الإثنين, نوفمبر 25
Banner

البناء: ماكرون لن يلتقي بأحد خلال زيارته… ولودريان: لبنان تايتنك تغرق لكن دون موسيقى

بعد يومين من التضامن الشعبي والسياسي مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قطف الأضواء خلاله ظهور الخط الأحمر الطائفي حول رئاسة الحكومة، بوجه مبدأ المثول أمام المحقق العدلي القاضي فادي صوان، بدا أن التحقيق في جريمة المرفأ مهدّد بالتوقف إذا تم ربط مصير التحقيق بالإصرار على مثول المدعى عليهم من رؤساء ووزراء أمام المحقق العدلي، في ظل التقاء الحصانة الشعبيّة للرئيس دياب رفضاً لتحويله كبش فداء ومكسر عصا مع الخط الأحمر الطائفي حول رئاسة الحكومة، وتنازع الصلاحيات الدستورية بين القضاء العدلي ومجلس النواب حول الجهة الصالحة للادعاء على الرؤساء والوزراء، وبالتالي تحول عملية الإصرار على مثول الرؤساء والوزراء الى استحالة كفيلة بإطاحة التحقيق وتجميده، بينما توقعت مصادر حقوقية أن يتجاوز المحقق العدلي العقدة التي ظهرت أمام استدعاءاته ويتفرّغ لإعداد التقرير الإتهامي الذي يشكل خلاصة تحقيقاته ويتضمن الاتهامات التي سيوجّهها، وتصبح مهمة توزيع صلاحيات المحاكمة بين المجلس العدلي ومجلس النواب مهمة مجلس القضاء الأعلى وليست مهمته وحده.

مع حسم مسألة عدم مثول دياب والوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانونس أمام المحقق العدلي، امتلأت الصالونات السياسية بتسريبات وشائعات، تتصل بمناخات التجاذب التي تحكم العلاقات الرئاسية والسياسية، والتي يمكن اختصارها بالقطيعة والسلبية والتوتر، في ظل الاتهامات المتبادلة عن اللعب بالقضاء وعن المسؤولية عن الفساد، وعن تعطيل المسار الحكومي.

في مناخ الانسداد السياسيّ الذي يصل حد الاحتقان، يبدو الملف الحكومي مؤجلاً حتى العام المقبل وفقاً لما تراه مصادر على صلة بمتابعة ما يدور في العلاقات الرئاسية، تقول إن كل شيء سيبقى قيد الانتظار حتى تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الى البيت الأبيض، وحتى ذلك التاريخ مزيد من التدهور نحو الانهيار، في ظل سيناريوات قاتمة تنتظر الوضعين الاقتصادي والمالي، قد يخفف من وطأتها نجاح المساعي التي يتابعها مع الحكومة العراقية المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لتأمين اتفاقية تؤمن احتياجات لبنان النفطية للعام 2021، ومعلوم أن المستوردات النفطية تمثل أكثر من ثلثي المستوردات، وبالتالي مصدر الطلب على العملات الصعبة، ما سيخفف من مخاطر رفع الدعم والنتائج الخطيرة التي سيكون أبرزها انهيار سعر الصرف بصورة دراماتيكية.

الانهيار الدراماتيكي وصفه وزير الخارجية الفرنسية بقوله إن لبنان يشبه حال السفينة الأميركية الغارقة تايتانك مع فارق أن ليست هناك فرقة موسيقية تعزف لركاب الباخرة فتنسيهم المصير القاتم الذي ينتظرهم، ممهداً لامتناع الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون عن إجراء أي لقاء سياسي خلال زيارته المرتقبة الى لبنان، التي تقرّر حصرها بزيارة مقار القوات الفرنسيّة المشاركة في قوات الطوارئ الدولية في الجنوب، بمناسبة عيد الميلاد.

لن يلتقي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أيّ جهة سياسية خلال زيارته المرتقبة للبنان في 22 الحالي وفي المعلومات أن ماكرون يربط لقاءاته بالمسؤولين السياسيين بمسار تأليف الحكومة، وبالتالي فإن مقاطعته لرئيس الجمهورية والمعنيين سوف تشكل رسالة انزعاج فرنسي من المعنيين على الخط الحكومي من عرقلة التشكيل.​ وبحسب المعلومات فإن ماكرون سيزور في اليوم الأول من زيارته للبنان الناقورة، حيث سيلتقي قائد قوات الطوارئ الدوليّة ثمّ دير كيفا ليلتقي قائد القوات الفرنسيّة العاملة ضمن قوات الأمم المتحدة. كما أنه قد يلتقي ممثّلين عن المجتمع المدني ومتضرّرين من انفجار المرفأ. وستكون لماكرون مواقف يحمّل فيها المسؤولين مسؤولية ما يجري. وأن لا أحد سيساعد لبنان إذا لم يساعد اللبنانيون أنفسهم. واعتبرت مصادر سياسية أن «التيار الوطني الحر نجح في نقل الخلاف من تشكيل الحكومة إلى قضية الاستدعاءات بشان انفجار المرفأ»، مضيفة: لا مؤشرات توحي بزيارة قريبة للحريري إلى بعبدا في القريب المنشود في ظل التشدد الذي يمارسه رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر في عملية التأليف، فهما يريدان تأليف حكومة يحصلان خلالها على الثلث المعطل، وهذا ما يعرقل مشاورات التأليف التي يقوم بها الرئيس سعد الحريري والتي تجري بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب، مع إشارة مصادر بيت الوسط الى أن حزب الله لم يعارض التشكيلة الحكومية التي حملها الحريري الى بعبدا.

قضائياً، وفيما انشغلت البلاد بملف ادعاء المحقق العدلي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين غازي زعيتر، علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، أعلن الرئيس دياب أمس، أنه لن يستقبل القاضي صوان لرفضه المسَّ بموقعِ الرئاسة الثالثة. وهو غادر الإقامة المنزلية داخل السرايا الحكومية منذ ثلاثة اشهر وانتقل إلى السكن في بيته منذ أشهر، ولا ينتقل منه إلى السرايا إلا في حالات الضرورةِ القصوى، علماً أنه لم ينقطع عن القيام بواجباته الدستورية كرئيس لحكومة تصريف أعمال ويحضر إلى السراي كلما استدعى الأمر ذلك، مع إشارة مصادر معنية إلى معلومات وصلت إلى دياب عن استهدافٍ أمني يحيط به. وقد تبلغ دياب أسوة بعدد من المسؤولين تحذيرات في هذا الشأن.

هذا وعلم أن النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر لن يمثلا أمام المحقق العدلي القاضي فاد صوان اليوم بانتظار اذن مجلس النواب ورفع الحصانة، أما بالنسبة للوزير السابق يوسف فنيانوس، فأشارت «المركزية» الى أنه سيمثل، الّا إذا اتخذ الوزراء الأربعة موقفاً موحداً.

إلى ذلك قالت مصادر قانونية لـ»البناء» إن ادعاء صوان على الرئيس دياب والوزراء خليل وفنيانوس وزعيتر، هو من أجل الاستماع الى إفاداتهم وليس الظن بهم الذي ينتظر القرار الظني الذي قد يبرئهم أو يدينهم، واعتبرت المصادر ان الدستور يمنع المحقق العدلي من الذهاب الى الاستماع الى رئيس الجمهورية انطلاقاً من المادتين 17 و60 فالأولى تنص صراحة على أنه تناط السلطة الإجرائية حصراً بمجلس الوزراء في حين أن الثانية تنص على أنه لا يتم التحقيق مع رئيس الجمهورية إلا عند خرقه الدستور والخيانة العظمى.

وأمل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ألّا تعطّل ردود الفعل الأخيرة السياسيّة والطائفيّة والقانونيّة مسار التحقيق في انفجار المرفأ، وأمل، في عظته خلال ترؤسه قداس الأحد، «ألّا تَخلق ردود الفعل انقسامًا وطنيًّا على أساسٍ طائفيٍّ لا نجد له مبرِّرًا، خصوصاً وأنّنا جميعًا حريصون على موقعِ رئاسةِ الحكومة وسائرِ المواقع الدستوريّةِ والوطنيّة والدينيّة». وقال: لا يوجد أي تناقض بين احترامِ المقاماتِ الدستوريّةَ والميثاقيّة التي نَحرِصُ عليها وبين عملِ القضاءِ، خصوصًا أنَّ تحقيقَ العدالةِ هو ما يصونُ كل المقاماتِ والمرجعيّات.

وأكّد أن «قضاء لبنان منارةُ العدالة، فارفعوا أياديَكم عنه أيّها السياسيّون والطائفيّون والمذهبيّون ليتمَكّنَ هو من تَشذيبِ نفسِه والاحتفاظِ بالقضاةِ الشرفاء والشُجعان فقط، الّذين يرفضون العدالةَ الكيديّةَ والمنتقاة والانتقاميّةَ أو العدالة ذات الغُرفِ السوداء المعنيّة بتدبيجِ مَلفّاتٍ وتمريرِها إلى هذا وهذه وذاك». وأكّد «أننا لا نريد أن تُخلط الأمور فتشكيل حكومة إنقاذيّة تنهض بالبلاد من كلّ جانب يبقى واجبًا ملحًّا على رئيس الجمهوريّة والرئيس المكلّف، والتحقيق العدليّ بشأن انفجار المرفأ يبقى أيضًا ملحًّا على القاضي المكلّف. فالمواطنون المخلصون ينتظرون هذين الأمرين الملحّين. فلا يحقّ لأحد التمادي بمضيعة الوقت وقهر المواطنين. لقد حان وقت الحساب».

ورأت كتلة المستقبل أنه «تنادى المنادون من كل هب وصوبٍ سياسي وطائفي دفاعاً عن العدالة والقضاء، لمجرد أن لجأت قيادات وطنية ومرجعية وطنية دينية الى التحذير من التطاول على موقع رئاسة الحكومة، والادعاء على رئيس الحكومة الحالي في قضية التفجير الاجرامي لمرفأ بيروت ومحيطه السكاني»، لافتةً الى أن «بعض الغيارى على حقوق الضحايا والمنكوبين، فاتهم ان بيروت هي الضحية بكافة مكوناتها الطائفية والمذهبية، فاعتمدوا تطييف النكبة كما لو كانت حقاً حصرياً لجهة او فئة، وراحوا يتلاعبون على أوتار التحريض ويشيرون بالبنان الى الطائفة السنية ومرجعياتها كما لو أنها او انفردت بالخروج على العدالة والقانون».

وأشارت الكتلة في بيانها الى أن هذه المرجعيات انتفضت على مسار مشبوه، من الصعوبة في مكان عزله عن الكيديات السياسية والمحاولات الجارية للانقلاب على صيغة الوفاق الوطني والدعوات المتلاحقة لفرض معايير طائفية على الادارة السياسية للبلاد. وقالت الكتلة: نعم، هناك خطة لن نسمح بتمريرها، لا عبر القضاء ولا عبر سواه، لاستهداف موقع رئاسة الحكومة. خطة انتقامية من اتفاق الطائف الذي حقق المشاركة الفعلية في السلطة، وانهى زمناً من الاستئثار بها والتفرد في إدارة مؤسساتها. خطة تستحضر الأدبيات الانقلابية في آخر الثمانينيات، لفرضها على الحياة السياسية والوطنية بعد اكثر من ثلاثين سنة على سقوطها.

واعتبرت أن هناك مخططاً لاحتواء وعزل الموقع الأول للطائفة السنية في لبنان، سواء من خلال التهويل على رئيس الحكومة والادعاء عليه في قضية المرفأ، او من خلال التهويل على المرجعيات السياسية التي تولت رئاسة الحكومة خلال السنوات العشر الماضية، وإيداع مجلس النواب كتاباً يدرج رؤساء الحكومات السابقين في لائحة المسؤولية عن انفجار المرفأ.

وأكّدت «أنّهم يجيزون لأنفسهم حقوق الدفاع عن مواقعهم وطوائفهم ووظائفهم ومكوناتهم، ويجيزون لأنفسهم ايضاً تعطيل البلاد سنوات وسنوات، غير آبهين بالخسائر المادية والانعكاسات المعيشية والاقتصادية لتأمين فرص وصول الأقوى في طائفته الى رئاسة الجمهورية. وهم من حقهم تعطيل تشكيل الحكومات، كرمى لعيون الصهر، او بدعوى فرض المعايير التي تجيز لقيادات الطوائف تسمية الوزراء واختيار الحقائب الوزارية والتمسك بالثلث المعطل، حتى ولو اضطرتهم المعايير الى القضم من حصص الطوائف الاخرى».

الى ذلك اتخذت اتحادات النقل البري القرار بالذهاب الى التصعيد والتحرك والاضرابات من منطلق أن اجتماعات السراي لم تنته الى وضع ورقة تتصل بمسألة الدعم الذي لن تقبل الاتحادات برفعه إن لم يكن محمياً بتشريعات تحمي المواطن.

Leave A Reply