باشرت “فايزر” في توزيع لقاحها المضاد لفيروس كورونا فعلا، في دول مختلفة حول العالم، بعدما تمكنت من إجراء الأبحاث عليه وإنتاجه في فترة قياسية تقل عن عام واحد.
سرعة الظهور الصاروخية للقاح جعلت كثيرين يشكون في فعاليته، لاسيما وأن المعلومات السائدة تقول إن عملية تطوير لقاح تستغرق سنوات طويلة للتحقق من فعاليته، والأهم من ذلك، التأكد أن استخدامه آمن على البشر.
إذن، كيف طرحت فايزر لقاحها بهذه السرعة والثقة؟
صحيفة “وول ستريت جورنال”، نشرت تقريرا مطولا حول مراحل إنتاج اللقاح.
بدأت القصة، وفقا لتقرير الصحيفة، أثناء جدال احتدم بين الرئيس التنفيذي لفايزر، آلبرت بورلا، ورئيس التصنيع في الشركة، مايك ماكديرموت، عبر مكالمة فيديو، في وقت مبكر من بدء العمل على تطوير اللقاح.
ضغط جنوني
كان فريق ماكديرموت يعمل بشكل جنوني تحت ضغوط هائلة من بورلا لمضاعفة العمل على إنتاج اللقاح، بحسب تقرير وول ستريت جورنل.
“ما نفعله هو فعلا معجزة (..) أنت تطلب الكثير،” قال ماكديرموت لبورلا خلال المراحل الأولى.
ورغم عدم تمكن فايزر من تحقيق جميع الأهداف التي سعت إليها في البداية، وهي الوصول إلى نحو 100 مليون جرعة من اللقاح بحلول أكتوبر 2020، تمكنت من تقليص الوقت الذي يتطلبه الأمر، والذي قد يتجاوز 10 سنوات عادة، إلى فترة تقل عن عام واحد.
وساهمت شراكة فايزر الأميركية مع “بيونتك” الألمانية في تسريع المهمة، خصوصا وأن الأخيرة اتجهت إلى تصميم مادة تحاكي الـ”mRNA” الذي يحمله فيروس كورونا، بدلا من زراعته التي تستغرق شهورا من العمل.
وما قامت به بيونتك يتمثل ببساطة بتصميم “mRNA” يحمل الشيفرة الجينية للنتوءات البروتينية الموجودة على سطح فيروس كورونا، قادر على استفزاز خلايا الجهاز المناعي لصنع أجسام مضادة ستتمكن من التعامل مع الفيروس الحقيقي في حالة إصابة متلقي اللقاح بالعدوى.
تجارب متزامنة وتحديث يومي
وعادة ما يتم اختبار اللقاح في تجارب مكونة من ثلاث مراحل، بما يشمل تجريبه في البداية على عدد محدود من الأشخاص للتأكد من عدم تهديده بسلامتهم.
ولتوفير الوقت، اتبع باحثو فايزر وبيونتك خطوات غير تقليدية، شملت اختبار عدة نسخ من اللقاح، وإرسال بيانات محدثة بشكل شبه يومي إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية، لتبقى على اطلاع، في محاولة لاستثمار الوقت.
وكانت فايزر وبيونتك قد توصلتا إلى 20 تركيبة من اللقاح، تم استبعاد 16 منها بحلول 12 أبريل.
وعادة ما يستغرق الأمر سنوات من الأبحاث لإنهاء التجارب على الحيوانات، قبل مباشرة إجرائها على الإنسان. وبينما لم تمتلك فايزر هذه الرفاهية من الوقت، باشرت باختبار لقاحها بالتوازي على القرود وعلى البشر معا.
“نحتاج إلى السرعة (..) عليك أن تعيد التفكير بالطريقة التي تسير بها عادة”، قالت رئيسة أبحاث اللقاح في فايزر، كاثرين جانسن.
وفي يونيو، أظهرت البيانات النتائج الأولية لأول لقاح مرشح من بين اللقاحات الأربعة المتبقية.
وفي يوليو، أظهرت البيانات أن اللقاح الثاني من بين اللقاحات الأربعة المتبقية كان هو الأجدر بأن يصبح لقاح الشركة المرشح للاعتماد.
إمكانيات مضاعفة
ولتسريع المهمة، أنفقت فايزر أكثر من ضعف الميزانية التي كانت قد خصصتها لشراء وتصميم معدات إنتاج اللقاح، واعتمدت على عدة مصانع في عدة دول لتحقيق أهدافها.
وبحلول يوم 27 يوليو، باشرت الشركة المرحلة الأخيرة من تجاربها على اللقاح، حيث تلقى أول أربعة متطوعين في التجارب السريرية حقنهم في جامعة روتشستر في نيويورك.
وبعد عراقيل عدة واجهتها التجارب، بينت مراجعة أولية للقاح في أوائل نوفمبر أنه كان فعالا بنسبة تصل إلى 90 بالمئة، كما بدا آمنا.
إنتاج استباقي
وكانت الشركة قد باشرت عملية الإنتاج في اللقاح الذي كانت تراهن على نجاحه في وقت سابق لانتهاء التجارب وصدور الموافقات من السلطات الصحية في الدول لاستخدامه، ما ساهم بأن يرى اللقاح النور ويتم توزيعه على نطاق واسع فور ترخيصه بشكل رسمي، وهذا ما حصل فعلا في بريطانيا.
“أحاول اصطياد النجوم دائما، لأنني أعرف أنك حتى لو لم تصبها، ستهبط في مكان ما على القمر”، قال ماكديرموت لوول ستريت جورنال.
وأضاف “لكن في الوقت الحالي يبدو أننا هبطنا، بشكل أو بآخر، على النجوم”.
الحرة