كتبت صحيفة “الأخبار”: حالةٌ من الاستنفار المشوب بكثير من القلق والشائعات خلّفتها دعوة السفارة السعودية، ليل الجمعة – السبت، رعايا بلادها في لبنان إلى تجنّب “الاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعات مسلّحة”، ومطالبتهم بـ “مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، والتقيّد بقرار منع السفر إلى لبنان”. وكالعادة، أعادت سفارات خليجية “تغريد” التحذير السعودي، فطلبت الكويت من رعاياها “الابتعاد عن مواقع الاضطرابات الأمنيّة”، ودعت البحرين مواطنيها إلى “مغادرة الأراضي اللبنانية”، وذكّرت الإمارات بـ”التقيد بمنع السفر إلى لبنان”، وطلبت السفارة الألمانية من مواطنيها “تحديث بياناتهم على منصة السفارة والابتعاد عن مناطق الاشتباكات”.
خرقت هذه البيانات “الهدنة السياسية الهشّة” مع كثير من الأسئلة حول أسباب هذه الإجراءات “الاحترازية”، رغم أن “لا معلومات حول تصعيد أمني”، كما أن الأوضاع في مخيم عين الحلوة بقيت مضبوطة في اليومين الماضيين بعد الالتزام بوقف إطلاق النار عقب أيام من الاشتباكات. وحتى مساء أمس، بقيت الأسئلة من دون جواب حاسم، وبدأت دوائر مراقبة تربطها بأبعاد تتصل بوضع المنطقة وتصاعد التوتر على أكثر من ساحة، انطلاقاً من اليمن مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان.
وإذا كان التواصل مع السفارة الألمانية من أكثر من سفارة أوروبية في بيروت دفعها إلى إصدار بيان نفت فيه أي علاقة بين البيان التحذيري والوضع السياسي، إلا أن المؤكد أن الرسالة الخليجية المفاجئة ليست عابرة. وإلى حين اتّضاح الأسباب الموجبة لهذه التحذيرات، تنوّعت التفسيرات بين حدّين:
– أن تكون استكمالاً لحملة الضغط الخليجية على لبنان، ترجمة لما جاء في بيان اللقاء الخماسي الذي عُقد في الدوحة الشهر الماضي، والذي لوّح بـ”اتخاذ إجراءات ضدّ من يعرقلون إحراز تقدم في موضوع انتخاب رئيس جديد للبلاد”. وقد أكّدت مصادر مواكبة للقاء يومها أن من بين الأفكار التي طرحها المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي نزار العلولا منع السياح العرب من السفر إلى لبنان.
– أن تكون هناك خشية حقيقية من تفاقم الأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة وإمكانية تمدّدها خارج هذه البقعة الجغرافية بما يهدد بانفلات الوضع. وقد نقل أحد المسؤولين البارزين أن لدى المملكة العربية السعودية معطيات حول نية بعض الجهات تفجير الوضع داخل المخيم.
وحتى يوم أمس، بقيت القوى السياسية تؤكد أن لا سبب للبيانات التي صدرت عن الدول الخليجية، إذ أشار رئيـس مجلـس النواب نبيه بري إلى أن “لا شيء أمنياً يستدعي ذلك”. وفي حديثٍ لـ “الميادين”، قال إن “حصر التحذير بمناطق الاشتباك القريبة من عين الحلوة يمكن تفهّمه، ولكنّ الدعوة لمغادرة الرعايا غير مفهومة”، وأشار إلى أنّ “الوضع في عين الحلوة هادئ منذ 3 أيام فلماذا تلك البيانات التحذيرية؟”. كذلك صرّح النائب السابق وليد جنبلاط بعد لقائه بري بـ”أننا لم نفهم سبب تخوّف السفارات”، لافتاً إلى أنّ “الأمور في عين الحلوة إلى حدّ ما محصورة”.
لقاء الديمان
في سياق آخر، يتحضّر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدد من الوزراء لعقد لقاء تشاوري في الديمان. وعلمت “الأخبار” أن البطريرك بشارة الراعي أثار مع ميقاتي، لدى استقباله الأربعاء الماضي، “ملف النازحين السوريين ولمّح إلى أن الموضوع يبدو وكأنه قضية المسيحيين فقط، ما نفاه ميقاتي”. كما سأل أحد المطارنة عن إدخال قضايا “الشذوذ الجنسي” في المناهج التربوية، واصفاً ذلك بأنه “خطير ويحتاج إلى حل سريع”. وقالت مصادر مطّلعة إن هاتين المسألتين ستكونان موضع نقاش، وإنه “لن تكون هناك جلسة لمجلس وزراء بل استكمال للقاء السابق، ولذلك لن تدعو الأمانة العامة لمجلس الوزراء الوزراء إلى حضور اللقاء بل سيتولى بروتوكول السراي ذلك”. واتّفق البطريرك مع رئيس الحكومة على أن يلقي البطريرك التحية على المجتمعين قبل أن يغادر اللقاء. علماً أن حماسة البطريرك لمعالجة هذه المواضيع في الصرح لإعطائها بعداً وطنياً تصطدم بمعارضة منحه غطاء للجلسات الحكومية التي تعارضها القوى المسيحية الرئيسية.