سركيس نعوم – النهار
عن تأثير علاقة رئيس مجلس النواب رئيس “حركة أمل” شريكة “حزب الله” في “الثنائية الشيعية” نبيه بري بالزعيم الدرزي الأبرز بل الأوحد وليد جنبلاط وهي علاقة قديمة جداً ومتينة جداً تعرّضت لامتحانات صعبة عدّة، عن هذا التأثير يتحدث متابع من قرب لـ”حركة” الأول ولعلاقته بالثاني فيقول: “كان بري يريد أن لا يصوّت نواب “اللقاء الديموقراطي” الجنبلاطي للمرشّح الرئاسي جهاد أزعور، وأن يكتفوا بوضع أوراق بيضاء في صندوق الإقتراع. لكنه عرف بحكم المتابعة والعلاقة الوثيقة مع وليد بيك أن نجله تيمور الذي سيتسلّم رئاسة الحزب بإرادته بعد ترؤسه “اللقاء الديموقراطي” النيابي بإرادته أيضاً ليس مؤيّداً أو بالأحرى متحمساً للمرشّح الرئاسي سليمان فرنجية، وأن عليه هو أن يجعله يشعر بالإرتياح. ذلك أنه كان على أهبة الإنتقال من رئاسة “اللقاء” المذكور الى رئاسة “الحزب التقدمي الإشتراكي”. وكان يحتاج الى أن يؤكد لجمهور حزبه ولناخبي نوابه وللغالبية الدرزية الساحقة التي ترى في والده وليد بيك مرجعاً لها بل المرجع الأوحد أنهما على توافق تام، وأن الأب سيبذل كل جهد ممكن لنجاح نجله في مهمته الجديدة، بل لتمتين الوضع الدرزي في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه كل مكونات لبنان بل شعوبه ومعها الدولة المهترئة من زمان والتي صارت فاشلة اليوم في نظر العالم كله”. يتابع المتابع القريب من “حركة أمل” نفسه بالقول: “إن وليد بيك كان ماشياً على الأرجح بمرشح بري و”حزب الله” للرئاسة زعيم “تيار المردة” سليمان فرنجية، لكنه في زيارة أخيرة له للعاصمة الفرنسية باريس لم يكتفِ بلقاء أصدقاء له من الفريق المكلّف من الرئيس ماكرون متابعة الوضع اللبناني والسعي مع أحزاب لبنان وقادة شعوبه وطوائفه لانتخاب رئيس جديد. وقد يكون من هؤلاء رئيس المخابرات برنار إيمييه وإيمانويل بون، والإثنان كانا سفيرين لبلادهما في لبنان. بل التقى أيضاً شخصيةً أميركية لم يُكشف النقاب عن اسمها وربما أكثر من مرة، كما التقى شخصية سعودية وربما أكثر، ثم عاد من هناك وهو مصمّم على أن يصوّت نوابه في “اللقاء الديموقراطي” للمرشح الرئاسي جهاد أزعور. وقد عبّر عن ذلك بترؤسه جلسة “اللقاء” المذكور التي كانت مخصصة لاتخاذ قرار يتعلّق بالإشتراك في جلسة الإنتخاب وباسم المرشح الذي سينتخبه أعضاؤه رغم أن رئاستها كانت آلت الى نجله تيمور. اتخذ الجميع قراراً بالتصويت لأزعور. القرار نفسه اتخذه أيضاً “الحزب التقدمي الإشتراكي” الذي كان لا يزال وليد بيك رئيساً له. طبعاً وافق الجميع على موقف الأخير واقتراحه الرئاسي. لكن السؤال الذي طرحه في حينه معنيون سياسيون كبار بالإستحقاق الرئاسي كان: لماذا “غيّر” جنبلاط موقفه؟ لم يعطِ أحدٌ جواباً مباشراً عن هذا السؤال. لكن الإستنتاج الذي توصّل إليه الجميع هو أن طريق رئاسة فرنجية لم تكن سالكة عند الجهات التي التقى ممثليها في باريس، والتي لا يستطيع أن يعاديها فآثر التزام موقف إبنه تيمور بالتصويت لأزعور. لذلك يُبقي جسوره مع الأطراف المسيحيين المتقاطعين على أزعور والمختلفين على كل شيء ربما، وينسجم مع نفسه باعتباره أول من رشّح الأخير للرئاسة. كما أنه يُبقي لنفسه حرية الإختيار بعد ذلك ولا سيما إذا بدا في سرعة أن أزعور لن يستطيع متابعة “مشواره الترشّحي” بتحوله مرشح تحدٍ، إذ إنه قال دائماً إنه ليس مع مرشح تحدٍ. ولا يعني ذلك تصويت نوابه في حال كهذه لفرنجية بل الإكتفاء بوضع ورقة بيضاء في الصندوق. وذلك كافٍ لتعديل اللعبة التي ظنّ المتقاطعون على أزعور أنهم نجحوا فيها، وهي وضع “حزب الله” والرئيس بري في حال غير قوية كعادتهما في الإستحقاقات الرئاسية السابقة. فتفوّقُ هؤلاء على “الثنائي الشيعي” وحلفائه بدا من خلال نيل أزعور في الجلسة الإنتخابية الأخيرة، علماً أنها الأولى واليتيمة، 59 صوتاً في مقابل 51 صوتاً نالها فرنجية، وبانسحاب نواب “اللقاء الديموقراطي” من تأييد أزعور المرتقب لاحقاً إذا حصل أو إذا عُقدت جلسة إنتخابية سيحصل المرشّحان على أصوات متعادلة وسيفتح ذلك الباب أمام مفاجآت عدة نظراً الى تمسّك عدد كبير من النواب يفوق العشرين بموقف معارض للمرشّحيْن المتنافسيْن أزعور وفرنجية”. في أي حال، يُنهي المتابع من قرب نفسه حركة وليد بيك و”الإستاذ” بري بالتأكيد أن التواصل غير المباشر والدائم بين الإثنين وربما الإتصال المباشر إذا حصل مستمر، وأن التحالف بينهما مستمر أيضاً والى يوم الدِّين.
ماذا عن “حزب الله”؟ هل ارتكب أخطاء عدّة كما يتهمه لبنانيون معادون له منذ بدء نشاطه ولا يزالون على موقفهم؟ وهل يستغلّ أعداؤه وأخصامه الظروف الحالية في البلاد ولا سيما السياسية منها وأبرزها ملامح ضعف واضحة له في المجلس النيابي أو بالأحرى توازن مع القوى المعادية له من أجل “تشليحه” رئاسة الدولة بإفشال حليفه فرنجية المرشح لها؟ وهل يصرّ “الحزب” على رفض الإعتراف بارتكاب أخطاء؟ يجيب عن هذه الأسئلة متابع من قرب ومن زمان حركة “حزب الله” ومسيرته فيسأل: “أين أخطأ “الحزب” وأين “غلّط”؟ لقد اختار “الجنرال” ميشال عون ومن معه وفي مقدمهم جبران باسيل ووضع الإثنان “تفاهم مار مخايل” عام 2006 ثم وقّعاه. الدافع الى ذلك كان تمثيل عون غالبية المسيحيين في البلاد. طبعاً كانت لديه طموحات رئاسية ولم يكن لدى “الحزب” مانعٌ في تحقيقها له وحقّقها”. ماذا قال هذا المتابع أيضاً؟