الإثنين, نوفمبر 25
Banner

الديار: «تشريع الضرورة» يشق صفوف «المتقاطعين»… وجلسات حكوميّة مُتتالية للموازنة

جاء في صحيفة الديار : مرّ “قطوع” “تشريع الضرورة” لرواتب القطاع العام واساتذة الجامعة اللبنانية ،على وقع ضجيج سياسي حول شرعية الجلسة النيابية التي لم تؤثر في النتائج، وبات بامكان موظفي القطاع العام ان يتقاضوا رواتبهم قبل عيد الاضحى. ما يحصل تكرار لمسرحية مملة لم تعد تلفت انظار اي من اللبنانيين، فالحجج القانونية والدستورية التي يستخدمها النواب للمزايدة على بعضهم بعضا، “لا تغني ولا تثمن عن جوع”، في بلد كل شيء فيه وجهة نظر، يمكن تطويعها في خدمة المصالح السياسية الضيقة والشعبوية. فالتشريع “ماشي” بتغطية من “التيار الوطني الحر”، وسط انتقادات حادة من القوى المتقاطعة رئاسيا معه.

اما جلسات الحكومة “فماشية” على الرغم من معارضة “التيار”، فيما العنوان واحد ويتعلق بعدم تعطيل مصالح الناس؟! وقد وعد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بجلسات متتالية لاقرار موازنة 2023.

رئاسيا لا جديد، في ظل ترقب للزيارة التي سيقوم بها المبعوث الرئاسي الفرنسي الخاص جان ايف لودريان الى بيروت غدا الاربعاء، وذلك غداة المحادثات بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في الاليزيه يوم الجمعة الماضي، والتي تطرقت الى الملف اللبناني بخطوطها العامة دون الدخول في التفاصيل. تزامنا، وعشية الزيارة، أوصى ديوان المحاسبة الفرنسي الحكومة بتقييم مدى فاعلية مساعداتها المالية للبنان من أجل تلبيةٍ أفضل الاحتياجات للشعب اللبناني، الغارق في أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية حادة. وفي تقرير نشره امس، قال ديوان المحاسبة إنّه خلص بنتيجة عملية التدقيق التي أجراها للمساعدات التي قدّمتها باريس لبيروت، إلى أنّه يتعيّن على الحكومة توخّي الحذر الشديد في مساعداتها وقروضها للبنان!

زيارة “المصالح” لا “العواطف”

لا يملك اي من القوى السياسية اللبنانية “كلمة السر” الفرنسية – السعودية التي سيظهرها خلال الساعات المقبلة المبعوث الرئاسي الفرنسي خلال زيارته “الماراتونية” الى بيروت. باريس التي لا تريد تكرار خيبة الامل التي اصابت رئيسها ايمانويل ماكرون، خلال زياراته المتكررة بعد انفجار المرفأ، لا ترفع من سقف توقعاتها بل تروج عبر مصادرها ان الجولة الحالية “استطلاعية” لا تقريرية، اي ان مبعوثها “السليط اللسان” يأتي مستمعا، دون ان يكون حاملا لاي مبادرة متفق عليها مسبقا مع الرياض وطهران وغيرهما من دول “الخماسية”.

لكن الجديد في معلومات مصادر ديبلوماسية مطلعة، ان لودريان في زيارته سيكون مباشرا في طروحاته، الى حد قد يكون “فجا”، لانه سيتكلم بلغة المصالح لا العواطف، اي يحتاج الفرنسيون اجوبة واضحة من الافرقاء كافة عن “الثمن” السياسي وغير السياسي الذي يسعون وراءه، للتوصل الى “سلة” تفاهمات متكاملة تشمل كل المراكز الاساسية والحساسة في الدولة اللبنانية. كما سيشرح لودريان اسباب تبني بلاده لتسوية فرنجية – سلام، لن يبلغ احدا انه تخلى عنها، ولن يسمع احد في المقابل انها “مقدسة”. لن يطرح فكرة طاولة الحوار راهنا، لكن سيكون سؤاله الاساسي ما هو البديل؟ وما هو ثمن اي تسوية مفترضة؟

الزيارة لن تكون “يتيمة”، سيزور لودريان فور وصوله رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، على ان يجتمع الى رؤساء الاحزاب في قصر الصنوبر، بعدما عدل عن فكرة تم تداولها تقضي بجمع هؤلاء جميعا في السفارة الفرنسية، على غرار ما فعل ماكرون ابان زيارته لبيروت. وتشمل اجندته في زيارته الاولى كل مرشح طبيعي، قائد الجيش جوزاف عون وسليمان فرنجيه وزياد بارود وجهاد ازعور، اذا كان في بيروت، دون ان يكون ذلك مؤشرا على عودة باريس في مقاربتها الى نقطة “الصفر”. واذا كان لودريان سيرفع تقريره للاليزيه، الا ان اي اجتماع “للخماسية” في الدوحة مطلع الشهر المقبل، لم يحسم انعقاده بعد…

“صفقة” متكاملة؟

ووفقا لتلك الاوساط، بات لدى الفرنسيين صورة واضحة ومكتملة حيال مقاربات القوى الدولية والاقليمية حيال الساحة اللبنانية، ووفقا لوجهة نظرهم سيساعد هذا الامر في ايجاد ثغرة للنفاذ منها الى حل يضم اغلبية وازنة اذا لم يضم الجميع في الداخل. طهران لم تدخل في “سوق البيع والشراء” بين الداخل اللبناني وملفات أخرى كما فهم الفرنسيون، من وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الذي زار طهران قبل ايام، ولا تزال المقاربة- الحل كما سبق وتم التفاهم مع حزب الله، الذي قدم برأيهم تنازلا منطقيا من خلال الموافقة على “صفقة” تبادلية بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. وفهم الفرنسيون خلال اللقاءات المتكررة في عين التينة بين السفيرة الفرنسية آن غريو ورئيس مجلس النواب نبيه بري، انه مستعد للتفاوض دون شروط على موقعي قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان ضمن حل متكامل، وهذا يعني استعدادا لصفقة داخلية متكاملة ترضي جميع الاطراف المهتمين بالواقع اللبناني، الرياض وموقع رئاسة الحكومة، وواشنطن المهتمة بموقعي المصرف المركزي وقيادة الجيش.

وهذا بالنسبة للفرنسيين “ديل” منطقي جدا في ظل التعادل السلبي القائم داخل مجلس النواب، وربما يتجاوز حدود المنطق، اذا وضع التفاهم على الساحة اللبنانية في ميزان التوازنات الاقليمية، التي تشهد صعودا واضحا لحلفاء حزب الله على نحو خاص. وتخشى باريس من تراجع هذا الفريق عن “تواضعه”، والمطالبة بالتعامل بواقعية قد لا تكون مرضية لباقي الاطراف على المدى الطويل، خصوصا ان هذا الفريق الذي يعتقد ان خياراته تنتصر في المنطقة ، لا يجد ما يجبره على الخسارة في لبنان.

تطمينات من “الثنائي”

وفي هذا السياق، تشير اوساط مطلعة الى تلقي الجانب الفرنسي تطمينات واضحة بهذا الشأن لجهة عدم تراجع “الثنائي” عن الالتزامات السابقة، وهو باصراره على الدعوة الى الحوار، يفتح “الابواب” امام تسوية لا “غالب ولا مغلوب”، حيث تكون مرحلة النهوض المفترضة مسؤولية للجميع من خلال شِرْكة حقيقية في مواقع القرار المؤثرة، وقد ازال التقارب السعودي- الايراني الكثير من العقبات امام تسوية مماثلة، كان من المفترض انها ستكون اكثر صعوبة لجهة تقبل بعض الاسماء، او تبني بعض السياسات التي باتت الآن تحظى بغطاء اقليمي وازن وضمانة دولية ترعاها باريس، تساعد في خروج البلاد من ازمتها الاقتصادية الخانقة.

الثمن اكثر ايلاما!

وفي هذا الاطار، تشير الاوساط نفسها الى ان المبعوث الفرنسي يعرف جيدا وقبل وصوله الى بيروت، بان اي طرح جديد لن ينجح اذا لم يأخذ في عين الاعتبار موازين القوى السياسية داخليا وخارجيا، وهذا يعني ان اي طلب محتمل من “الثنائي” للتخلي عن مرشحه الرئاسي سيعني حكما حصوله على تنازلات في مكان آخر، وقد يكون الثمن اكثر ايلاما للآخرين، لان المواقع الاخرى اكثر تأثيرا على الصعيد التنفيذي. ووفقا لتك الاوساط، فان لودريان لديه “رسالة” واضحة ومفادها، ان فرنسا لن تتخلى عن دورها في الملف اللبناني، لأنه آخر الملفات التي تُمسِك بها في المنطقة، أو بالأحرى آخر الملفات التي من الممكن ان تؤدي فيها دوراً، وهي ستحاول أن تحافظ قدر الإمكان على هذا الدور، في ظل هامش واضح تمنحه الولايات المتحدة الأميركية لهذا الدور. ستكون المناخات الاقليمية حاضرة خلال اللقاءات، وهو سيوجه نصيحة واضحة مفادها الاستفادة بوجود “مباركة” من اكثر من لاعب اقليمي لدور بلاده في هذه المرحلة، وهي فرصة لانتاج خارطة طريق واضحة وشفافة تصل بالبلاد الى “شاطىء” الامان.

وعد سعودي “بالتعاون”

وفي المقلب الآخر، وفيما غاب السفير السعودي الوليد البخاري عن السمع بعد عودته الى بيروت، سيكون المبعوث الفرنسي اكثر وضوحا مع القوى التي وقفت في وجه التسوية الفرنسية، وستكون اولى مهامه ايصال “رسالة” مفادها ان بلاده وحدها من تضع على راس جدول اعمالها الملف اللبناني، ولا يجب ان يعيش احد وَهم احتمال تدخل قوى اقليمية او دولية للمساعدة في الوقت الراهن، في ظل زحمة الملفات وسخونتها في المنطقة والعالم. ولان باريس تعتبر لبنان جزءا مهما من نجاح او فشل سياستها الخارجية، ولها علاقة مميزة مع هذا البلد، لا تريد ان يبقى بعيدا عن الاستفادة من المد الايجابي الراهن، ولا تريد تفويت الفرصة السانحة كي يكون مجددا على “سكة” الخلاص.

وسيكون لودريان واضحا في نقل موقف سعودي “متعاون” في المرحلة المقبلة، وهي كلمة استخدمها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان امام الرئيس ايمانويل ماكرون عندما طرح الملف اللبناني بعناوينه العامة دون الدخول في التفاصيل، خلال اللقاء الثنائي الذي عقد بين الرجلين، حين اختصر ابن سلمان الكلام بالقول “سنتعاون مع جهودكم الحالية في هذا الملف”، وهي جملة اعتبرها الفرنسيون مؤشرا ايجابيا، دفعت بالرئيس الفرنسي الى الطلب من طاقمه الخاص بالملف اللبناني الدخول اكثر بالتفاصيل مع الجانب السعودي بعد زيارة لودريان الى بيروت.

الحضور المسيحي؟

وانطلاقا من جلسة التعادل السلبي الاخيرة في البرلمان، سيحاول ان يحصل من تلك القوى على وجهة نظرها في كيفية الخروج من المأزق الحالي، اي ما هو البديل عن الاقتراح الفرنسي عمليا، وليس طروحات نظرية لا يمكن ان تجد لها مكانا على ارض الواقع؟ ووفقا للاوساط الديبلوماسية نفسها، سيكون ملف الحضور المسيحي في الحياة السياسية اللبنانية مادة رئيسية مع القوى المسيحية الوازنة في البرلمان، لا يكفي برأيها ان تجتمع هذه الكتل على سلبية رفض ترشيح سليمان فرنجية، دون ان تكون لها اجندة ونظرة واضحة ومتفق عليها حيال مستقبل وحضور المسيحيين في التركيبة اللبنانية المقبلة، على مرحلة جديدة لا ترتبط فقط بالاستحقاق الرئاسي وانما بطبيعة الدولة التي ستولد على انقاض الانهيار المالي والاقتصادي.

تنتظر باريس ان تحصل على اجابات محددة تتجاوز الاتهامات لدورها في تجاوز الاجماع المسيحي رئاسيا، الى ما هو اهم بكثير من ذلك، ويتعلق بماهية دورهم المستقبلي، خصوصا انه لا يوجد في السياسة “هدايا” مجانية، واذا كانت الاجوبة عن الاسئلة الصعبة غير متوافرة حاليا، والمتعلقة بطروحات المؤتمر التأسيسي، او الاستعداد لاجراء حوار في الخارج او الداخل، وكذلك الموقف من الاصوات التي تنادي بالفدرالية، فان ما يأمل لودريان في الحصول عليه يرتبط بماهية الثمن الذي يمكن لهذا لقوى ان تدفعه في اي “سلة” متكاملة لا بد منها لاخراج البلاد من النفق المظلم؟

ايجابية حزب الله

وعشية زيارة لودريان، اطلق حزب الله اشارة ايجابية عبر عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله، الذي اشار الى وجود “حراك خارجي إقليمي- دولي بشأن الوضع في لبنان”، وقال: “نحن لا نمانع في تقديم أيّ مساعدة غير مشروطة من الأشقاء والأصدقاء، مساعدة لا تمسّ بسيادتنا ولا بثوابتنا”. وأضاف: “من يريد أن يساعدنا على المستوى المالي والاقتصادي أو على مستوى الدفع باتجاه الحوارات الوطنية، فنحن لا نمانع في ذلك، لا سيّما أنّنا نلتقي مع جهات ودول تعرض هذا النوع من المساعدة”، لكنّه رأى أنّ “الخارج لا يستطيع أن يحلّ مكان اللبنانيين، فهو عنصر مساعد، والإرادة والقناعة يجب أن تكون داخلية”.

“تشريع الضرورة”

وفي ساحة النجمة، تأمّن نصاب جلسة التشريع امس، بمشاركة نواب تكتل “لبنان القوي” الذين برروا موقفهم بأن البنود ضرورية، في وقت قاطع نواب “الجمهورية القوية” و”الكتائب” و”تجدد” وعدد من “المستقلين” و”التغييريين”، لان مجلس النواب هيئة ناخبة فقط، ولان اقرار زيادات من دون موازنة غير دستوري، وقد هزت السجالات وتبادل الاتهامات “التقاطع” الهش على ترشيح جهاد ازعور.

وقد أقرّ مجلس النواب، في جلسته التشريعية التي عقدها امس واستمرت نصف ساعة، اقتراحي قانونيْن: الأول يرمي إلى فتح اعتمادات في موازنة العام 2023 قبل اقرارها والمقدّم من النواب الياس بوصعب، سجيع عطية، علي حسن خليل، جهاد الصمد، وبلال عبد الله، والتي تخصّص لإعطاء تعويض موقت لجميع العاملين في القطاع العام وللمتقاعدين الذين يستفيدون من معاش تقاعدي، إضافة إلى زيادة تعويض للنقل المؤمن لجميع الموظفين في القطاع العام.

والاقتراح الثاني يتعلق بفتح اعتماد بقيمة 265 مليار ليرة لتغطية نفقات إعطاء حوافز مالية بدل نقل لأساتذة الجامعة اللبنانية لتمكينها من استكمال العام الجامعي 2022 – 2023. الجلسة حضرها ما يزيد على الـ 70 نائباً وفي مستهلّ الجلسة، ردّ رئيس المجلس نبيه بري على النواب المقاطعين للجلسة والمعارضين لانعقاد مجلس الوزراء بالقول إنّ هناك من يرى في الدستور “ألا تجتمع الحكومة والمجلس النيابي، وألا يعمل المجلس ولا يشرّع. وعليه إذا أردنا أن نردّ على هؤلاء لا نعمل”.

جلسات حكومية

وفيما، أعلن ميقاتي، خلال الجلسة، أنّ “الاعتمادات لهذين الاقتراحين مؤمنة، وهناك إيرادات مؤمنة في الموازنة، فمجلس الوزراء يقوم بدوره ليسيّر عمل الدولة ولا يمرّر شيئاً غير ضروري”. وقال إنّ موازنة الـ 2023 جاهزة، و”سندعو إلى جلسات حكومية متتالية لإقرارها”. وأكد أنّ وزارة المالية سترسل المشروع النهائي للموازنة إلى الحكومة قبل آخر شهر حزيران للبدء بمناقشتها. وفي سياق متصل، وجه الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة دعوة للوزراء لعقد جلسة لمجلس الوزراء يوم غد للبحث في جدول اعمال من 33 بندا، منها مرتبط برواتب العسكريين وموظفي القطاع العام وتطويع وتعيين تلامذة ضباط والتمديد لليونيفيل.

الراعي والحياد

على صعيد آخر، عاد البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للتسويق لفكرة الحياد، وقال خلال إطلاق كتاب “لبنان الكبير-المئويّة الأولى” ان الحياد ليس صيغة معلّبة تصلح لكلّ دولة في كلّ زمان ومكان، الحياد اللبنانيّ هو من صميم الكيان اللبنانيّ كدولة أدت دائمًا دور الجسر الإقتصاديّ والثقافيّ بين الشرق والغرب بحكم موقع لبنان على الضفّة الشرقيّة من البحر المتوسّط. لكنه اكد ان لبنان لا يمكن أن يكون حياديًّا إزاء أربعة: إزاء “إسرائيل”، وإزاء القضيّة الفلسطينيّة، وإزاء الإجماع العربيّ، وإزاء التمييز بين الحقّ والباطل. فالحياد المرجوّ هو الامتناع عن الاشتراك في حروب خارجيّة، وعن توفير دعم مالي وسلاح للقوى المتحاربة، وعن المشاركة في حصار اقتصاديّ في زمن السلم.

Leave A Reply