عبد الكافي الصمد – سفير الشمال
عندما تقاطعت قوى المعارضة على دعم وزير المالية السّابق جهاد أزعور في استحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية، وتحديداً التيّار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية، تبادر إلى أذهان كثيرين أنّ الثنائي المسيحي الأقوى تمثيلاً نيابياً على السّاحة المسيحية، يحاولان إحكام قبضتهما وفرض قرارهما على بقية المكونات السّياسية المسيحية، في محاولة منهما لتقليد الثنائي الموجود على السّاحة الشيعية، حزب الله وحركة أمل.
لكن نسي من تخيّل حصول هكذا سيناريو أنّ هذا “التقاطع” بين الطرفين، التيّار والقوات، هو موقف عابر بينهما وغير ثابت، لأنّ العلاقة التاريخية بين الطرفين منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي وحتى اليوم كان الإختلاف وتبادل الإتهامات وصولاً إلى الإقتتال الداخلي، ما تسبّب بانقسام عمودي حاد في الساحة المسيحية لم يلتئم بعد.
محاولة الثنائي المسيحي التشبّه بالثنائي الشّيعي بدت فاشلة، وشابتها الكثير من الثغرات والدعسات الناقصة، خصوصا بما يتعلق بالإنتخابات الرئاسية، عندما تبين بأنّ الطرفين يعانيان من أزمات داخلية ومن أزمات في العلاقة مع الآخرين، وتحديداً من يعتبرونهم حلفاء، أو من يضعون أنفسهم على الحياد.
رئيس التيّار الوطني الحرّ أكد بعد اجتماع المجلس الوطني في التيّار البرتقالي “إلزامية تصويت جميع النوّاب” لأزعور، في خطوة بدت بمثابة ضغط إضافي يمارسه باسيل على نوّاب التيار المعترضين على تبنّي ترشيح أزعور، حيث أفادت معلومات أنّ عدد هؤلاء النوّاب بين 5 الى 6، إنطلاقاً من مواقف سياسية مسبقة ومن حسابات إنتخابية لاحقة، ما سيحدث تصدّعاً في داخل صفوف التيّار لن يكون من السهولة بمكان بعدها إعادة رأبه.
ولم يكتفِ باسيل بالطلب من نوّابه التشديد على التصويت لأزعور في جلسة يوم الأربعاء المقبل، في 14 حزيران الجاري، بل رفض “أيّ خيار آخر، أو أيّ عذر”، مبدياً إمتعاضه “من أن يظهر أيّ نائب خروجاً على قرار القيادة وإرادة القاعدة”، ما يظهر أنّ باسيل يمارس “آحادية” واضحة في قيادة تيّاره أفضت خلال أكثر من محطة في المرحلة الأخيرة في خروج نوّاب وقيادات وكوادر من تحت عباءة التيّار، وشنّهم حملات إنتقادية قاسية على باسيل، تنذر بأنّ الآتي من الأيّام سيكون صعباً عليه لا محالة.
في المقلب الآخر، لا يبدو الطرف الثاني في الثنائي المسيحي أفضل حالاً. إذ وصل الأمر إلى أن يوجّه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إتهامات إلى النوّاب ممّن يُحسبون على المعارضة المفترض بأنّهم حلفاء له، من تغييريين ومن مستقلين، الذين قد يقترعون بورقة بيضاء أو لغير أزعور أو فرنجية، بأنّهم “يعطّلون الإستحقاق الرئاسي بالإشتراك مع محور الممانعة”، معتبراً أنّ “طروحاتهم عجيبة غريبة”، برغم أنّه قد أعلن ذهاب حزبه إلى “أقصى حدود الإيجابية”.
ممارسة الثنائي المسيحي، كلّ لحساباته، الضغوط على الملتزمين الحزبيين والحلفاء، وصولاً إلى الخصوم، يدفع إلى التساؤل، ماذا سينتج ذلك من تداعيات، الأمر الذي يستدعي مراقبة ومتابعة وانتظاراً حتى بعد غد الأربعاء ليُبنى على الشيء مقتضاه.