حسن الدر
تبدو جميع القوى السّياسيّة مربكة إزاء ملف حاكميّة المصرف المركزي الّذي طغى على ملف رئاسة الجمهوريّة في الأيّام الأخيرة.
وإذا كان القوات والتّيّار متّفقان على تعطيل عمل الحكومة ويرفضان تعيينها حاكمًا جديدًا باعتبارها مستقيلة ولا يحقّ لها اتّخاذ قرارات بهذا الحجم، وكان الأمين العام لحزب الله السّيّد حسن نصرالله قد أعلن سابقًا الموقف نفسه، فإنّ للرّئيس نبيه برّي موقفاً آخر.
فقد نقل زوّار عين التّينة عن الرّئيس برّي قناعته الدّستوريّة والقانونيّة بقاعدة «الضّرورات تبيح المحظورات» وليس هناك محظور أكبر من شغور مركز حاكم المصرف المركزي في ظلّ الأزمة الماليّة والاقتصاديّة غير المسبوقة الّتي يعيشها لبنان، ولكن بما أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال اتّخذ موقفًا بعدم التّعيين «فأنا أحترم هذا الموقف».
في الموازاة يسود قلق حقيقيّ لدى الثّنائي من مآلات الأمور بعد انتهاء ولاية رياض سلامة.
فحسب أحد كبار المسؤولين المعنيين مباشرةً بتنسيق المواقف بين أمل وحزب الله هناك احتمالان لا ثالث لهما في حال استلام نائب الحاكم الأوّل مهام الحاكم:
– أن يُبقي وسيم منصوري على إجراءات رياض سلامة الخاصّة والّتي يعتبرها سلامة نفسه إجراءات الواقع والضّرورة بغض النّظر عن توافقها مع قانون النّقد والتّسليف، وهي إجراءات لا يوافق عليها منصوري ولا يراها قانونيّة، لكنّها تحافظ على الاستقرار في سعر صرف الدّولار، وبالتّالي سيقال بأنّ سلامة كان محقًّا في إجراءاته وسياساته والثّنائي كان مغطّيًا لها وموافقًا عليها!
– أن يوقف منصوري العمل بتعاميم سلامة وعندها سيقفز سعر الدّولار إلى أرقام جنونيّة وبدون سقف، وسيقال عندها بأنّ سلامة كان بريئًا من التّهم الموجّهة إليه، والثّنائي غير جدير بإدارة مؤسّسات الدّولة وسيُحمّل هذه المسؤوليّة أمام اللّبنانيين، وهذا التّخوّف عبّر عنه الرّئيس نبيه برّي صراحة أمام زوّاره.
وما الحل؟ يجيب: خلينا ننطر ونشوف.
أمّا عن عودة لودريان فيؤكّد برّي، حسب زوّاره، عودته في 17 الجاري متوقّعًا أن يحمل معه دعوة إلى الحوار، يسأل رئيس المجلس: هل سيكون الحوار ثنائيًا كما أشيع في بعض الأوساط؟ ينفي برّي ويقول: عُرضت علينا فكرة الحوار الثّلاثي ورفضناها، نحن مع حوار عام وأنا جاهز، وقد «ركّبت الطّاولة بالمجلس».
وما إذا كان سيقبل بإدارة الحوار يكرّر: قلت سابقًا بأنّني طرف ولست صالحًا لإدارة الحوار لأنّه سيكون حول رئاسة الجمهوريّة حصرًا، نحن نفضّل أن يكون الحوار في المجلس وهناك من اقترح أن يكون في قصر الصّنوبر والبعض اقترح أن يكون خارج لبنان، ولكن رأينا واضح، الأفضل أن يكون الحوار في مجلس النّوّاب ونحن سنشارك بممثّل عنّا.
ولكن، ماذا لو تمنّى عليك لودريان إدارة الحوار ووافقت جميع الأطراف، يجيب برّي: «بس يجي منشوف»؛ وماذا لو كان الحوار في قصر الصّنوبر وبدعوة من لودريا؟ يقول: «اذا هيك يديروه الفرنسيين».
ويصرّ برّي على أهمّيّة الاتّفاق السّعودي الإيراني، وهو راهن عليه من مدّة طويلة لأنّ تداعياته الإيجابيّة متشعّبة وستنعكس آثاره على كلّ دول المنطقة وقد بدأت الآثار الإيجاييّة تظهر بالفعل، «ومن لا يرى ذلك فهو «أعشى إن لم أقل أعمى» حسب تعبير برّي ولبنان في آخر القائمة.
لماذا لا تطلب إيران تفعيل الاتّفاق في لبنان؟ يجيب برّي زوّاره: مش هيك بتمشي الأمور، هناك آليّات متّفق عليها في الصّين وأهمّها عدم التّدخّل المباشر في شؤون الدّول، والإيرانيون عندما يسألون عن أي ملف لبناني يقولون: «هذه المسألة عند نبيه برّي وحسن نصرالله».
لماذا لا تطلبون من الإيرانيين مفاتحة السّعودية: يردّ برّي: لم ولن نطلب لأنّنا لم نعدم الوسيلة».
وفي الحديث عن التّوتّرات على الحدود مع فلسطين المحتلّة يؤكّد برّي لزوّاره تمسّكه بكامل الحقوق اللّبنانيّة، وقد أبلغ ذلك إلى قائد قوّات اليونيفيل الّذي زاره مع وفد أمس وشدّد على ضرورة تطبيق القرار 1701 ونزع كافّة التّعدّيات الاسرائيليّة وصولًا إلى تقطة b1، وعمّا إذا كانت «إسرائيل» في وارد التّصعيد العسكري قال برّي: «ما بتقدر».