غسان ريفي – سفير الشمال
تكرس جلسة الأربعاء النيابية لانتخاب رئيس للجمهورية الانقسام العمودي معطوفا على الفرز الطائفي في البلد، بدل أن يخرج من قبتها الدخان الأبيض إيذانا بانتهاء الشغور والبدء بإنتظام الحياة السياسية بعد فوضى تحول لبنان بأكمله الى “حارة كل مين إيدو إلو”.
هذا الانقسام، يشير الى إستحالة إنتخاب رئيس للجمهورية، وأن الشغور سيتمدد طالما لا يوجد توافق على مرشح تسوية، ومن ينظر الى تركيبة المجلس النيابي وخلافاته وصراعاته وتجاذباته وغياب القواسم المشتركة بين الكتل يدرك أن الأمل يكاد يكون مفقودا في إيصال رئيس الى قصر بعبدا.
أمام هذا الواقع، تعلو الأصوات التي ملّت التجاذبات والتعطيل والفراغ، مطالبة بتعديل الدستور وإنتخاب رئيس الجمهورية من الشعب بما يحول دون حصول أي شغور، أو بحل مجلس النواب وإجراء إنتخابات جديدة وفق قانون إنتخابات عصري يُنتج أكثرية وأقلية تستطيع أن تمارس حياتها السياسية الطبيعية بين موالاة ومعارضة كسائر البلدان الديمقراطية.
واللافت، أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع سبق وتوافقا عن بُعد، بأن رئيس الجمهورية العتيد يجب أن يكون قويا في طائفته ولديه حيثية مسيحية وتمثيلا شعبيا وازنا، فإذ بهما يتقاطعا على الوزير السابق جهاد أزعور الذي يُعتبر “مقطوعا من شجرة” سياسيا وشعبيا، وبمقارنة بسيطة مع رئيس تيار المرده سليمان فرنجية فإن كتلته النيابية حازت على أكثر من خمسين ألف صوت، وهو يمتلك الحيثية والتمثيل والأقدمية بالترشيح والاعتراف البطريركي بأنه واحد من القيادات المارونية الاربعة الأساسية، وقد جاءت الذكرى الـ 45 لمجزرة إهدن أمس الأول الأحد لتؤكد أن تأييد ودعم فرنجية يمتدان على مساحة الوطن ككل.
هذا على صعيد الأشخاص المرشحين، أما لجهة الكتل النيابية الداعمة لكليهما، فثمة فارق كبير جدا في التمثيل الشعبي بين الفريق الداعم لفرنجية وبين الفريق المتقاطع على أزعور يصل الى حدود 200 ألف صوت لمصلحة فريق فرنجية الذي بات يتقدم بالحيثية الشخصية مسيحيا وشعبيا على أزعور الذي لا يمتلك مطلق تمثيل، فيما يتقدم الفريق الداعم للأول بالتمثيل الشعبي على الفريق المتقاطع على الثاني، ما يشير الى أن الفريق الداعم لأزعور يناقض نفسه، وهو لا يشكل له خيارا، بل حاجة كونه المرشح الوحيد الذي يمكن التوافق عليه طائفيا ليس للوصول الى الرئاسة بل لقطع طريق فرنجية الى قصر بعبدا.
وبحسب مدير “المؤسسة الوطنية للدراسات والاحصاء” الدكتور زكريا حمودان ان الاشكالية العددية تنقسم الى قسمين:
ـ القسم الاول هو عبارة عن اصوات ينالها المرشحون في مجلس النواب، وهي عبارة عن اصوات النواب الـ 128 بحيث يُعتبر صوت النائب الذي نال 79 صوتا ونجح في الانتخابات بفعل خصوصية القانون الانتخابي ولاسباب طائفية، موازيا لصوت النائب الذي نال اكثر من 48 الف صوت تفضيلي.
ـ القسم الثاني إمتلاك المرشح سليمان فرنجية أكثر من 51% أي أكثر من 630 الف صوت من الاصوات التفضيلية التي نالها النواب الداعمون له، مقابل قرابة 34% من الاصوات التفضيلية التي نالها النواب المتقاطعون على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور والتي لا تتعدى الـ420 الف صوت، إضافة الى قرابة 15% المتبقية تعود لاصوات تفضيلية نالها نواب غير داعمين لاي من الخيارات المطروحة حتى الآن. ما يشير بوضوح الى وجود فارق بأكثر من 200 الف صوت لصالح داعمي المرشح سليمان فرنجية.”
وإن كان النظام اللبناني برلماني يتم من خلاله إنتخاب الرئيس من النواب، فإنه لا يمكن تجاهل تمثيلهم الشعبي، فإذا كان هؤلاء يستمدون نيابتهم من الشعب اللبناني ويريدون الوقوف عند إرادته وإحترامها فمن الصعب أن يقبلوا بمصادرة أصوات الناس التفضيلية مقابل إرضاء إصطفاف طائفي يتناغم مع كيدية سياسية حملت البعض على التقاطع على مرشح لا يمتلك ميثاقية عددية مقابل دعم شعبي عددي وطني وجامع لسليمان فرنجية..