الجمعة, نوفمبر 22
Banner

كارمن لبس : لن أرضى بعد اليوم بأدوار ثانية

يرافق الممثلة اللبنانية كارمن لبس إحساسٌ بالغبن على درب اتخاذ القرار الحاسم: «لن أقبل باستمرار الوضع على ما هو، ولو كان الثمن البقاء في المنزل». تملك مؤهلات التصدُّر: موهبة ونضج وجمال وكاريزما، لكن الأمزجة وأهواء السوق يحدّان حجم الأدوار، فتُزجّ بما لا يرضيها. تعلن أمام «الشرق الأوسط» قلب الطاولة: «لن أوافق على شخصية خارج البطولة والدور المُركّب».

ذلك ليس منطلقه الغرور، بل تقدير النفس والثقة بالمهارة. وهي حتى الآن، لا تزال تشعر بـ«رعب الدور» ويحلّ قلق المحترفين: «هل أكون بحجم الأمانة فأؤدّي بما يليق؟»، وإن كانت تدرك الإجابة وتطمئن للمستوى والفرق.

المفارقة هو شعورها بأنها لم تبدأ بعد: «انطلقتُ في التمثيل بسنّ متأخرة نسبياً. لو ترافقت بداياتي مع هبَّة الأعمال المشتركة حالياً وفورة الانتشار، لبَصَمتُ أضعافاً. يمنحونني الآن أدواراً ثانية، وهذا ما لم يعد مسموحاً سكوتي عنه».

تشرح أنّ طموحها البطولة لا يعود إلى كونها متطلّبة ومولعة بالظهور، «بل لأنّ البطولات تحتوي على تفاصيل أكثر وتشترط التفنن في الأدوات، وسط مساحة دور بارزة. الأدوار المحدودة تُشعرني بأنني طائر مقيّد داخل قفصه، يتألم لعجزه عن التحليق. نعم، ظُلمت».

تمنّت في «بوست» على «إنستغرام» لو وُلدت ذكراً، لكانت لا تزال تؤدّي دور «البطل الحبيب». تلحق بكارمن لبس، رغم النجومية، معادلات لا تنصف نساء يهبن سنواتهنّ للفن، فتقول: «في مصر وبعض الخليج، تُعطى البطولة لنساء متقدّمات في السنّ؛ إذ يعدّهن منتجون مؤسِّسات بذلن العمر في العطاء. أسماؤهنّ تضمن بيع العمل. هنا، العكس. الرجل محرّك القصة ويخشى منتجون المخاطرة. تُقاس البطولة اليوم بمَن يملك عدداً أكبر من المتابعين في وسائل التواصل، وهذا إجحاف».

تذهب أبعد في تفنيد المسألة: «معظم ما يجري حالياً في عالم الدراما هدفه تسطيح الشعوب. يتماشى ذلك مع سيستم يتعمّد رفض يقظة العقل. على (شاهد)، تُعرض موضوعات جيدة مؤلَّفة من حلقات قصيرة. المعضلة أنها محدودة بجمهور المنصات، لا يبلغها دائماً الجمهور العريض».

لفتت الأنظار في رمضان الفائت، قصةُ حب «ليلى» (لبس) و«عمر» (سلوم حداد) ضمن مسلسل «خريف عمر». حمل الدور جمراً لم يبرد منذ الصبا. وقبله، منحت لبس مع أحمد الأحمد متابعي المسلسلات المعرّبة عن التركية زخّات عاطفية حين جمعهما الحب في «عَالحلوة والمرة». وتفرّدت بالبطولة في «أقل من عادي»، مُبديةً ودّاً عظيماً تجاه الحيوان الأليف. إذن، بإمكان المرأة في هذه السنّ أن تكون المحور.

تؤكد أنها تستطيع، والنساء في كل الأعمار لديهن حكايات لتُروى: «في (عشرين عشرين) عدتُ بدور مختلف. شكّلت شخصية (رسمية) منعطفاً، فحُمّلتُ دوراً مركباً ومساحة للظهور. عندها شعرتُ بأنّ بريق أمل يلوح، لأصطدم بعدها بتلاشي هذا الأمل. الكثير مما قدّمتُه صبّ في خانة الحاجة إلى عدم الغياب، من دون رضا واكتفاء. هذا الواقع سيتغيّر».

تقيم كارمن لبس في الذاكرة منذ دورها البديع بمسلسل «ابنة المعلم» (2005)، من كتابة منى طايع. آنذاك، كانت الدراما اللبنانية علامة فارقة، تُنتَظر وتُصدّر إلى الخارج. تصيبها حسرة المرحلة الذهبية، فتقول: «ينبغي التفكير مجدداً بوجود المسلسل اللبناني. أشعر بألم على انطفائه، مثل ألمنا على انحسار (تلفزيون لبنان). كما يحضر المسلسل المصري أو السوري أو السعودي، على المسلسل اللبناني التحلّي بحضور. كُثُر قالوا لي إنّ أولادهم أحبّوا المدرسة مجدداً تأثراً بـ(ابنة المعلم). تلك كانت مسلسلات اجتماعية مؤثرة».

لم تُرِحها أجواء التلفزيون بُعيد خطواتها الأولى، فتروي: «فضّلتُ الهرب. لم أملك قدرة على المواجهة، ولم أتحلَّ بقوة كافية تخوّلني فرض نفسي. ذلك أخَّر انطلاقتي التمثيلية وفوَّت عليَّ أدوار البطولة على مستوى قصص الحب. سلّمتُ مراراً بأدوار لم تُشبعني من الداخل، بمثابة ضريبة لانطلاقتي المتأخرة. اليوم، كفى».

بنبرة حاسمة، تعيد التموضع: «لن أقبل بالحلول ضيفة شرف على المسلسلات، ولا بالأدوار الثانية. ولّى زمن القبول بما لا أستحق. شخصيات البطولة والأدوار المهمّة وحدها ستعيدني إلى الشاشة. بتُّ على ثقة بأنّ مجرّد قبولي بدور ثانٍ أو ثالث، سيتكرّس ليصبح عادة ولن يراني أحد في مكاني الصحيح».

ألا تخشين من أن يُفهم القصد تهديداً أو استفزازاً، فتُستبعد وتحوم حولها سلطة الـ«فيتو»؟ تجيب بأنها سبق واستُبعدت لعامين: «اتُّهمتُ بأنّ أجري عالٍ، وهذا ادّعاء مقارنة بأجور نجوم الصف الأول. حينها، شككتُ بنفسي وتساءلت: هل يعقل أنني ممثلة غير جيدة، فلا أُطلَب؟ إلى أن بلغتُ هذه قناعة: (آخر همّي!). رائع إن مثّلتُ ما يليق، وإلا فالانكفاء أفضل».

لن تخرج كارمن لبس إلى الملأ لتقول «أودّ الاعتزال»، لكنها هذه المرة واثقة بخيارات قد تكلّفها باهظاً: «تكفيني خيبة التلفزيون في بداياتي، حتى أجدني في خيبة أخرى. الدور الذي يحجّم طموحاتي، مرفوض بعد اليوم، ولو اضطررتُ إلى البحث عن مهنة بديلة. لا أريد للشغف في داخلي أن ينطفئ. فليبقَ مشتعلاً وإن مكثتُ في بيتي».

فاطمة عبد الله – الشرق الأوسط

Follow Us: 

Leave A Reply