كتبت صحيفة النهار تقول: قبل ثلاثة أيام من موعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الإثنين المقبل الذي سيكون موعداً لرسم مسار مصيري مالياً واجتماعياً وحتى سياسياً، بدا أن السوق المالية بدأت تتلقى “العوارض” الجانبية الاستباقية لما يخشى أن يشكل مؤشرات لاضطراب ينتج عن الحالة المتذبذبة التي تواكب الانتقال في الحاكمية بما يوفر تربة خصبة للاضطرابات المالية. ذلك أن التراجع المفاجئ الذي سجل أمس في سعر الدولار وهبط به الى ما دون التسعين ألف ليرة عند حدود الـ88 و87 و89 ألف ليرة لم يكن له من دلالات إيجابية أو سلبية ثابتة وسط تقديرات بأنه كان نتيجة الشح الكبير في السيولة بالليرة وعدم توافر العرض والطلب نتيجة ترقب التطورات المقبلة في مطلع الأسبوع.
وتبعاً لذلك تتجه الأنظار الى الإثنين الحاسم خصوصاً في ظل إعلان النائب الأول لحاكم مصرف لبنان الدكتور #وسيم منصوري عن عقده مؤتمراً صحافياً في الطابق السابع من مبنى مصرف لبنان في تمام الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الإثنين.
وأفادت معلومات “النهار” بأنّ النائب الأوّل لحاكم مصرف لبنان لن يعلن استقالته وأنه سيعرض خطته للمرحلة المقبلة بعد تسلمه مسؤولية حاكمية مصرف لبنان بالوكالة وسيشرح كيف سيتصرف مصرف لبنان من دون المس بالاحتياط الإلزامي. وأشارت المعلومات إلى أنّ منصوري سيستمرّ في تسيير أعمال منصّة “صيرفة” أقلّه لأشهر مقبلة. كما بأنّ نواب الحاكم الثلاثة الآخرين لن يستقيلوا.
وفي هذا الوقت قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في حديث لوكالة “رويترز” أنّه عمل وفقاً للقانون خلال فترة ولايته، معتبراً أنّ المصرف المركزي يمكنه احتواء الأزمة بعد مغادرته من خلال المبادرات النقدية.
وبدوره اعتبر نائب حاكم مصرف لبنان سليم شاهين أن “على الجميع تحمل مسؤولياته في هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها البلاد”. وأضاف “بعد أن تطوي البلاد صفحة مع انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 31 تموز المقبل، نحن أمام مفترق طرق قد يكون الأخير أمام ما تواجهه البلاد”. وأشار شاهين الى أن “تداعيات تحرير سعر الصرف يمكن ضبطها في حال كان هناك قرار سياسي بذلك”.
غير أن موقفاً لافتاً أطلقه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب أثار التساؤلات والاستغراب لجهة إعلانه رفض تسلم منصوري من زاوية عدم تحميل الشيعة مسؤولية الانهيار. وقال: “سبق أن ارتفعت الأصوات عندما تحدثوا عن الشغور في حاكمية مصرف لبنان واستلام الشيعي النائب الاول مهام الحاكمية لأن هذا الموقع للطائفة المسيحية فما عدا ممّا بدا حتى تغيرت الأمور الى تحميل النائب الأول مسؤولياته في البقاء في موقعه وعدم الاستقالة وتهديده بالمحاكمة؟”، وقال “يريدون تحميلنا مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي وينسون مسؤولياتهم ودورهم في حصول الانهيار، وعدم محاسبة كل مسؤول عنه، ويريدون تحميل الطائفة الشيعية والسلاح وزر الانهيار، لذلك أنا أرفض أن يتولى نائب الحاكم الشيعي المسؤولية لأنهم سيحملون الشيعة المسؤولية في استمرار الانهيار”.
في المشهد السياسي بدأت المواقف الداخلية تتخذ طابع إعادة التموضع مع الطرح الذي جال به الموفد الفرنسي جان إيف لودريان على القيادات السياسية والكتل النيابية بعقد حوار في أيلول المقبل حول مواصفات وبرنامج الرئيس المقبل. وفي هذا السياق أكد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد أن “ثمة جهوداً تبذل لملاقاة اللبنانيين لبعضهم بعض من أجل التفاهم على صيغة ما لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، ونأمل أن تسفر هذه الجهود عن تراجع البعض عن قناعاتهم التعطيلية التي لا تخدم مصلحة البلد ولا تنظر إلى الأفق البعيد لمصلحة اللبنانيين”. وشدد على “أننا ما زلنا على موقفنا، لم نغيّر ولن نبدّل، وجاهزون لإقناع الآخرين بما عليه اقتناعنا لمصلحة بلدنا الذي يضمنا جميعاً ولمصلحتهم قبل أن تكون لمصلحتنا، وعسى أن ننتظر فرجاً يأتينا، وإلهاماً يدفع البعض للتراجع عن أخطائه”.
وبدا لافتاً في هذا السياق استعجال رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل غداة زيارة لودريان إعلانه عن “الموقف – المقايضة ” الذي يطرحه في حواره المتجدد مع “حزب الله” في ما فسر بانها محاولة متكررة من جانبه للاستئثار بالموقف المسيحي على قاعدة الضرب على شعارات شعبوية منها اعتماد اللامركزية الموسعة علماً أن هذا المطلب يثير الكثير من التعقيدات لجهة القفز على ما ينص عليه الطائف أو لجهة إثارة اعتراضات فئات عديدة.
وأمس أشار عضو تكتل “لبنان القوي” النائب #أسعد درغام “الى أننا دخلنا مرحلة مهمة جداً من الحوار مع حزب الله وكان موقف الحزب جيداً لجهة رفضه تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان في ظل غياب رئيس الجمهورية إذ تمسك بالشراكة الوطنية”. وشدّد على أن “كلام الوزير جبران باسيل يوم أمس كان واضحاً لجهة المطالبة باللامركزية الموسعة، والصندوق الائتماني، وبرنامج بناء دولة”، لافتاً الى أن “الحوار انطلق من دون شرط مسبق وبالتالي نحن مستعدون للاتفاق على برنامج، وعندما نحصل على توافق كل القوى اللبنانية، هذا الأمر يؤدي الى الاتفاق على مقومات الدولة في المرحلة المقبلة”. وتابع “نحن بحاجة الى وفاق وتفاهم يعيد إنتاج السلطة ويؤدي الى رئيس للجمهورية يستطيع أن يحكم، ويتمكن من خوض الاستحقاقات المقبلة، إن كانت مالية أو استنهاض البلد وعودة النازحين السوريين”. وحذر من “عملية دمج النازحين السوريين التي هي بداية توطين، وبداية زوال البلد”. وختم: “العلاقة مع حزب الله والتفاهم معه حمى لبنان ومن مصلحة التيار الوطني الحر والحزب أن يستمر، وكلام جبران باسيل يوم أمس كان إيجابياً والمطلوب عدم إضاعة الوقت والمفروض إقرار اللامركزية الادارية المسبقة واقتراح قانون ما يؤدي الى تفاهم حول المرحلة المقبلة”.