الجمعة, نوفمبر 22
Banner

رقعة الفراغ تتسع ومصير البلد في المجهول!

عبدالكافي الصمد – سفير الشمال

عشرة أيّام بالتمام والكمال وتنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ليغادر بعدها منصبه الذي قضى فيه 30 عاماً، وهي الفترة الأطول التي يقضيها حاكم للمصرف المركزي في المنصب منذ تأسيسه، لكنّه يتأهّب لمغادرة مكتبه بغير ما دخله، تاركاً وراءه جدلاً واسعاً لا يتوقع أن تطوى صفحاته قريباً.

فعندما عُيّن سلامة حاكماً للمصرف المركزي كان ذلك إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من السّياسة النقدية تزامنت مع مجيء الرئيس الراحل رفيق الحريري إلى السّلطة في عام 1992، لكنّه يغادر مكتبه وهذه السّياسة النقدية لم يبقَ منها شيئاً يُذكر، لا بل إنّ جميع ما تحقق طوال حقبة الحريري الأب، ومن بعده الحريري الإبن الرئيس سعد الحريري من سياسة تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية، قد أصبح من الماضي، بكلّ ما لهذه السياسة من سلبيات وإيجابيات، ومؤيّدين ومعارضين.

يستعد سلامة ليغادر المصرف المركزي وكثير من أهل السّلطة وأغلب الشّعب اللبناني يحمّله تبعات الأزمة المالية والنقدية، والإنهيار الكبير الذي شهده سعر صرف الليرة اللبنانية، وهو إنهيار دفع أكثر من ثلاثة أرباع الشّعب اللبناني نحو هاوية وقعر الفقر، وطارت ودائع صغار المودعين وجنى أعمارهم من المصارف اللبنانية، والدولة اللبنانية بإداراتها ومؤسّساتها شبه منهارة أو تكاد، ما جعل أسئلة كثيرة تُطرح حول حقيقة إدّعاء سلامة عن الإنجازات التي حقّقها في عهده.

ولا شكّ أنّ مرحلة جديدة ستبدأ غداة مغادرة سلامة، مالياً ونقدياً وإقتصادياً، لكنّها مرحلة ليست واضحة المعالم بعد، إذ نظراً لعدم قدرة حكومة تصريف الأعمال على تعيين حاكم جديد خلفاً لسلامة، لأسباب مختلفة، فإنّ مرحلة إنتقالية ستبدأ في الأوّل من شهر آب المقبل، إنّما من غير معرفة شكل هذه المرحلة الإنتقالية، ولا كم ستكون مدّتها الزمنية، ولا كيف سيُدار مصرف لبنان خلالها، ولا ما ينتظر الليرة اللبنانية في المرحلة المقبلة، ولا مصير البلد كلّه.

ومع أنّ إقتراحات كثيرة بدأت تُطرح قبل مغادرة سلامة حول كيفية إدارة مصرف لبنان بعد الفراغ في منصب حاكميته، فإنّ أغلب الإقتراحات يُنتظر أن يُحسم الجدل حولها خلال الأيّام العشرة المقبلة، وإنْ كان الخيار الأرجح هو أن يتولى نوّاب الحاكم الأربعة إدارة شؤون المصرف المركزي بالوكالة إلى حين تعيين حاكم جديد.

لكنّ هذا الفراغ على رأس حاكمية المصرف المركزي يأتي بعد الفراع في سدّة رئاسة الجمهورية المستمر منذ 31 تشرين الأول الماضي، وهو فراغ لا يبدو أنّ الأفق القريب سيشهد نهاية له، وسط توقعات أن لا يشهد العام الجاري إنتخاب الرئيس العتيد، وأن يذهب إستحقاق الإنتخابات الرئاسية إلى العام المقبل وهو العام الذي سيشهد في مطلعه، وتحديداً في 10 كانون الثاني المقبل، نهاية ولاية قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، وسط مخاوف أن لا يتم من الآن وإلى حينها حصول أيّ تسوية تضع حدّاً للفراغ الرئاسي والفراغ في حاكمية مصرف لبنان، وأن تمتد رقعة هذا الفراغ إلى منصب قائد الجيش، ما يدخل البلد في فراغ لم يعرفه من قبل، وفي مجهول ليس معروفاً أيّ مصير ينتظره بعده.

Leave A Reply