الجمعة, نوفمبر 22
Banner

“الثنائي” يتوقع تصعيد الضغوط “وليس معنياً ببيان الدوحة”

 ابراهيم بيرم – النهار

بعد المعلومات التي راجت عن “افتراق” بدأت معالمه تلوح ونذره تتبدّى في الآونة الاخيرة بين فرنسا والثنائي الشيعي، ابلغ “حزب الله” الى متصلين به لمعرفة رأيه بهذا الكلام، انه يتعامل منذ البداية مع المبادرة الفرنسية وتتماتها ومتفرعاتها، لاسيما اجتماع الخماسية ومهمة الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص جان – ايف لودريان، بقدر كبير من الموضوعية والعقلانية التي تستوجب عدم الافراط في عقد رهانات كبيرة على مآلاتها المرتقبة ونتائجها المحتملة. وتتمة كلام الحزب انه رغم ذلك لا يبدي اي رغبة في مقاطعة هذه المبادرة والتعامل السلبي معها بل التجاوب معها حتى النفَس الاخير.

وبمعنى آخر فان الحزب يعلن بتشخيصه هذا انه يضع هذه المبادرة في مكانها وحجمها الطبيعيين، فلا هو مستعجل لنعيها ولا هو في المقابل يضع كل اوراقه وبيضه في سلّتها وينام على حريرها.

وبناء عليه، فان الحزب يزعم ان ما صدر عن نتائج اجتماع الخماسية في الدوحة اول من امس لم يشكل عنصر مباغتة له، ولا هو توقف عند الكلام الذي سبق هذا اللقاء والذي انطوى على ما فحواه ان باريس قد قفزت من مركب المبادرة التي سارعت الى اطلاقها باكرا والمنطوية على النظر بجدية الى سليمان فرنجيه مرشحا جديا وطبيعيا من شأن السير قدماً بهذا الخيار ان يفضي الى اخراج الاستحقاق الرئاسي من استعصائه، وذلك لاعتبارين اساسيين:

الاول، ان الحزب على ثقة تامة بان باريس اطلقت هذه المبادرة بكل مضامينها عن سابق دراسة ودراية وقناعة واحاطة للموقف المعقد في الساحة اللبنانية وموازين القوى فيه.

الثاني، انه على رغم ذلك فان رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد لم يتوانَ، في لقاء الساعتين إلا ربعاً الذي عقده مع الموفد لودريان في قصر الصنوبر ابان زيارته لبيروت، عن تقديم لائحة دفوع واضحة تتضمن الاعتبارات والهواجس التي تدفع بالحزب الى تبنّي خيار فرنجيه والثبات عليه.

وفي الموازاة، لم يستكن الحزب في يوم من الايام الى استنتاج حاسم ان المبادرة الفرنسية آيلة الى التحقق قريبا، لانه كان يعي تماما لعبة تناقض الحسابات وتضارب المصالح بين اطراف الخماسية حيال الاستحقاق الرئاسي اللبناني وما يليه. ففي تقديرات الحزب ان للفرنسيين حساباتهم المختلفة عن حسابات بقية اطراف الخماسية. وبمعنى تفصيلي ان الحزب يعرف على سبيل المثال حقيقة الدوافع التي تملي على قطر تبنّي خيار قائد الجيش العماد جوزف عون مرشحا للرئاسة الاولى، واستطرادا ان قطر تتلاقى في هذه القناعة مع قناعة الجانب المصري.

والحزب سبق له ان استمع مليّاً الى ما يدور في خلد الدوحة للسير بهذا الخيار، اذ اجتمع رعد مع الموفد القطري الى بيروت مرتين وبادر الى وضعه في صورة الدوافع والهواجس التي تملي عليه تسمية فرنجيه مرشحا وعدم التراجع عن هذا الخيار. ولم يكن ما سمعه رعد من الموفد إلا عبارة عن تمنيات بالسير بخيار العماد عون لان الدوحة ترى انتخابه “فك مشكلة”.

وفي المقابل، فان الحزب لا يخفي على لسان بعض مسؤوليه انه اكثر “احتفاء” بالموقف السعودي ويعتبره الاكثر عمقا وانسجاما مع الذات، خصوصا بعدما افصح السفير السعودي وليد بخاري عن ان موقف بلاده يقوم على معادلة ان لا مرشح لنا نزكيه ولا مرشح خصم لنا نضع عليه “فيتو” ونحاربه. وكان واضحا بالنسبة الى الحزب ان في طوايا هذا الموقف الجلي تكمن رغبة سعودية في النأي بالنفس عن هذا الاستحقاق الحيوي لاعتبارات عدة في مقدمها عدم الالتزام بأي تعهد مستقبلي حيال الشأن اللبناني.

وكثيرا ما اباح مسؤولون في الحزب في احاديث خاصة بانهم يرون ان هذا الموقف السعودي ليس دليل ضعف او انسحاب كلي من شؤون الساحة اللبنانية وشجونها، اذ وفق الكثير من المعطيات يرى الحزب ان كلمة السر والفصل تعطيها الرياض لعدد من النواب اللبنانيين من شأنها ان تحسم مسار الاستحقاق الرئاسي وتخرج البلاد من ازمتها الحاضرة. لذا فان الحزب لا يخفي ان فك اسر الاستحقاق الرئاسي هو بيد الرياض حصرا وانه ينتظر منها حراكا ما في هذا الصدد.

وعليه، فان الاستنتاج الاوّلي للحزب من لقاء الخماسية في الدوحة اخيرا وما انطوى عليه بيانها الختامي، هو بالنسبة اليه يحمل معنى اساسيا وهو ان مرحلة ممارسة اقصى الضغوط على الثنائي الشيعي لإجباره على التخلي عن خياره الرئاسي المعروف منذ زمن ما زال مستمرا بل انه سيأخذ شكلا تصعيديا في قابل الايام.

واستطرادا، فان جوهر البيان يعني للحزب امرا اساسيا قوامه ان المعنيين المباشرين الخمسة بالاستحقاق الرئاسي اللبناني برهنوا عن رغبة في التقدم بالنقاش نحو مربع جديد يخرج عن المربع التقليدي المعروف وهو ان عليكم اولا التخلي عن ورقة ترشيح فرنجيه، ولن نبوح لكم بخيارنا البديل الذي نعدّ له، ولكن عليكم من الآن ان توطّنوا انفسكم على تقبّله مهما كان وان تسيروا في ركبه بصرف النظر عما يمكن ان يؤدي اليه.

واقع الحال يفضي في نظر الحزب الى امر اساسي هو ان على البلاد ان تنتظر جولة ضغوط وجولة تصادم رؤى وارادات، فضلا عن الاحتمالات السلبية، خصوصا ان الثنائي ابلغ الى من يعنيهم الامر انه ليس في وارد التراجع تحت ضغط املاءات مبهمة وغامضة.

وبالإجمال يعتبر الثنائي الشيعي نفسه غير معني بما ورد في بيان الخماسية واعتباره كأنه لم يكن، علما ان هذا التوجه لا يعني اطلاقا ان الثنائي قد اوصد ابوابه امام تجديد مساعي الحوار المفضي الى التوافق. ولا يخفى على الثنائي ان بيان لقاء الدوحة كان منتظرا لانه رد فعل تلقائي على دور الثنائي في احباط جلسة 14 حزيران.

Leave A Reply