حسن الدر-
مستشهداً بمثل صينيّ يقول: «ماذا عن اليوم الثّاني بعد الحرب» يعطي الرّئيس نبيه برّي صورة عن المدى الّذي بلغه الإنقسام في لبنان.
تساؤلات كثيرة تحيط بجلسة الرابع عشر من حزيران الحالي، فالأجواء مشحونة ووتيرة التّصعيد السّياسيّ تزداد ضراوة كلّما اقترب موعد الجلسة، والخطر الحقيقي يكمن في أخذ الخطاب باتّجاه طائفيّ تارة وتخوينيّ طوراً.
– هل ستترك جلسة الأربعاء تداعيات على الشّارع اللّبنانيّ؟
«ان شاء الله لا»، ويردف برّي: لو افترضنا فاز فرنجيّة أو أزعور في الجلسة المقبلة في ظلّ الانقسام والتّشنّج الحاصل، كم سنأخذ وقتاً لتسمية رئيس جديد للحكومة، وكم من الوقت سنهدر لتشكيل الحكومة، «من هلق لوقتا بكون راح البلد والعوض بسلامتكم».
– وما الحلّ؟
يجيب: لا بدّ من الحوار بين جميع الأفرقاء للتّفاهم والتّوافق بالحدّ الأدنى الممكن.
– هل ستدعو إلى الحوار مجدّداً؟
سألني المطرانان عبد السّاتر والعمّار الموفدان من غبطة البطريرك الرّاعي نفس السّؤال فقلت: دعوت إلى الحوار مرّتين قبل أن أعلن موقفي بدعم ترشيح فرنجيّة، ولكن عندما تبنّيت مرشّحاً صرت طرفاً وأيّ دعوة منّي ستبدو وكأنّني أدعو الآخرين لإقناعهم بمرشّحنا، فليدعو غبطة البطريرك وأنا جاهز لتلبية الدّعوة، وعلى كلّ حال فقد عاد غبطته من روما وباريس بانطباع مماثل يحثّ على ضرورة الحوار بين اللّبنانيين.
– وماذا عن لقائكم بالسّفيرة الفرنسيّة، هل تغيّر موقف بلادها كما يُشاع في الإعلام؟
أبداً أبداً، ينفي الرّئيس برّي، ثمّ يؤكّد بأنّ الدّول الخمس الّتي اجتمعت في باريس لبحث المسألة اللّبنانيّة تريد رئيساً ولن تتدخّل أكثر من ذلك، والأسبوع المقبل سيصل «لودريان» إلى بيروت وسنسمع ما لديه، علماً بأنّ الموقف الفرنسي على حاله من فرنجيّة.
أمّا عن صديقه وليد جنبلاط، فيبتسم برّي عندما سألناه إذا كان زعيم المختارة ابتعد عنه بعد قرار كتلة اللّقاء الدّيموقراطيّ بالتّصويت لأزعور، ويقول: وليد وأنا أصدقاء منذ زمن، «مين ما سمّى ما رح يبعد عنّي»، ثمّ ينفي أن يكون تيمور جنبلاط قد طلب موعداً ولم يحدّده له، ويردف ضاحكاً: «هيدي من بركات جريدة «الأخبار» عليي، وحاطينها بالمانشيت كمان».
بالعودة إلى جلسة الأربعاء يؤكّد الرّئيس برّي المضي فيها والتّصويت لفرنجيّة مهما كانت نتائج الجلسة الأولى، ويلمّح إلى أنّ الجلسة الثّانية لن تنعقد، لأنّ أيّ فريقا يشعر بخطر الخسارة سيطيّر النّصاب، وهذا حقّ دستوريّ لكليهما.
وعن سبب امتناعه عن عقد جلسات مفتوحة يقول: «عنا كتير تشريعات ضرورة، إذا ما عملنا جلسة تشريعيّة في ٤٠٠ ألف موظّف ما بيقبضوا آخر الشّهر وبيولع البلد، مجرّد تأمين ٦٥ نائباً سأدعو للجلسة».
– بالنّسبة إلى خطاب فرنجيّة في ذكرى مجزرة إهدن، لقد ألمح إلى احتمال انسحابه من السّباق الرّئاسي، أو هكذا فهم بعض خصومه، فما رأيكم؟
«لا أبداً مش هيك» يعلّق برّي، كلام فرنجيّة واضح وجيّد ما قاله، هو مستمرّ في ترشّحه ونحن مستمرّون في دعمه.
– ولكن دولة الرّئيس، ماذا لو حصد أزعور رقماً بفارق كبير عن فرنجيّة، ألّا يؤثّر ذلك على حظوظ حليفكم؟
«مش بالضّرورة» صحيح قد يكون هناك تأثير معنويّ على فرنجية ولكنّ ذلك لا يؤثّر عمليًّا في مآلات المعركة الرّئاسيّة.
– أين أصبحتم في احتساب الأصوات، هل أنتم مطمئنّون؟
«أنا مش عم تابع، عنا فريق عمل بيهتم بالموضوع».
– يقال بأن الورقة البيضاء ستكون مرشّحاً ثالثاً، فما رأيكم؟
– يضحك ويجيب باللّغة الإنكليزيّة «who knows»!
– هل هناك احتمال لتأجيل جلسة الأربعاء؟
الجلسة قائمة في موعدها، إلّا إذا طلب غبطة البطرك تأجيلها ووافقت باقي القوى لفتح مجال للحوار عندها أؤجّل، أمّا غير ذلك فلا..
لم يشأ رئيس المجلس البوح بأكثر من ذلك، يبدو مستاءً من أجواء الانقسام الحادّ في البلد، وفي الوقت نفسه حاسماً في خياره وقراره دعم فرنجيّة، المسألة من وجهة نظر برّي تتعلّق بمصير لبنان ووحدته، وسليمان فرنجيّة يمثّل هذه الرّوحيّة الوطنيّة في زمن تسعى فيه بعض القوى إلى فرض أمر واقع تقسيميّ بعناوين مختلفة ومضمون واحد: نحن نقرّر اسم الرّئيس وإلّا فلنفترق، وهذا وهمٌ..