كارولين عاكوم – الشرق الاوسط:
منذ الادعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في قضية انفجار مرفأ بيروت، ارتفعت الأصوات الرافضة التي وضعت الخطوة في خانة «الانتقائية»؛ داعية إلى أن تكون المحاسبة شاملة، بملاحقة رئيس الجمهورية ميشال عون، انطلاقاً من إقراره بعلمه بوجود مادة نيترات الأمونيوم في المرفأ، قبل وقوع الانفجار.
وبينما اعتبرت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية أن التصويب على عون هدفه تسييس الملف وخلق توازن سياسي، أوضح الوزير السابق ونقيب المحامين السابق رشيد درباس لـ«الشرق الأوسط»، أن المادة 60 من الدستور تحصر مساءلة رئيس الجمهورية بمسألتين لا ثالث لهما، وهما الخيانة العظمى وخرق الدستور، بخلاف رئيس الحكومة والوزراء الذين يمكن محاكمتهم بجرائم ناتجة عن إهمال وظيفي وغيرها. أما فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لهذه المساءلة فهي نفسها بالنسبة إلى الجميع – بحسب درباس – ويفترض أن تمر بالبرلمان، وهو الإجراء الذي خرقه القاضي فادي صوان أيضاً بادعائه على دياب، بحيث إنه لم يتجاوب مع طلب البرلمان الحصول على المستندات اللازمة، وقام بخطوة الادعاء التي هي ليست من اختصاصه، وحتى في قراره لم يدَّعِ على كل الأشخاص الذين أدرجوا في الكتاب الذي أرسله للبرلمان.
من هنا يعتبر درباس أنه من الناحية القانونية لا يمكن مساءلة رئيس الجمهورية؛ لكن يؤكد في الوقت عينه أن «هناك مسؤولية أخلاقية وسياسية ومعنوية عليه، انطلاقاً من إقراره بعلمه بوجود المواد المتفجرة في المرفأ قبل فترة كافية؛ لكنه لم يبادر بحكم موقعه كرئيس للمجلس الأعلى للدفاع وكرئيس للجمهورية لدعوة الحكومة، وتنبيه الرأي العام إلى أن السلطات المعنية لا تقوم بمسؤوليتها».
في المقابل، ترفض المصادر المقربة من رئاسة الجمهورية اتهام الرئيس عون بالإهمال، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «كل الكلام عن هذا الموضوع هو بهدف تسييس الموضوع، وتحميل رئيس الجمهورية مسؤولية»، وذكَّرت بما قاله عون بعد وقوع الانفجار، من أنه عندما وصله التقرير حوَّله إلى المجلس الأعلى للدفاع الذي يضم كل الأجهزة المعنية ووزارة الأشغال والداخلية والمالية، لإجراء المقتضى ومتابعة الموضوع، وبالتالي قام بواجبه على أكمل وجه، بحسب المصادر. وتضيف: «أما الحديث اليوم عن مسؤولية رئيس الجمهورية فليس إلا محاولة لخلق التوازن وتسييس الملف، علماً بأن هذا لا يعني أن الرئاسة مع الادعاء على رئيس الحكومة، إنما هناك من يحاول الزج باسم الرئيس في سياق التوازنات السياسية، وهو الذي قام بواجباته وأكثر».
وكانت المطالبات بمساءلة رئيس الجمهورية قد صدرت على لسان أكثر من طرف، وبشكل أساسي من قبل رؤساء الحكومة السابقين، إضافة إلى «الحزب التقدمي الاشتراكي».
وقال رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة : «إذا كان هناك من حيادية حقيقية، فمن الأولى أن يصار إلى طلب الاستماع إلى فخامة الرئيس الذي قال إنه علم بالأمر يوم 20 (تموز) أي قبل 15 يوماً من التفجير، وهي مدة كانت كافية وكفيلة بتفكيك قنبلة ذرية»، مؤكداً: «وبالتالي، فقد كان رئيس الجمهورية يقول إنه كان يعلم عن هذه الكميات ولم يتخذ أي إجراء».
بدوره، أكد رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي أن «الحق كلٌّ لا يتجزأ. كيف يمكن إغفال ما قاله رئيس الجمهورية؟».
الموقف نفسه عبَّر عنه النائب في «الحزب التقدمي الاشتراكي» هادي أبو الحسن، بأن «المحاسبة يجب أن تبدأ من رئيس الجمهورية». وكتب عبر «تويتر»: «طالما الجميع طالب بكشف الحقيقة بانفجار المرفأ، فلا يجوز لأي كان أن يتلطى بطائفته لتجنب المساءلة، حتى لو كان رئيس الحكومة الذي ربما اكتشف مؤخراً أنه يستخدم من قبل الحاكم في تصفية الحسابات، والمحاسبة الفعلية يجب أن تبدأ من رئيس الجمهورية؛ لأن دماء الناس أغلى من كل الأشخاص والمواقع!».