حسين سعد –
تخطت تمثيلية واقعة كربلاء في مدينة النبطية المئة عام الاولى، ببضع سنوات، وفي كل عام إضافي تزداد وتيرة احياء العاشر من محرم ، على اكثر من صعيد، بدءا بتعدد الوجوه المشاركة في التمثيل والتنظيم والحشد الشعبي، الذي يأتي من كل صوب، متوجها الى المدينة، المحافظة على صدارة تمثيل الواقعة، رغم فقد الكثير من الوجوه ، التي كانت تؤدي ادوارا مختلفة ومنها قاسم قديح (أبي رشاد ) الذي كان يؤدي دور الشمر، على مدى سنوات وعقود .
روايات حول الانطلاقة
تؤكد الروايات المتناقلة، ان بدايات احياء العاشر من محرم في مدينة النبطية ، تعود الى العام ١٩١٩ ، بمبادرة من الطبيب الايراني إبراهيم الميرزا ، الذي قدم مع عائلات ايرانية اخرى في تلك الفترة الى النبطية والنبطية الفوقا وجبشيت ، بعدما استحصل على استصدار ترخيص من الخارجية العثمانية في اسطنبول بواسطة القنصل الإيراني في بيروت، سمح للإيرانيين فقط بإحياء مراسم عاشوراء في النبطية.
وتشير الروايات انه سبق ذلك قيام الشيخ عبد الحسين صادق في سنة ١٩٠٩، بوضع أول نص مسرحي لتمثيل واقعة كربلاء، ليكون بديلا عن المشاهد التمثيلية الصامتة، التي كان يؤديها عدد من ابناء المدينة الموزعين في فرقتين ، ركب الحسين و”الحق” وجماعة الشمر و”الكفرة”.
في العام 1919، ومع انتهاء الحكم العثماني، بدأ إحياء هذه المراسم مشتركة وعلانية بين الإيرانيين والأهالي في النبطية، ثم أخذ العدد يتضاعف ليشمل كل المناطق الشيعة في جبل عامل. حيث شكلت النبطية نقطة التقاء، خصوصا في يومي التاسع والعاشر من محرم، كما كانت مقصدا للوافدين اليها من مناطق بعيدة على ظهور البغال والحمير، فيبيتون على بيدرها، ليتسنى لهم في اليوم التالي المشاركة في مراسم العاشر ، حيث كانت ( الندبيات ) تردد باللغة الفارسية.
وتنطلق عادة مراسم اليوم العاشر في مدينة النبطية، منذ الصباح الباكر، حيث تحز رؤوس الأطفال والصغار من مرتدي الأكفان البيضاء، بالأمواس، ويتولوا هم أو ذويهم، ضربها بالأكف، مرددين “حيدر، حيدر”.
مخرجون وممثلون
تعاقب على إخراج المسرحية “العاشورائية” أكثر من مخرج من أبناء النبطية ومنطقتها، من بينهم الكاتب المسرحي مشهور مصطفى وحسام الصباح ورئيف كرم، فيما شارك في تأدية دور الامام الحسين بن علي الشاعر عبدالله كحيل منذ عام 1930، فابنه فؤاد ثم ابنه حسن حتى سنة 2003. وأداه مرات قليلة حسين سلوم في غياب كحيل. وأدى دور الإمام زين العابدين على مدى سنين طويلة المختار حبيب جابر ثم ابنه جابر جابر.
وكان دخول الخيل على العمل المسرحي في سنة 1934 على يد الحاج يوسف العجمي، الإيراني المقيم في النبطية، ثم تبعه دخول الجمال والنوق.
ومؤخرا دخل العنصر النسائي لأول مرة، منذ تاريخ تشخيص موقعة “الطف” في النبطية، لعقيلة بني هاشم، السيدة زينب وأدت دورها الممثلة، ابنة بنت جبيل وفاء شرارة. وأدى دور الإمام الحسين الممثل اللبناني القدير عمار شلق، ودور أخيه العباس علي طحان، وخالد السيد دور عمر بن سعد، وشوقي خليل، فضلاً عن الممثلين المحليين التقليديين: علاء محي الدين في دور علي الأكبر، وذو الفقار جابر في دور القاسم بن الحسن، علي طقش في دور عبيد الله بن زياد، واحمد حجازي في دور حبيب بن مظاهر، وقاسم قديح في دور الشمر بن ذي الجوشن، والمربي منير نحلة بدور ابو الفضل العباس ، وحسين برجاوي وجواد صباح ومحمد حجازي، مع نحو مئة وخمسين مؤدياً لأدوار جماعية، معظمها من الجند والمحاربين.
إستعدادات حالية
وفي العام الحالي ، تجري الاستعدادات والتحضيرات والبروفات لتمثيل واقعة كربلاء بعد ايام. ويؤدي ادوار المسرحية الممثلين ، عامر العلي، بدور الامام الحسين ، سوسن العواد، بدور السيدة زينب.
حسين داوود شكرون ( عبيد الله بن زياد ) وليد سعد الدين ( أبو الفتح الازدي ) حسين شكرون ( يزيد بن معاويه ) قاسم جابر ( الشمر ) محمد بشر ( عمر ابن سعد ) محمد حجازي ( العباس ) حمزة حجازي ( علي الاكبر ) ابراهيم كمال ( زهير إبن القين )، وابراهيم محي الدين في دور الحر العاملي.
ويتولى الاخراج العام علي بيطار ، ويساعده حنان علوش ، علي شرف الدين ، حسين بشارة ، هادي بيطار، و سالي ايراني ، و تدريب فنون قتالية ، محمد فحص ، بحيث يتم اضافة تحديثات جديدة على الديكور والمجسمات ، ومؤثرات صوتية من وحي المناسبة .
وتقديرا للراحلين ، ممن شاركوا في تمثيل المسرحية على فترات مختلفة ، تم رفع صور لهؤلاء في التبطيه ، وفاء لعملهم وتفانيهم .
إبراهيم كمال
وقال أحد الممثلين إبراهيم كمال ل “جنوبية” ، وهو رئيس نادي للكاراتيه في النبطية ( كيوكوشنكاي ) والذي يشارك في تمثيل واقعة كربلاء منذ سنوات ، انه “يعشق الادوار التي يؤديها في المسرحية ، مهما كانت لاظهار مظلومية الامام الحسين ، الذي استشهد دفاعا عن الحق”.
تربينا على تمثيل واقعة كربلاء وحب الامام الحسين والسيدة زينب عليهما السلام
وأضاف “نحن في النبطية ، تربينا على تمثيل واقعة كربلاء وحب الامام الحسين والسيدة زينب عليهما السلام”، مثنيا على “المواكبة الدائمة لامام النبطية الشيخ عبد الحسين آل صادق، الذي يرعى هذا العمل المسرحي الهادف منذ عقود”.
جنوبية