كرست تحويلات المغتربين اللبنانيين إلى ذويهم في لبنان استقراراً اجتماعياً ومالياً إلى حد كبير منعت “انفجار غضب الناس”، وخففت من تداعيات “الاضطرابات الداخلية”، حسبما أكد مسؤول كبير في السلطة النقدية اللبنانية لـ”الشرق الأوسط”، مشيراً إلى أن أرقام التحويلات في الخارج “تعاكس كل التقديرات السلبية، وتساهم في تعديل مؤشرات النمو” في البلاد.
وتشكل تدفقات العملات الصعبة من قبل المغتربين والعاملين في الخارج، مصدراً حيوياً في توفير النقد لاحتياجات الاقتصاد وتصحيح توازنات العرض والطلب في أسواق القطع والحد من الاختلالات الحادة في ميزان المدفوعات. وتبلغ التحويلات “رسمياً” نحو 6.5 مليار دولار سنوياً، من دون احتساب كتلة التدفقات الجديدة والواعدة، وبينها المحمول نقداً إلى الأسر من عشرات آلاف “المهاجرين الجدد” الذين تركوا لبنان بسبب تفاقم أزماته الاقتصادية والمعيشية، إضافة إلى تدفقات مأمولة تناهز 3 مليارات دولار كحصيلة سياحية للموسم الصيفي، ومبالغ كبيرة يتعذر تحديدها تصل إلى أفراد أو منظمات أهلية عبر وسائل مختلفة.
وقال المسؤول اللبناني الذي رفض الكشف عن اسمه، إن تصنيف هذه المعطيات كإشارات واضحة وتحفل بميزة “الاستدامة” ضمن مجموعة المؤشرات الإيجابية التي يعوّل عليها لترقب عدم تحول تسجيل تقلصات إضافية للناتج الإجمالي، بعدما تعدّى الانحدار التراكمي نسبة 60 في المائة خلال السنوات الثلاث، ليهبط الناتج إلى أقل من 22 مليار دولار، من رقمه الأعلى البالغ نحو 55 مليار دولار عشية انفجار الأزمتين المالية والنقدية في خريف العام 2019.
ووفق معلومات خاصة لـ”الشرق الأوسط”، فإن مسؤولًا كبيرًا في السلطة النقدية، يرصد من خلال المؤشرات القائمة في أسواق الاستهلاك وحركة التجارة وإشارات النهوض المتوالية في القطاعين السياحي والصناعي، تسجيل نمو إيجابي للاقتصاد اللبناني لا يقل عن 3 في المائة هذا العام رغم الضغوط السياسية المعاكسة، وبحيث تتهيأ الفرصة المواتية لاستعادة استدامة النهوض في حال إرساء استقرار داخلي يكفل استعادة حضور الدولة وإعادة انتظام سلطاتها وإداراتها كافة.
سندا إلى هذه المعطيات، يرجّح مسؤولون في القطاع المالي، أن يمثل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات، منطلقا لمرحلة الخروج الآمن من دوامة الانهيارات، وبدء رحلة النهوض ارتكازا إلى تجديد الثقة عبر الاتفاق المكتمل مع صندوق النقد وتثمير الهدوء النقدي وانسياب حركة الاستهلاك والاستثمار الخاص المتنامي بعد استيعاب القطاعات ومؤسسات الأعمال لصدمات الأزمات، وعلى أمل أن ترد “الأخبار السارة” لاحقا من بئر قانا – صيدا الجنوبي الذي يشهد تدشين عمليات الحفر خلال فصل الخريف المقبل من قبل تحالف نفطي دولي بقيادة شركة “توتال” الفرنسية.