عماد مرمل – الجمهورية
لم يتبدل شيء في “داتا” المأزق الرئاسي عقب زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لبيروت، حيث لا يزال كل فريق عند موقفه من دون أي تعديل، ولا مؤشر الى احتمال حصول خرق قريب في معادلة “التعادل السلبي”، ما لم يطرأ تغيير على نمط المقاربة الخارجية او يحصل تحول في اصطفاف واحدة من القوى الداخلية الوازنة على الاقل.
لا علامات واضحة تدل على أن لحظة الحسم في الملف الرئاسي قد حانت، على الرغم من الحركة الفرنسية التي تنقصها البركة. ولذا، فإن كل طرف يوحي بانه مصمم على الاستمرار في التمسك بطرحه حتى انقطاع النفس، إما إقتناعا وإما تكتيكا.
في هذا الوقت، يبدو اللاعب الفرنسي وكأن دوره في هذه المرحلة بات “مركّبا”، إذ يحاول من ناحية ان يكون وسيطا بين اللبنانببن لتحفيزهم على انجاز عملية الانتخاب، ويسعى من ناحية أخرى الى إنتاج ظروف ملائمة لإنجاح مبادرته الأصلية المستندة الى التوازن بين انتخاب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية وتسمية نواف سلام او من يعادله سياسيا لرئاسة الحكومة.
لكن مشكلة باريس في الحالتين تتمثل في ان نفوذها بلا أظافر او بلا فعالية، وبالتالي هي ليست قادرة على فرض اي حل او إلزام أحد بالتنازل والنزول عن شجرته، وذلك خلافا لخصائص الادوار السعودية والاميركية والايرانية القادرة، بفعل عناصر قوتها المتعددة، على التأثير بشكل أكبر وأقوى في مسار الملف اللبناني، متى صدر قرار في هذا الاتجاه او ذاك.
من هنا، ليس معروفا ما اذا كانت زيارة لودريان الثانية والمرتقبة في تموز المقبل ستستطيع ان تفعل شيئا، خصوصا ان فرنسا لا تملك الأوراق الكافية والغطاء الدولي الضروري، لكي تنتقل من صورتها النمطية ك”أم حنون” الى موقع “الاب الصارم”، وتحديدا لدى المسيحيين الذين بردت علاقة جزء منهم بها.
وبناء على الوقائع التي تحيط بالحراك الفرنسي، هناك من يعتبر ان أقصى ما يمكن أن تحققه باريس لا يتعدى حدود إدارة حوارٍ ما، بالمباشر او بالواسطة، بين الافرقاء اللبنانيببن، بعدما صار من المتعذر حصوله بمبادرة داخلية، عقب تخلي الرئيس نبيه بري عن حماسته لتكرار الدعوة اليه، ورفض البطريرك الماروني بشارة الراعي ان يؤدي هذه المهمة ل”عدم الاختصاص”.
وقد نُقل عن لودريان تحذيره أمام بعض من التقاهم انه اذا فشلت مهمته فان انتخاب رئيس للجمهورية سيصبح بعيدا جدا، وربما يتأجل الى السنة المقبلة.
ويلفت مطلعون على جانب من مجريات لقاءات لودريان، الى ان فرصة انتخاب فرنجية باتت تتوقف الى درجة كبيرة على إمكان تفاهمه مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، مشيرين الى ان على فرنجية ان يجرب معه وان يحاول إقناعه، لاسيما ان باريس تعتبر انها بذلت اقصى الممكن لدعم فرنجية من دون أن تصل بعد إلى النتيجة المرجوة.
اما بالنسبة إلى الثنائي حركة أمل وحزب الله، فان ما قبل جولة لودريان كما بعدها: “فرنجية هو مرشحنا الوحيد اليوم وغدا، ولا بد من الحوار للتفاهم على انجاز الاستحقاق الرئاسي”.
وتشدد مصادر “الثنائي” على أن ما تسمى “الخطة ب” غير واردة في حساباته، بعد جولة لودريان قبلها، “لان مجرد القبول بالبحث في مثل هذه الخطة يعني ان ترشيح فرنجية لم يكن من الأساس جديا، بينما هو جدي جدا واكثر مما يظن كثيرون، ودعمه يرمي الى محاولة إيصاله وليس الى تحسين شروط التفاوض على غيره كما يفترض البعض”، والدليل وفق المصادر إياها، ان “أمل” و”الحزب” لا يزالان متمسكين به منذ البداية، “وما بدلوا تبديلا”، بينما يتنقل الآخرون من مرشح الى آخر.
وتشير المصادر إلى أن ترشيح فرنجية لم يأخذ حقه، ولم يتم التعاطي معه كما يجب، لتبيان ما اذا كان هو الخيار الأنسب ام لا، “إذ ان معارضيه واجهوه منذ البداية بالنكد والنكاية السياسيين، الأمر الذي أخذهم تباعا الى استهلاك مرشح اول ثم ثان والحبل على الجرار، فقط من أجل إسقاطه”.
وتؤكد المصادر ان فرنجية مستعد لمناقشة أصحاب الهواجس من الطرف الآخر ومنحهم كل الضمانات المطلوبة، “ولكن ذلك يتطلب حوارا من دون أحكام مسبقة، ليبنى على الشيئ مقتضاه”.