كتبت صحيفة النهار تقول: من محطة باريس الى محطة طهران، بدت غالبية الأوساط السياسية اللبنانية كأنها في ساحة ترقب للخارج المؤثر على مجريات الازمة الرئاسية عبر رصد المعطيات التي يمكن ان تحمل جديدا ما يدفع بالازمة نحو الخروج من الانسداد المتواصل والاخذ في تعقيد تصاعدي. اذ انه غداة اللقاء الذي جمع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قصر الاليزيه الجمعة، والذي كان الملف اللبناني بين ملفات قليلة غير العلاقات الثنائية حظي باولوية لافتة في المحادثات، استقطبت امس أيضا زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى العاصمة الإيرانية، بالاهتمام اللبناني كونها الأولى لوزير خارجية سعودي لإيران منذ أعوام عدة وثمة ترجيحات بان تكون محادثات بن فرحان مع المسؤولين الإيرانيين تطرقت الى ملفات المنطقة الساخنة ولبنان من بينها.
ولكن من الواضح ان أي معطيات تفصيلية عن هاتين المحطتين وما يمكن ان يطاول لبنان بعد كل منهما لن تظهر بسهولة. ولكن ما يعول عليه كثيرون هو ان يحمل الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان معطيات وتوجهات جديدة لدى زيارته لبيروت التي يصلها الأربعاء المقبل بحيث يشرع في اجراء لقاءات مع مختلف المسؤولين الرسميين والسياسيين والقوى يفترض ان تضيء على طبيعة المقاربة الفرنسية الجديدة حيال لبنان.
عشية موعدي انعقاد الجلستين التشريعية والحكومية في الأسبوع المقبل اجتمع رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وكان عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية.
وفي هذا الاطار أعلن عضو “تكتل لبنان القوي” النائب سليم عون، ان “التيار الوطني الحر” لم يحسم قراره بعد من المشاركة في الجلسة التشريعية الاثنين المقبل ولكن ثمة أمورا طارئة وإذا كان الحل متعذرا لرواتب القطاع العام فان الحضور ضروري، ولكن بجدول اعمال محصور ببندين وليس فضفاضا . وعلق على اقتراح نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب القيام انتخابات نيابية مبكرة كمخرج للاستحقاق الرئاسي، ان “شيئا لن يتغير من خلال هذه الخطوة”. وكشف ان نائبا واحدا من تكتل لبنان القوي لم يلتزم بخيار أزعور في الجلسة الثانية عشرة، وهو نفسه من سيعلن ذلك لاحقا.
اما الموقف اللافت الذي استرعى الاهتمام فتمثل في انتقاد حاد ل”حزب الله” وجهه عضو تكتّل “لبنان القوي” النائب سيزار أبي خليل . فهو اعتبر “الكلام عن وحدة التيّار استهدافا له وهو تيار متماسك، وموحّد والتصاريح كذّبت الاشاعات التي انتشرت”. واكد ان “الأصوات الـ59 التي نالها جهاد أزعور كانت مرشّحة للارتفاع أكثر وتسخيف التقاطع بغير مكانه، وتقاطعنا على شخصية لديها المؤهلات لاخراج البلد مما هو فيه”. وأضاف، “بقاء الوزير فرنجية مرشّحًا لرئاسة الجمهورية يقابله بقاء جهاد أزعور كمرشّح شرعي وطبيعي “وهو جاب عدد أصوات أكبر”. ورأى أنّه “بدلًا من الاحتفال بانتصارات وهمية علينا الذهاب للتحاور والنقاش والاتفاق على خارطة طريق”. وعن “حزب الله”، قال أبي خليل: “وقفنا وقفات كبيرة مع حزب الله كلّفتنا كتير وكلّفتنا جماهيرية”.
وتابع، “لا يمكن المقارنة بين الرئيس عون الذي كان يملك كل الشرعية عند انتخابه وبين انتخابات اليوم لمرشّح “جُيرت له الشرعية”.
في غضون ذلك أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في اختتام سينودس أساقفة الكنيسة المارونية، وبمناسبة مرور ١٥ سنة على انطلاق اعمال المؤسسة المارونية للانتشار في لبنان وبلدان الانتشار، ان “أمام الواقع السياسيّ الشاذ الذّي يمرّ فيه لبنان، بحيث تتهدّم مؤسّساته الدستوريّة ويُفقّر الشعب ويُهجّر إلى بلدان أخرى يلجأ إليها حاملًا جراحه، ترى الكنيسة نفسها مصابة في صميم فؤادها وإيمانها بابن الله الذي بتجسّدِه والفداء صار قريبًا من كلّ إنسان. فلا يحقّ لنا كأساقفة أن نصمت عن المظالم، بل علينا أن نتسلّح بالجرأة ونعطي صوتًا لمن لا صوت لهم، ونعيد دائمًا صرخة الإنجيل في الدفاع عن المستضعفين في هذا العالم والمهدّدين والمحتَقرين والمحرومين من حقوقهم الإنسانيّة.”
أضاف: “وفيما شعبنا يعيش مأساته الإقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة والإجتماعيّة، جاءت جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي بكيفيّة إيقافها عن مجراها الدستوريّ والديمقراطيّ، لتزيده وتزيدنا ألـمًا معنويًّا، وتجرحنا في كرامتنا الوطنيّة، وتخجلنا بوصمة عار على جبيننا أمام الرأي العام العالميّ، لا سيما والجميع يتطلّعون إلى لبنان بأمل انتخاب الرئيس، لكي يتمكّن من الخروج من أزماته”.وختم: “أمّا من جهتنا فلا نفضّل أحدًا على أحد، بل نأمل أن يأتينا رئيس يكون على مستوى التحديات وأوّلها بناء الوحدة الداخليّة، وإحياء المؤسّسات الدستوريّة، والمباشرة بالإصلاحات المطلوبة والملحّة.
وكان سينودس أساقفة الكنيسة المارونية الذي انعقد في دورته العادية من 7 إلى 17 حزيران الجاري في الكرسي البطريركي في بكركي اصدر في ختام اجتماعه، بياناً تناول الشأن العام، ودعا “السادة النواب إلى القيام بواجبهم الوطني والدستوري وانتخاب رئيس للجمهورية، ثم الإسراع في تشكيل حكومة مؤهلة وقادرة تمتلك برنامجًا إصلاحيًا ديناميًا بحيث يكتمل عقد السلطات ويتأمّن توازنها وتعاونها بإرادة وطنية جامعة….يؤيد الآباء تأييدًا كاملاً مواقف أبيهم صاحب الغبطة والنيافة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي الذي يقوم بالمساعي الحثيثة لتعميق التفاهمات بين جميع اللبنانيين. وقد أكدت هذه المساعي من جديد على دور البطريرك المؤتمن التاريخي على كيان لبنان ووحدة أبنائه وعلى دور بكركي التي كانت وستبقى دارًا للتلاقي والحوار بين كل الأطراف اللبنانيين. ويدعونه إلى متابعة هذه المساعي لجمع اللبنانيين وإقامة الحوار فيما بينهم، حوار المحبة في الحقيقة، لأن هذا الحوار بات ضروريًا من أجل قراءة نقدية لأحداث الماضي وتنقية الذاكرة وفتح الطريق أمام المصالحة الشاملة.كما يؤكدون على تمسّكهم بالثوابت الوطنية، أي العيش المشترك والميثاق الوطني والدستور والصيغة التشاركية بين المكوّنات اللبنانية في النظام السياسي وتطبيقها بشكل سليم. فيعملون معًا على بناء دولة حديثة بكل مقوماتها، أي دولة وطنية لبنانية جامعة، دولة قانون وعدالة، دولة مشاركة، ودولة مواطنة يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، دولة تحترم تنوّع الانتماءات الدينية تحت سقف الانتماء الوطني والولاء للوطن، كما كان يردّد البطريرك الياس الحويك”.