جاء في صحيفة “البناء”: تحوّلت تصريحات وزير الحرب في كيان الاحتلال يوآف غالنت بإعادة لبنان الى العصر الحجريّ الى موضوع سخرية بين اللبنانيين والجنوبيين خصوصاً، كمعنيّ أول بأي مواجهة، بينما لم تستطع القيام بالمهمة التي صدرت لأجلها وهي احتواء الذعر الذي خلفه نشر سيناريو جيش الاحتلال حول نتائج الأيام الأولى لأي مواجهة مع المقاومة عبر الحدود اللبنانية. وقد تضمّن السيناريو إشارة الى مقتل 500 من المستوطنين وجرح 1500 منهم، وانقطاع الطرق وإقفال المطارات والموانئ ومحطات القطار، وانقطاع الكهرباء والماء عن المدن والمستوطنات، وتساقط 6000 صاروخ يومياً على رؤوس المستوطنين، دون الكشف عن الشق العسكري من السيناريو، وما يمكن أن يحدث على جبهات القتال وفرضيات العبور الى الجليل، وبالتوازي مع تصريحات غالنت كان العميد منير شحادة المسؤول عن التنسيق بين الحكومة اللبنانية وقوات اليونيفيل، يضع النقاط على الحروف على المسائل الحدودية، موضحاً أن المطروح على الطاولة ليس ترسيم الحدود، بل إظهار الحدود المرسمة، وأنه لم يعُد هناك شيء اسمه الجزء اللبناني لبلدة الغجر منعاً لأي التباس. فالمقصود واضح وهو خراج بلدة الماري اللبنانية، التي تمددت عليها مساكن بلدة الغجر تحت ظل ورعاية قوات الاحتلال.
لبنانياً، عقد اللقاء التشاوري الحكومي في مقرّ البطريركية المارونية في الديمان، وتحول إلى مجرد صورة تذكارية، تخللته مواقف وكلمات، تتصل بـ أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، بينما لفت الانتباه ما انتهى إليه الاجتماع الذي ضمّ وزير الخارجية عبد الله بوحبيب والمفوضية الأممية لشؤون اللاجئين وإعلان وزير الخارجية بنهايته «اليوم نشهد ختام هذه المرحلة الشاقة من المفاوضات من خلال ما اتفقنا عليه حول تسليم الداتا التي يعتبرها لبنان حقًا سياديًا، كحق سائر الدول بمعرفة هوية الأشخاص المتواجدين على أراضيها. كما أن هذا الاتفاق يخدم مصلحة الطرفين، اللبناني والأممي، والدول المانحة لجهة عدم استفادة الأشخاص الذين يستغلون هذه التقديمات بصورة غير قانونية، وبالتالي، يحرمون أشخاصاً أحق منهم بهذه التقديمات من الوصول إليها».
سياسياً ورئاسياً، كان الحدث في إعلان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن «اتفاق أوليّ مع حزب الله على مسار اسم توافقي وتسهيل الاسم مقابل مطالب وطنية، وما زلنا في بداية الحوار مع الحزب وتقدّمنا بأفكار ننتظر ردّه عليها»، موضحاً بأن «المطروح مع الحزب ليس تراجعاً أو تنازلاً أو صفقة أو «تكويعة» بل عمل سياسي، وما تحدّثنا عنه هو لجميع اللبنانيين وليس للتيار من قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة وقانون الصندوق الائتماني اللذين نطلب إقرارهما سلفاً إضافة إلى برنامج العهد».
وفيما خطفت الأحداث الأمنية الأضواء المحلية، عاد الملف الرئاسي إلى الواجهة مع إعلان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن «اتفاق أولي مع حزب الله على مسار اسم توافقي وتسهيل الاسم مقابل مطالب وطنية، وما زلنا في بداية الحوار مع الحزب وتقدّمنا بأفكار ننتظر ردّه عليها»، موضحاً بأن «المطروح مع الحزب ليس تراجعاً أو تنازلاً أو صفقة أو «تكويعة» بل عمل سياسي، وما تحدّثنا عنه هو لجميع اللبنانيين وليس للتيار من قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة وقانون الصندوق الائتماني اللذين نطلب إقرارهما سلفاً إضافة إلى برنامج العهد».
ولفت باسيل في مؤتمر صحافي بعد اجتماع المجلس السياسي للتيار الوطني في ميرنا الشالوحي، إلى أنه «لا إمكان لانتخاب رئيس للجمهوريّة إلا بالتفاهم، ونعوّل على الحوار اللبناني – اللبناني، ومنذ الأساس قلنا إن البرنامج هو أساس التفاهم».
وأضاف باسيل: «حصل أخيراً اجتماع مع فريق التقاطع حتّى لا نبقى في موقع طرح مرشّح مُقابل آخر من دون اتّفاق على تصوّر، ونتمنّى ألا ينقطع الحوار والدعوة مفتوحة ودائمة». وأشار باسيل إلى ان «اللامركزيّة تؤمّن الإنماء المناطقي والصندوق الائتماني يؤمّن إنماء الدولة». واعتبر أن «الحكومة لا تقوم بواجباتها، وكلّ ما تقوم به هو التذاكي والعراضات وهذا لا يُعطيها ثقة الناس، إذ يجب الذهاب إلى الإصلاح الفعلي وندعوها للقيام بأمر مُفيد لجميع اللبنانيين ضمن قدرتها بتصريف الأعمال».
ويعكس كلام باسيل وكما ذكرت «البناء» في عددها أمس، تقدماً جدياً في الحوار بين حزب الله والتيار على برنامج عمل العهد الجديد الذي يضمّ رئيس الحكومة وتعاون مجلس النواب وحاكمية مصرف لبنان وكل الوزارات والمؤسسات وليس فقط رئيس الجمهورية الذي لا يستطيع وحده في إطار صلاحياته المحدودة تنفيذ برامج العهد السياسي والاقتصادي والمالي والإصلاحي. ولفتت مصادر سياسية لـ«البناء» أن تقدّم الحوار بين الحزب والتيار على القواعد الأساسية وخريطة طريق عمل الرئيس والحكومة المقبلين يرفع الآمال بإمكانية حدوث اختراق جدّي بجدار الاستحقاق الرئاسي المغلق منذ تشرين الماضي، الأمر الذي سيلبنن الاستحقاق ويدفع القوى الخارجية الى السير بأي تسوية سياسية – رئاسية داخلية من خلال انتخاب الرئيس بالأكثرية النيابية مع تأمين نصاب انعقاد الجلسة. ودعت المصادر الى التريث بالحكم على نتائج الحوار بين الحزب والتيار وانتظار النتائج النهائية التي وإن كانت إيجابية ستلاقي الجهود التي يبذلها الفرنسيون عبر المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان المتوقع أن يزور لبنان مطلع أيلول والدعوة الى حوار في قصر الصنوبر.
من جهتها، رحبت أوساط نيابية في حركة أمل بأي حوار بين طرفين لبنانيين أو حوار جماعي شرط أن لا يخرج عن الثوابت الوطنية والدستورية، مشيرة لـ«البناء» إلى أن «الثنائي أمل وحزب الله متمسك بدعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية»، موضحة «أننا لم نناقش أي خيار غير ترشيح فرنجية لكن لكل طرف حقه في وضع مطالب سياسية للانخراط في التسوية، لكن في نهاية المطاف هناك مطالب واقعية قابلة للتوافق عليها وللتنفيذ وأخرى غير واقعية، وما يطلبه النائب باسيل لجهة اللامركزية المالية الموسعة غير واردة عندنا ولا نقبل بها، لأنها أول خطوة على طريق التقسيم، نحن نوافق على اللامركزية الإدارية التي وردت في اتفاق الطائف، لكن اللامركزية المالية الموسعة مرفوضة.. أما لجهة الصندوق الائتماني فلا رفض مبدئياً حياله وقابل للنقاش والدرس لجهة إدارته وآليات عمله، ويجب طرح الأمر على كافة الأطراف ولا يستطيع طرف أو طرفين بت الموضوع».
وكشف البطريرك الماروني مار بشارة الراعي خلال اللقاء الوزاري التشاوري في الصرح البطريركي أنه «عندما زارني الموفد الرئاسي الفرنسي السيد لودريان للمرة الأولى قلت له كل ما تسمعه لا يعبر عن الحقيقة. نحن جمهورية ديموقراطية برلمانية وهناك مرشحان للرئاسة، فليقم النواب بواجباتهم في الاقتراع، فإما ينتخب رئيس او لا ينتخب، وفي ضوء النتيجة يصار الى حوار واتفاق على مرشح ثالث. للأسف البلد سائر الى الخراب والدولة تنازع وما نشهده من سجال بشأن حق الحكومة في العمل وحدود ذلك هو نتيجة».
وكان اللقاء التشاوري الوزاري انعقد برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وحضور البطريرك الراعي، ومقاطعة وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله.
وأوضح وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار أنه «اعتذر عن عدم حضور اللقاء الوزاري في الديمان لأسباب ميثاقية دستورية بحتة بالشكل وليس بالسياسة«.
وخلص اللقاء التشاوري بين الوزراء إلى «وجوب الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يقود عملية الإنقاذ والتعافي، إذ لا مجال لانتظام أي عمل بغياب رأس الدولة. دعوة القوى السياسية كافةً إلى التشبث باتفاق الطائف وبميثاق العيش المشترك، والتخلّي عن كلِّ ما قد يؤدي إلى المساس بالصيغة اللبنانية الفريدة. دعوة جميع السلطات والمؤسسات التربوية والإعلامية الخاصة والرسمية وقوى المجتمع المدني الحية، والشعب اللبناني بانتماءاتِه كافةً، إلى التشبث بالهوية الوطنية وآدابها العامة وأخلاقياتها المتوارَثة جيلًا بعد جيل، وقيمها الإيمانية لا سيما قيمة الأسرة وحمايتها، وإلى مواجهة الأفكار التي تخالف نظام الخالق والمبادئ التي يجمع عليها اللبنانيون. التعاون الصادق بين كل المكوّنات اللبنانية لبلورة موقف موحّد من أزمة النزوح السوري في لبنان والتعاون مع الدولة السورية والمجتمع الدولي لحل هذه المسألة بما يحفظ وحدة لبنان وهويته. وقد جدّد صاحب الغبطة تثمير جهود رئيس الحكومة والوزراء كافة في تمرير هذه المرحلة الصعبة مع المحافظة على مندرجات الدستور».
بدوره قال رئيس الحكومة: «نحن على استعداد لأن نكون جسر عبور بين جميع اللبنانيين وأن نتحاور في كل المواضيع التي تجمع اللبنانيين. فاذا لم نستطع التحرك ولو ضمن إطار التحاور والتلاقي، فالبلد لن يتعافى. البلد من دون رئيس جمهورية وبحكومة تتولى تصريف الأعمال، ومجلس النواب لا ينعقد، والمناكفات السياسية بلغت أقصى حد. نحن مستعدون للتلاقي اينما كان لنكون جسر تحاور واخوة بين جميع اللبنانيين».
في غضون ذلك استمرت المعالجات السياسية للأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة، واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية عضو اللجنة المركزية في حركة «فتح» عزام الأحمد والوفد المرافق.
ولفت الأحمد بعد اللقاء الى أننا «اتفقنا مع الرئيس بري انه لا بد من الإسراع في إنهاء التحقيق وتسليم الجناة للقضاء اللبناني كي يتولى شأنهم، ولبنان صاحب السيادة والمسؤول عن محاسبة كل من يخرج على القانون كائناً من كان، فلسطينياً أو لبنانياً أو غيرهما. ولا تستغربوا من كلامي، فالفلسطينيون الذين شاركوا كانوا فئة قليلة حتى أن أحدهم انتحل صفة فلسطيني بهوية مزورة وهو ليس من منطقة صيدا وليس فلسطينياً. كل شيء معروف وحتى الذين يشاركون في الجهود لتهدئة الوضع ربما كانت لهم أصابع سلبية في البداية، وهذا سيتضح امام الجميع في وقته وليس الآن. المهم تثبيت الأمن ووقف الدمار وعودة المهجرين اليوم قبل الغد وكثير منهم عادوا فور صدور بيان لجنة العمل الفلسطيني المشترك».
وأكدت جهات حزبية وسياسية لـ«البناء» أن «الأحداث الأمنية الأخيرة في مخيم عين الحلوة تحت السيطرة ولا مصلحة لأحد في الداخل بتهديد الاستقرار الأمني في لبنان، والكل متفق على أن الأمن خط أحمر، والأخوة الفلسطينيون من مختلف الفصائل يرفضون زج المخيمات في الصراعات الفلسطينية في فلسطين أو في الصراعات الداخلية اللبنانية، وكل محاولات الضغط بالأمن بالاستحقاقات الدستورية والسياسية فشلت في إخضاع الآخرين»، مشيرة الى أن «التطمينات التي وردت على لسان المسؤولين السياسيين والأجهزة الأمنية كافية لدحض كل المعلومات والبيانات والإشاعات التي تعمم عن أحداث أمنية سيشهدها لبنان خدمة لأهداف خارجية أولها ضرب الموسم السياحي ووقف سفر السياح والمغتربين الى لبنان، وبالتالي وقف التدفقات المالية بالعملة الصعبة التي تلجم سعر صرف الدولار وتجمّده ما دون الـ90 ألف ليرة». وتربط الجهات بين «التصعيد المستجد بين القوى الكبرى لا سيما الأميركي – الروسي الايراني وبين التطورات العسكرية والأمنية الأخيرة في لبنان وسورية، من التفجيرات والعمليات الإرهابية الأخيرة في دمشق وريف ادلب والعدوان العسكري الجوي الأخير على سورية وكذلك إشعال مخيم عين الحلوة واحتجاز الأميركيين ناقلات نفط إيرانية في البحر الأحمر»، متوقعة المزيد من الضغوط على لبنان وسورية في الفترة المقبلة.
على صعيد آخر، نظمت قيادة الجيش أمس، جولة ميدانية على طول الخط الأزرق لممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدوليّ. واذ شهدت هذه الجولة على خرق بحري نفذه الجيش الإسرائيلي، قال العميد منير شحادة المنسق الحكومي لدى قوات الطوارئ الدولية: «الاسرائيليون لا يحترمون القوانين وهم اليوم خرقوا المياه الإقليمية امام مرأى البعثات الدولية». أضاف: «لم يعد هناك ترسيم وسنستبدل هذه الكلمة بكلمة إظهار حدود ولم يعد هناك شيء اسمه غجر وقد أرسلنا الى الأمم المتحدة مراسلة تقول ان ما يسمى بالجزء الشمالي لقرية الغجر اصبح اسمه خراج بلدة الماري». وقال «حالياً نحن نقوم بإظهار حدود وهناك 14 نقطة متحفظ او متنازع عليها ونحن نسميها مناطق محتلة بالإضافة الى مزارع شبعا».
وبالتزامن مع الجولة الميدانية التي نظمها الجيش اللبناني على طول الخط الأزرق، قام وزير الدّفاع في حكومة الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، بجولة على الحدود الشمالية مع فلسطين المحتلة، وتوجّه للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالقول: «لا تخطئوا. لقد ارتكبت أخطاء في الماضي، لقد دفعت ثمنًا باهظًا للغاية. إذا تطوّر هنا تصعيد أو صراع، فسنعيد لبنان إلى العصر الحجري. لن نتردّد في استخدام كلّ قوّتنا، ونقضي على كلّ شبر من «حزب الله» ولبنان إذا اضطرّرنا لذلك».
ووضع خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية تهديدات وزير الدفاع الاسرائيلي في إطار رفع معنويات جيشه المنهار أمام صمود حركات المقاومة وتطمين الجبهة الداخلية بعد تهديدات السيد نصرالله الأخيرة. ولفت الخبراء لـ«البناء» الى أن «اسرائيل» لم تعُد تملك القدرة على شن حروب وتحديداً مع حزب الله في ظل اختلال موازين القوى لصالح حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، لا سيما بعد فشل «اسرائيل» في معركة جنين الأخيرة»، مشيرة الى التقرير الذي نشرته إحدى الصحف الاسرائيلية عن الكارثة التي ستحل بـ»إسرائيل» وجيشها ومستوطنيها وبناها التحتية في أي حرب مقبلة مع لبنان.