محمد علوش-
سرق الموفد الخاص للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، الأضواء السياسية خلال زيارته الى بيروت، فالرجل الذي وصل الى لبنان خالي الوفاض من أي مبادرة فرنسية، حاول ممارسة الضغوط من خلال الودّ وإظهار الحرص على الحل في لبنان، لكنه حتى الساعة لم ينجح في تحقيق أي تقدم، بحسب ما يقول أحد السياسيين الذين التقاهم لودريان.
لم يقدّم المبعوث الفرنسي أي جديد رئاسي، كما أنه فشل بالحصول على تأييد القوى السياسية للحوار غير المشروط، فكان لكل طرف رأيه بالحوار وشرطه لحصوله، بالإضافة الى خلافات حول شكله ومكانه وجدول اعماله. وبحسب مصادر سياسية بارزة فإن لودريان انتقل الآن الى الجزء الثاني من مهمته، وهي طرح ما سجله من ملاحظات على الرئيس الفرنسي والتنسيق مع اللجنة الخماسية المعنية بالشأن اللبناني، والجديد هذه المرة ما كانت «الديار» طرحته منذ أيام عن إدخال إيران في المباحثات، بعد سقوط «الفيتو» السعودي على هذا الأمر بعد الاتفاق في الصين.
بحسب المصادر، فإن المتابعة الدقيقة لما قاله لودريان في لبنان تؤكد أنه، وإن كان يوصف بالصراحة المطلقة، مارس نوعاً من الضغوطات تتعلق بوضع لبنان، فهو أكد أمام من التقاهم أن وضع لبنان الصعب سيزداد صعوبة خلال الفترة المقبلة بحال فشلت مساعي الحلول، كاشفاً أن لا أحد من أعضاء اللجنة الخماسية أبدى حماسة لمقاربة شاملة للملف اللبناني، ما عدا فرنسا، وهو ما يحتم التعاطي معها بإيجابية ومسؤولية.
كلام لودريان مؤشر واضح على أن السعوديين، وإن كانوا عبروا عن نيتهم مساعدة فرنسا في لبنان، إلا أنهم حتى اللحظة لم يحددوا دورهم، ولم يقتنعوا بالعودة الى لبنان بطريقة مباشرة وفعالة، لذلك فلا جديد في الحل اللبناني، الذي سينطلق من تفاهم إقليمي قبل أن يكون دولياً. وبالتالي، فإن القرار السعودي المفقود حتى اللحظة هو أساس أي حل، فحتى الحياد الإيجابي في لبنان لم يتوافر لدى القيادة السعودية بعد، والتي يمكن القول بحسب ما فُهم من المداولات استمرارها بسياسة الحياد السلبي، أي الحياد الذي لا يدفع باتجاه الحلول ولا يشجع عليها، وهذا ما يدركه لودريان الذي كان أذكى ممن سبقه من الفرنسيين، فلم يسمّ أحداً للرئاسة ولم يحمّل باريس وزر فشل جديد في لبنان.
أبلغ لودريان من التقاهم بأن الوضع الاقتصادي في لبنان سيتدهور، وقد لا يجد من ينتشله قريباً بحال استمر التعنت الحالي، وهذا النوع من الضغوط، وأن كان واقعياً، إلا أنه يحمّل اللبنانيين مسؤولية كبيرة، خاصة أن القوى السياسية دخلت بعد الجلسة الأخيرة لانتخاب الرئيس بحالة من النوم الرئاسي، على اعتبار أن الجلسة أفرزت انقساماً حاداً، لا مجال لتغييره سوى بمبادرات دولية، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من خلال توقف أكثر من محاولة حوارية بين اللبنانيين.
خرج لودريان بأكثر من انطباع بعد زيارته الى بيروت، أبرزها بحسب المصادر «عيش» بعض القوى السياسية في «الخسة»، فلا هم واعون لحجم المشكلة والخطر الناجم عنها، ولا هم مستعدون للنزول عن شجرة المواقف المتصلبة، إذ يكفي فقط تشبيه بعض المواقف بموقف «المريض الذي يحتاج الى الدواء بشكل عاجل للنجاة، لكنه يرفض الحصول عليه قبل تلبية شروطه الكثيرة».