كتبت صحيفة الديار تقول: الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في جولته الاولى الى لبنان اتى مدعوما من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في حين في جولته الثانية اتى مدعوما من اللجنة الخماسية التي انعقدت في قطر، حاملا ما اتفقت عليه اللجنة في لقاءاته مع الاحزاب ورؤساء الكتل النيابية. وتكلم لودريان بصراحة تامة مع المسؤولين داعيا اياهم الى عقد جلسات حوارية ثنائية وثلاثية ورباعية، ولكن ليس طاولة حوار جامعة بدءا من اليوم حتى ايلول. اما في ايلول، وهنا سيعود للمرة الثالثة الى بيروت، فدعا لودريان الى ان ينعقد المجلس النيابي بجلسات متتالية حتى انتخاب رئيس، الا انه لم يطرح اي اسم لمرشحي رئاسة الجمهورية.
وابلغ لودريان المسؤولين ان مقررات اللجنة الخماسية كانت حاسمة حيال من سيعطل الانتخابات الرئاسية في لبنان، اذ سيتم اتخاذ عقوبات ضد المعطلين، خاصة ان فرنسا يمكنها تحريك الاتحاد الاوروبي، اما الولايات المتحدة فستفرض عقوبات مباشرة على من يعطل.
وهنا، قالت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان المسؤولين اللبنانيين، الذين اجتمعوا بلودريان، قالوا ان فرنسا تخلت عن مبادرتها سليمان فرنجية رئيسا ونواف سلام رئيسا للوزراء، ولكن فرنجية سيبقى اسما من بين خمسة اسماء مرشحة لرئاسة الجمهورية.
من جهته، اعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري عن تفاؤله في مسار الملف الرئاسي، وهو قد اجتمع بلودريان مرتين، قائلا ان نافذة فتحت على الحل بما ان بري يعتبر ان مفاوضات حزب الله مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قد تؤدي الى تأمين 65 صوتا لفرنجية.
اما عن الشغور في حاكمية مصرف لبنان، فاعلن نائب الحاكم الثاني انه مستعد لتسلم هذا المنصب اذا كان نائب الحاكم الاول مترددا وغير مقتنع بتسلم مكان الحاكم. وطلب نواب الحاكم 200 مليون دولار لبيعها في السوق لمنع قدر المستطاع صعود الدولار، وهذا الامر يتطلب تشريع المجلس النيابي وموافقته. فهل يلبى طلبهم؟
مصدر في حزب الله: باسيل يتراجع عن رفض فرنجية مقابل ضمانات
قال مصدر في حزب الله للديار، ان كلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل «اعطونا سلفا اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني وخذوا منا اكبر تضحية على ست سنوات»، هو موقف مشجع وبداية محفزة للحوار للوصول الى اتفاق بين الوطني الحر والثنائي الشيعي حول رئيس الجمهورية، كما ان كلام باسيل يشير الى انه عاد عن شرطه المسبق الرافض لترشيح سليمان فرنجية مقابل ضمانات يريدها. واضاف المصدر، ان باسيل اقترب من موقف حزب الله في ما يتعلق بالملف الرئاسي انما في الوقت ذاته، لفت المصدر ان اقرار اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني لا يمكن ان يتحقق فقط اذا وافق عليهما حزب الله والتيار الوطني الحر وصوتا لهذه القوانين في المجلس النيابي، بل تحتاج هذه القوانين الى اجماع وطني، ناهيك بان بعض الكتل النيابية تعتبر ان مجلس النواب حاليا يجب فقط ان ينعقد لانتخاب رئيس جمهورية وليس للتشريع.
وقال المصدر ان حزب الله لا يزال يدعو للحوار دون شروط مسبقة، اي دون ان يطرح الفريق الاخر شرط تخلي حزب الله وحركة امل عن ترشيح رئيس تيار المردة للقبول بالحوار، وكذلك الامر ينطبق على الثنائي الشيعي الذي لن يدعو الفريق الاخر الى التخلي عن مرشحه جهاد ازعور للتحاور معه.
اوساط سياسية: باسيل اقتنع ان لا بديل عن اتمام صفقة مع حزب الله
في سياق متصل، كشفت اوساط سياسية للديار ان النائب جبران باسيل وجد نفسه امام معضلة صعبة، وهي انه غير قادر على التقدم مع المعارضة ولن يتوصل الى مكاسب ترضيه، كما اقتنع ان حزب الله ليس في صدد التراجع عن ترشيح سليمان فرنجية، وعلى هذا الاساس راى باسيل ان لا امكان غير عقد صفقة مع حزب الله، وبالتالي طرح المقايضة التي تقضي بحصوله على اللامركزية الواسعة والصندوق الائتماني مقابل تضحيته في الملف الرئاسي لست سنوات. و لفتت الاوساط ان باسيل تحدث ايضا انه وعد انه سيحصل على مكاسب بعد ست سنوات، وهذا يشير ان هناك من قال له ان رئاسة الجمهورية ستكون من نصيب جبران باسيل بعد ست سنوات. وعليه، يحاول باسيل عبر الكلام الذي قاله ان يعطي مبررات لبيئته ولمناصريه، انه في حال تراجع عن موقفه الرافض لفرنجية فذلك اتى بعد حصوله على خطوات تصب في مصلحة المسيحيين.
وفي هذا الاطار، رأت الاوساط السياسية ان رئيس كتلة لبنان القوي جبران باسيل اراد من كلامه جس النبض ومعرفة الردود على موقفه، ومن الواضح ان حزب الله قرأ موقف باسيل ايجابا.
واكدت هذه الاوساط ان الامور وصلت الى افق مسدود حيث لا يمكن تغيير المعادلة الرئاسية الا من خلال تغيير موازين القوة. وبمعنى اخر، اذا لن يحصل تبدل في ميزان القوة داخليا فستبقى الامور على ما هي عليه، اذ لن يتمكن لا الموفد الرئاسي الفرنسي ان يحدث خرقا ايجابيا في مسار انتخاب رئيس للجمهورية ولا اي تدخل خارجي يمكن ان يغير في موقف حزب الله. اما المعطى الوحيد الذي يمكن ان يشكل تغييرا، اي في تحريك الستاتيكو السياسي الداخلي، والفريق الوحيد الذي ينتقل من ضفة الثنائي الشيعي الى ضفة المعارضة ثم يبدل موقفه ويعود ويقترب من حزب الله هو التيار الوطني الحر. انطلاقا من هذا الواقع السياسي الداخلي، هناك رهان على الوطني الحر بما انه الفريق الوحيد المتحرك للذهاب باتجاه حزب الله. وهنا الاخير يراهن على ان يدعم باسيل فرنجية للرئاسة، كما على ان محور الممانعة، من خلال التفاهم الحاصل بين السعودية وايران، سيستطيع عندئذ ان يتبادل الأوراق مع السعودية، ما يحثها على تليين موقفها حول انتخاب فرنجية.
جولة لودريان الثانية: جولات عمل ودعوات لحوار ثنائي وثلاثي ورباعي قبل ايلول
على صعيد الزيارة الثانية للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، حصلت الديار من مصادر ديبلوماسية على ما حصل في لقاءات لودريان مع رؤساء الكتل ورئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الاعمال. وكشفت المصادر الديبلوماسية ان لودريان كان صريحا جدا، وقال للمسؤولين اللبنانيين ان المأزق كبير ولبنان امام طريق مسدود، ولذلك يجب فعل اي شيء. واوضح لودريان انه امام خيارين: الخيار الاول ان يترك لودريان الملف اللبناني، ولكن الدول الخمس لا تريد ترك لبنان لمصيره، بل تريد مساعدته. والخيار الثاني هو البحث دائما عن افكار، لعله مع الوقت يمكن الوصول الى نتيجة. وعليه، طرح لودريان عقد جلسات عمل قد تكون على شاكلة لقاءات في قصر الصنوبر، او بعبارات اخرى تكون كاستشارات تجرى مع الكتل النيابية بهدف الوصول الى لائحة اسماء يتم التقاطع على اسم او اسمين لرئاسة الجمهورية. ولكن رأت ايضا المصادر الديبلوماسية ان جلسات العمل واللقاءات لن تذهب ابعد من مجرد التشاور ما دام حزب الله متمسكا بمرشحه سليمان فرنجية، مشيرة الى ان اللجنة الخماسية تريد ان تحصل الانتخابات الرئاسية اللبنانية، ولكن ليس بأي ثمن، حيث تريد ان يتعافى لبنان، وهذا الامر يتطلب سلطة تنفيذية قادرة على الانفتاح على الاصلاحات، الا ان شيئا من ذلك لم يتحقق في اربع السنوات الماضية.
حاكمية مصرف لبنان
على صعيد اخر، لم يعد هناك من جلسة حكومية لمعالجة الشغور في حاكمية مصرف لبنان الذي يبدأ الاثنين المقبل عند انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بل ستنعقد الحكومة للبحث في الموازنة. وفي هذا المسار، رأت مصادر اقتصادية ان تصريف الاعمال سيكون سيد الموقف في مصرف لبنان.
اما مواقف نواب الحاكم برفع السقف عاليا، فتدل الى انهم لا يريدون ان يتحملوا المسؤولية ولا ان يطبقوا قانون النقد والتسليف الذي ينص على ان يتولى نائب الحاكم الاول منصب حاكم مصرف لبنان مؤقتا الى ان يتم تعيين حاكم جديد.
واعلنت القوات اللبنانية انها تعارض اي تعيين او تمديد في حاكمية المصرف المركزي وفقا للدستور، وهذا الشغور للاسف حصل، ولكن يجب اولا انتخاب رئيس للجمهورية.
القوات اللبنانية: مقايضة اللامركزية وصندوق سيادي مقابل رئيس للجمهورية مرفوض رفضا قاطعا
من جهتها، قالت مصادر القوات اللبنانية للديار انها ترفض مبدأ المقايضة في انتخاب رئيس للجمهورية رفضا باتا، بل المطلوب الذهاب الى انتخابات رئاسية ضمن الالية المنصوص عليها في الدستور لجهة دورات متتالية تفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية. وتابعت ان المقايضة اذا كانت على غرار ما طرح رئيس جمهورية لفريق ورئيس وزراء لفريق اخر مرفوضة واسقطت، كما المقايضة من قبيل اللامركزية وصندوق ائتماني مقابل رئيس جمهورية مرفوضة مطلقا، لان اللامركزية موجودة في اتفاق الطائف، ولكن لم تطبق بسبب رفض فريق معين تنفيذها، رغم ان اللامركزية هي حق من حقوق اللبنانيين. كما ان صندوق السيادي بعد الترسيم البحري هو حق بديهي للبنانيين من اجل عدم سرقة الثروة اللبنانية من قبل المنظومة الفاسدة. وبالتالي رأت المصادر القواتية ان لا احد يستطيع ان يمنن احدا في لبنان انه «مقابل اللامركزية والصندوق نعطيك رئيسا للجمهورية». وتعقيبا على هذا الطرح، شددت القوات اللبنانية على ان اقرار اللامركزية وصندوق ائتماني يجب ان يبت منفردا ومنفصلا عن الملف الرئاسي. واضافت ان اليوم المطلوب وصول الرئيس للجمهورية الضامن لصندوق سيادي بعيدا عن التهريب والفساد الى جانب وجود حكومة فعالة، والتمكن من تطبيق اللامركزية الواسعة بما يحقق الانماء المتوازن بين جميع المناطق اللبنانية.
وتكلمت القوات اللبنانية انه بين الجولة الاولى والثانية لزيارة لودريان الى لبنان اختلف امران. الامر الاول هو صدور بيان الدوحة الذي تبنى مطالب المعارضة لجهة القرارات الدولية، منها الحفاظ على اتفاق الطائف وبيانات الجامعة العربية وانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان بطريقة نزيهة وشفافة، اي من خلال صندوق الاقتراع وليس عبر الحوار. والامر الثاني هو جلسة 14 حزيران التي اوضحت استحالة اي فريق ان يتمكن من ايصال مرشحه الى قصر بعبدا، الا ان هذه الجلسة اكدت شيئا اضافيا وهو لو فتحت جلسات نيابية متتالية لكانت المعارضة نجحت في ايصال مرشحها جهاد أزعور.
في الجولة الثانية، وبعدما رأى ان الطريق مسدود ، تجنب لودريان الحديث عن الحوار، بل ركز على حصول اجتماعات عمل ثنائية وثلاثية لطرح موضوعين والبحث فيهما، وهما مواصفات رئيس الجمهورية ومهمات الرئيس الجديد.