“قراءات نقدية في الأدب الصيني” هو كتاب جديد لمنير عتيبة عن “بيت الحكمة”، وهو يكشف كنوز الأدب الصيني باللغة العربية، من خلال نقد وتحليل عشرين عملا من الأدب الصيني ما بين رواية ومجموعة قصصية.
ويأتي هذا العمل كإطلالة متميزة على الأدب الصيني الذي ظل، الى حد ما، مجهولا بالنسبة الى القارئ العربي. وفي هذا الاطار يقول الناشر أحمد السعيد عن الكتاب: “اسأل كاتبًا عربيًّا عن المبدعين الذين قرأ لهم في شبابه، وأثّروا فيه، سيسرد لك أسماء عديدة، ستجد بينهم الفرنسي والإنكليزي والروسي والأميركي والإسباني، وربما تجد الهندي، لكنني أثق أنك لن تجدًا اسمًا واحدًا لكاتب صيني. وهذا العمل هو محاولة غوص في هذا الجزء المعزول عنا عربيا من الأدب العالمي، رغم غزارته الإنتاجية وقيمته الإبداعية وتنوعه الثقافي، لكنه وصلنا عربيا متأخرا للعديد من الظروف السياسة والثقافية التي شهدها العالم والتي مرت بها الصين أيضا…
وهنا يأتي هذا الكتاب ليكشف حجب شمس السرد الصيني، ويزيح نقابا واراه عنا كثيرا، ليبحث من خلال عشرين رواية وقصة صينية و15 أديبا ومبدعا عن الإنسان الذي يشبهنا ولم نعرفه، عن الإبداع الذي يشبه ذائقتنا ولم نكتشفه، قراءة إنسانية قبل أن تكون نقدية، تكشف صفات أدب بلاد التنين وتبرز مزاياه، ورؤية نقدية وإبداعية تشبه خارطة طريق ترشدنا لجوهر إبداع الشرق- والتي سنتعايش معها جدا، لأننا نحن أيضا من الشرق. هنا نلتقي مع الشعب الصيني في إنسانيته، وفي تشبثه بجذوره، وفي اهتمام الشخوص بجوانب حياتية قد تبدو تافهة لأول وهلة، ولكنها يكفي أن تكون مهمة لصاحبها. فهي تشكل خصوصياته ونوازعه وقناعاته، لأن مجموع هذه الأشياء هي التركيبة المميزة لكل فرد، التي تجعل منه إنسانًا، فالأدب هو صوت الفرد الممثل للجماعة، وللمجتمع، وللخصوصية، وللهوية”.
تقارب عربي- صيني
ومن جانبه، أشار الأديب المصري منير عتيبة إلى أنه عمل في هذا الكتاب لمدة ثلاث سنوات، موضحًا أن الصين تطبع حوالي 8000 رواية سنويًا، وهو عدد لا يمكن تصور أن يحيط به ناقد أو فريق كبير من النقاد، ولا يترجم من هذا العدد إلا النذر اليسير، برغم حركة الترجمة النشطة من الصينية إلى العربية في السنوات الأخيرة، وبرغم ذلك فأنت لا تحتاج إلى قراءة كل ما تنشره المطابع لتكون لديك فكرة معقولة عن هذا الأدب وتنوعه، فربما قطرة تعبر عن كل مياه المحيط. ولذلك اخترت الأعمال التي كتبت عنها في هذا الكتاب اختيارًا شبه عشوائي، يعتمد على وصول الكتاب إلى يدي، أو ترشيحه لي من قِبل أحد المتخصصين أو المهتمين بالأدب الصيني، وقد حققت فكرة العشوائية هذه تنوعًا كبيرًا في موضوعات الأعمال التي قرأتها، وأسأليب التعبير المختلفة لدى كل كاتب. ستقرأ في هذا الكتاب محاورات كاتب عربي مع عشرين عملًا إبداعيًا لخمسة عشر كاتبًا صينيًا، ما بين رواية ورواية قصيرة ومتوالية قصصية ومجموعة قصصية، وذلك عبر ثلاثة عشر مترجمًا عربيًا.
ويوجه عتيبة عبر هذا الكتاب رسالة الى القارئ بالقول: “ربما يساعدك هذا الكتاب على التوغل بنفسك في هذا العالم الإبداعي الثري والممتع. والأهم؛ أنك إذا قرأت هذه الأعمال كما قرأتها أنا ستجد أنك لست بعيدًا جدًا عن الصينيين كما كنت تظن، وحياتك ليست مختلفة كثيرًا عن حياتهم، كإنسان، وكمواطن في العالم الشرقي، وستكتشف أن الصينيين أفراد متمايزون وليسوا مصبوبين في قالب واحد بحيث يصعب التفرقة بين أحدهم والآخر. لقد بدأت قراءة الأدب الصيني بمحاولة اكتشاف هذا العالم القديم الموغل في القدم، وأسباب تطوره السريع المتلاحق في مدة زمنية صغيرة جدًا بمقاييس الشعوب ليصبح الاقتصاد الأقوى في العالم؛ وعدت من هذه الرحلة باكتشاف أهم وهو أن الكاتب الصيني يكتب لي أنا أيضًا، فالمشاهد الحياتية، والعلاقات الاجتماعية، وتراتبية السلطة، والبيروقراطية، والفساد الإداري، والذهنية التي تحكم هذا العالم، لا تختلف كثيرًا في جوهرها عما يعيشه أي مواطن في العالم الثالث”.
يعدّ كتاب “قراءات نقدية في الأدب الصيني” استكمالا لسلسلة إصدارات “بيت الحكمة للثقافة” حول دراسات الأدب الصيني، حيث كانت قد أصدرت كتاب “تيارات الأدب الصيني الحديث” الذي يتناول كل ما يتعلق بالأدب الصيني الحديث وسياقاته الأدبية والثقافية والتاريخية، وكتاب “علم الجمال الإيكولوجي في الصين” بوصفه توجهًا حديثا من توجهات علم النقد الأدبي عالميًا، وسلسلة أدبية بعنوان “إبداعات الأدباء المسلمين الصينيين”، وسلسلة “إبداعات أدب الأقليات الصينية” التي تضم أعمالا روائية وقصص قصيرة ودراسات نقدية ونثرية صينية وغيرها إضافة إلى ترجمات عربية لأكثر من 20 أديبا شهيرا من الصين.
المصدر: النهار العربي