الإثنين, نوفمبر 25
Banner

الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية: انتصر الرئيس بري ومد رجليه واستراح/ غسان همداني

يحكى ان غرابا وقف على صخرة في الصباح، فلما بزغت الشمس رأى ظله طويلا جدا، فعظم قدره في نفسه وظن انه من الجبارين العظام، فقال: من له هذا الحجم فيجب ان يكون غذاؤه أحد الأفيال، ثم ارتفعت الشمس قليلا فتقلص ظل الغراب فتنازل وقال: يكفيني جملا، وازدادت الشمس ارتفاعا وازداد الظل تقلصا، فقال الغراب: يكفيني اليوم دجاجة، وكلما ارتفعت الشمس يزداد الغراب تنازلا، وعند الظهر تلاشى ظله، فصاح الغراب: من لي بفأرة أو جرادة أسد بها رمقي؟!!

في لبنان توهمت بعض القوى السياسية أن حجمها كبير، فشمخت برأسها وتطاولت، ورفعت سقف خطابها، فهددت بالويل والثبور وعظائم الأمور، وبدأت بفرض شروطها متوهمة نصرا يلوح في أفق خيالها، يساعدها إعلام مأجور، وبدأت تبني قصورها على الرمال، وحددت ساعة الصفر لإعلان الفوز.

لكن حساب الحقل لم ينطبق على حساب البيدر، ومنيت هذه القوى المتوهمة بهزيمة نكراء في الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية، رغم مكابرة هذه القوى، ومحاولة اختراع فوز لها على أساس النتيجة التي حازها الوزير السابق جهاد أزعور، وهي نتيجة خيبت آمال هذه القوى لأنها كانت تراهن على حصوله على 65 صوتا كحد أدنى، وكان التوتر باديا على تصرف النائب جورج عدوان وان حاول ان يتظاهر بالهدوء، كما في تصريح رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، دون ان ننسى النواب المتغيرين وغيرهم من ايتام حراك 17 تشرين.

وفي حساب الربح والخسارة يمكن تسجيل النقاط التالية:

ــ القوات اللبنانية: فشلت كما في كل المعارك التي خاضها رئيسها في تزعم ما يسمى بقوى المعارضة، ما حدا بالدكتور جعجع لتأنيب البعض وتقريعهم، لأنهم رفضوا الانصياع لأمر اليوم الذي أصدره بالاصطفاف وراء ترشيح الوزير أزعور.

ــ نواب ما يسمى بالتغييريين: تفرقوا أيادي سبأ، وظهر التباين والانشقاق في صفوفهم، وأكبر خطيئة ارتكبها معظمهم هو الانقلاب على شعاراتهم فيما يتعلق بما يسمى” المنظومة” وشعار “كلن يعني كان”، فبعد ترشيح وزير مالية السنيورة، حصل التحالف أم ما سمي بالتقاطع والتواصل مع الوزير جبران باسيل، متناسين “الهيلا هو” واتهام العهد وصهره بالفساد.

ــ التيار الوطني الحر: يمكن اعتباره الخاسر الأكبر، فبعد النتيجة الكبيرة التي حصل عليها الوزير فرنجية، خسر محاولة ابتزاز حزب الله والرضوخ لشروطه، واهم من ذلك امتعاض قيادة الحزب من الانقلاب الذي قام به باسيل في لحظة طيش سياسي، يضاف الى ذلك بوادر انشقاق في صفوف التيار، وتململ في صفوف جمهوره، بعد الانقلاب على ادعاء الإصلاح والتغيير، وترشيح بطل قصة كتاب الاستبراء المستحيل، وهو ما ستظهر تجلياته في القريب العاجل بالرغم من استخدام رصيد الرئيس السابق ميشال عون.

ــ تحالف الممانعة: أثبت هذا التحالف قدرته على مواجهة الشدائد بصبر وعزيمة، وثبات وتماسك، وقدرة كبيرة على امتصاص الهجمات واستثمارها لصالحه، وهو ما ظهر في الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس الجمهورية.

أما الفائز الأكبر في هذه المعركة فهو دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي اثبت أنه أستاذ اللعبة الديمقراطية، ومايسترو إدارة الجلسات النيابية، والقدرة على التعامل بحكمة وروية وحنكة مع الهجمات التي طاولته، والاشاعات حول عقوبات غربية عليه، والترويج لقرب انتهاء زعامته، واستطاع الرئيس نبيه بري، الماهر في لعبة البيلياردو، ان يصيب عدة كرات بضربة واحدة، ثم ضرب بمطرقته على الطاولة معلنا انتهاء الجولة والفوز بالضربة القاضية.

انتهت الجلسة الثانية العشرة بهزيمة نكراء للقوى الغرابية، وجلس الرئيس نبيه بري مبتسما، ومد رجليه واستراح، بانتظار معركة جديدة وفوز جديد.

Leave A Reply