهلاً ويسيراً.
أبرز نقاط هذه التناقضات ومكامن الضعف في ترشيح أزعور من قبل قوى المعارضة يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
أولاً: سقط إحتجاج قوى المعارضة على ترشيح رئيس تيّار المرده سليمان فرنجيه، لأنه بزعمها لا يحظى بحيثية سياسية وشعبية واسعة، بعدما تبنّت ترشيح أزعور الذي لا يحظى بأيّ حيثية سياسية وشعبية، ما أظهر أنّ سعيها لقطع الطريق على فرنجيه ومنعه من الوصول إلى قصر بعبدا هو هدفها الرئيسي والوحيد.
ثانياً: أخذت المعارضة على فرنجيه أنّه أحد أركان السّلطة والمحاصصة، برغم أن بعض أركان هذه المعارضة غارقة في هذه التهم. لكنّها تبنّت بالمقابل ترشيح أزعور المتهم بأنّه حينما تسلم حقيبة وزارة المالية، بين عامي 2005 ـ 2008، إفتتح زمن الإنفاق من خارج الموازنة، بإيعاز ودعم من مرجعيته رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السّنيورة، وهو زمن ما يزال مستمراً حتى اليوم.
ثالثاً: دفع تبنّي المعارضة أزعور للرئاسة الأولى تساؤلات في مختلف الأوساط بلا استثناء، من أبرزها أنّه إذا كان واضع السياسات المالية بعد العام 2005 هو الخلاص بنظر البعض، والمقصود أزعور، فإنّ رياض سلامه يكون حينها هو الأفضل لرئاسة الجمهورية، وليس أزعور.
رابعاً: أخذ البعض ضمن قوى المعارضة على فرنجيه أنّه لم يعلن ترشيحه، بل أعلنه قبل ذلك الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل، وهو مأخذ ينطبق على أزعور وليس فرنجيه، فالأخير أعلن ترشيحه مراراً، بينما أزعور ما يزال يلتزم الصمت، ما دفع بعض نواب المعارضة إلى التساؤل باستنكار: كيف ننتخب شخصاً لم يعلن ترشيحه، ولم نجتمع به، ولم يعلن برنامجه الرئاسي؟
خامساً: ما يزال أزعور حتى اليوم، على بعد أسبوع من موعد إقتراع نوّاب المعارضة له في جلسة الإنتخابات التي حدّدها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في 14 حزيران الجاري، يحاذر التصريح بأيّ موقف أو أن يجاهر بأيّ لقاء سياسي مع النوّاب الداعمين له، بحجّة أن موقعه الوظيفي في البنك الدولي يمنع عليه ذلك، أيّ أنّه ليس مستعداً لكي يضحي بموقعه من أجل منصب رئاسة الجمهورية، وبأنّه يُقدّم مصلحته الخاصّة على أيّ مصالح أو اعتبارات أخرى.
سادساً: سبق إعلان المعارضة تبنيها أزعور الإشادة به وبخبرته المالية والإقتصادية، وبأنّها ستساعد لبنان في الخروج من أزماته. لكن كيف يستقيم ذلك والرجل يتحمّل وزر هذه الأزمات، أو بعضها، وكيف يمكن الركون إلى مرشّح لم يعلن برنامجه ولا خطته الإقتصادية ليُبنى على الشيىء مقتضاه، ولم يعلن موقفه من إعادة الودائع إلى أصحابها، ولا إعادة الأموال المنهوبة والمهرّبة إلى الخارج، ولا غيرها من القضايا والأزمات المالية والإقتصادية العديدة التي يفترض أنّها في صميم علمه وعمله وخبرته.