الجمعة, نوفمبر 22
Banner

الاحتقان الطائفي في أوجه… المطران عبد الساتر يصف حادثة الكحالة بالمأساة الوطنية

كتبت صحيفة “الديار” تقول:

اطلت الفتنة برأسها على كوع الكحالة وظهر ان القلوب «مليانة» والرؤوس حامية وان الانقسام ابعد من سياسي. والخطر في الامر ان السلم الاهلي بات مهددا، خاصة في ظل خطاب تحريضي من بعض زعماء الاحزاب يحول الناس الى قنابل موقوتة قابلة للانفجار، ما يضع لبنان على فوهة بركان. وهذه التوترات وقعت بعد ان بشرتنا سفارات لدول خليجية بان الاوضاع الامنية خطرة في لبنان، وطلبت من رعاياها مغادرة لبنان، علما ان القتال في مخيم عين الحلوة كان ضمن رقعة جغرافية محدودة، وكان الهدوء قد ساد.

اليوم، حركت حادثة الكحالة الجمر من تحت الرماد بعد ان سقط شهيدان ، فادي بجاني واحمد القصاص. والبعض يتكلم انه لا يأبه بوقوع الفتنة، لا بل يسعى الى ايقاظها وانتشارها بدلا من التصدي لها، وكأن حصول الفتنة امر سهل ولن تأتي بنهاية الكيان اللبناني المصاب اصلا بالصميم جراء الانهيار الاقتصادي. ذلك ان الفتنة تبدأ بشرارة تفضي تداعياتها وتوقظ المؤامرة على الشعب اللبناني الذي سيكون ضحيتها.

من جهته، وصف راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبدالساتر حادثة الكحالة بالمأساة الوطنية، خلال مراسم دفن الشهيد فادي بجاني داعيا الى ان لا تتكرر ابدًا ولأي سبب و»كفانا موتٌ وحزنٌ». وطالب جميع المسؤولين بزيادة الجهود لتحقيق الأمن ومنع الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد.

وفي السياق ذاته، رات اوساط سياسية للديار ان القضاء يجب ان يكون منزها وحازما لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة ومحاسبة المرتكبين، واذا لم يحصل ذلك، فان حوادث كثيرة على غرار حادثة الكحالة ستتكرر في مناطق مختلفة. وشددت ان المواطن يجب ان يشعر ان القانون فوق الجميع ولا احد معفى من الحساب عند حصول اي توترات امنية.

وتتساءل هذه الاوساط اذا كان التوتر الحاصل في لبنان امنيا وسياسيا هو نتيجة داخلية ام ان هناك انعكاسا لخلافات اقليمية على الساحة اللبنانية، بدءا من احتدام القتال في مخيم عين الحلوة، وصولا الى موقف السعودية والكويت والبحرين والامارات من لبنان ،وهو يشير الى ان هذه الدول تراجعت عن انفتاحها على لبنان.

تجميد التفاهم السعودي-الايراني

في غضون ذلك، اعتبرت مصادر ديبلوماسية للديار ان التفاهم السعودي الايراني مجمد حاليا بعد ان كانت الامور تبشر بالخير والتفاؤل، اذ ان المنطقة كانت قد دخلت في مرحلة التبريد السياسي بعد التفاهم السعودي-الايراني، وان الدول العربية ستتجه اكثر فاكثر الى الاستقرار والى حلحلة الملفات الساخنة. اما على ارض الواقع ، فقد بقيت الامور العالقة على ما هي عليه رغم ان السعودية بذلت جهدا كبيرا في الانفتاح، وخير دليل على ذلك قيام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بدعوة الرئيس السوري الى القمة العربية. انما رات الرياض لاحقا ان الاوضاع في اليمن لم تتبدل، وانه على رغم المبادرة الانفتاحية في سوريا لم يحصل اي خطوة عملية على الارض، الى جانب ان السعودية لمست تشددا حول الملف الرئاسي حيث كانت تتمنى ان يتم ترشيح شخصية للرئاسة خارج الاصطفافات.

حزب الله لـ«الديار»: نقل سلاحنا مشرع في البيانات الوزراية

من جهته، قال مصدر في حزب الله للديار ان سلاح المقاومة ونقله في المناطق اللبنانية مشرع في البيانات الوزراية، وبالتالي مرور شاحنة سلاح للحزب عبر طريق الكحالة هو ليس بمخالفة تسجل عليه. وتابع انه من المستغرب ان يلجأ البعض الى استخدام السلاح على عناصر حزب الله في حين عناصرنا لم تكن تريد ان تطلق الرصاص على احد، لان الحزب حريص على توطيد افضل العلاقات مع الجميع وبخاصة المسيحيين، ولا يريد الخلاف مع اي جهة لبنانية. واضاف ان الحزب لم يتعمد ان تنزلق شاحنة له في الكحالة، ولكن مسلحين اطلقوا النار على عناصر الحزب في حين ان حزب الله رد فقط على من قتل احمد القصاص، ولم يصوب بندقيته نحو اي شخص اخر. واستطرد بالقول ان خطاب حزب الله هو خطاب تهدئة واستيعاب بهدف المحافظة على الوحدة الوطنية. ولفت المصدر في حزب الله ان هناك قضاء موجودا وبالقانون تعالج حادثة الكحالة، انما في الوقت ذاته نسأل لماذا يحق للبعض، ومنهم اشخاص من الكحالة، بحمل السلاح واستخدامه على شباب حزب الله، وحزب الله الذي هو مقاومة ضد «اسرائيل» وسلاحه يصوبه نحو «اسرائيل» ممنوع عليه ان ينقل ذخيرة في شاحنة له.

واضاف: «حافظنا على هدوئنا ولم نتكلم حرصا على العيش المشترك، باستثناء البيان الذي صدر، رغم ان البعض يتهمنا بالخيانة ويحملنا مسؤولية كل مصيبة تحصل في لبنان من انفجار المرفأ، وان الحزب هو من أتى بالامونيوم نيترات ووضعه بالمرفأ، علما ان حزب الله بلغنا عن هذه المواد ولديه من السلاح والذخيرة والعتاد اكثر مما يكفي. كما اتهم البعض حزب الله بالوقوف وراء جريمة القرنة السوداء ومعظم الحوادث التي تقع في جميع المناطق اللبنانية. واعرب مصدر في الحزب عن امله في ان تكون انتهت ذيول حادثة الكحالة واثارها قائلا: «نحن حريصون على علاقتنا مع التيار الوطني الحر ونأمل الا تتاثر بهذه الحادثة ونبقى نتفاوض في الملف الرئاسي لنخرج البلاد من الشغور الرئاسي والازمة الحادة التي تضرب لبنان».

وشدد حزب الله انه على علاقة جيدة مع المسيحيين على غرار التيار الوطني الحر والعلاقة مع بكركي جيدة ايضا، وكذلك الامر مع الكنائس الكاثوليكية والاورثوذكسية. ولكن هناك فريقا، ليس فقط من مسيحيين بل ايضا من مسلمين، يعادي المقاومة لانه جزء من مشروع غربي-أميركي تتعارض مصالحه مع مصلحة لبنان العليا.

وردا على سؤال حول كيفية تعاطي حزب الله مع الموقف الذي اتخذه حزب الكتائب باللجوء الى النضال الوجودي والكياني بوجه الحزب، كشف المصدر في حزب الله ان النائب سامي الجميل يرسل موفدين من الكتائب سرا للتفاوض مع حزب الله، بخاصة حول انتخاب رئيس للجمهورية، لافتا الى ان كثيرين من الاحزاب والزعماء السياسيين اللبنانيين يشتمون حزب الله في الاعلام ربما لتقوية رصيدهم امام الخارج في حين يتواصلون معنا تحت الطاولة حول ملفات حيوية واساسية كثيرة.

واعتبر المصدر في حزب الله انه من الواضح ان هناك حملة كراهية واستعداء على المقاومة يقف وراءها مسوؤلون اميركيون وبعض العرب وبعض اللبنانيين.

الكتائب تعلن الحرب على حزب الله

في المقابل، اعلن رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الحرب على حزب الله حيث قال: «حزب الكتائب انتقل الى مرحلة جديدة وأدعو المعارضة لملاقاتنا الى نضال وجودي وكياني». وشدد على ضرورة حصول تغيير جذري ووعي من قبل من يأخذ البلد الى المجول.

مصدر بالتيار الوطني الحر لـ «الديار»: هناك تداخل خارجي وداخلي لتوتير الاوضاع الامنية

بدوره، قال مصدر في التيار الوطني الحر للديار انه من الواضح ان هناك في الخارج والداخل من يريد ان يوتر الاوضاع امنيا وليس فقط سياسيا واقتصاديا من خلال ضرب اللبنانيين ببعضهم. ولفت المصدر الى ان تحذيرات الدول الخليجية لرعاياها بعدم التوجه الى لبنان كانت لافتة حيث قلنا انها ارتكزت على القتال في مخيم عين الحلوة فكان قد وصل الى نهايته، فضلا عن ان التقاتل كان محصورا في المخيم فقط.

وانطلاقا من هذه المعطيات، اعتبر المصدر في التيار الوطني الحر انه بين بيانات السفارت وبين اعلام سلبي يذكي الفتنة بعد وقوع حادثة الكحالة، يتبين ان البعض سيستفيد من التوترات الامنية لتمرير تسوية رئاسية كما «تشتهي سفنه»، اي بمعنى اخر، سيستثمر البعض بالملف الامني ليعكس نتائجه في الملف الرئاسي.

اما عن جولات المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي سيزور بيروت مجددا في ايلول، فقد رأى المصدر ان لودريان لن يتمكن من ان يحدث خرقا في ملف انتخاب رئيس للجمهورية، حيث ان مقاربة فرنسا واللجنة الخماسية للاستحقاق الرئاسي مختلف جدا. والحال ان اللجنة الخماسية لا تؤيد طريقة فرنسا ونظرتها لحل الامور في لبنان، من بينها انتخاب رئيس، ولذلك لا يوجد توافق دولي عربي لكي تنضج «طبخة» تحديد هوية ومواصفات الرئيس الجديد.

وكان رئيس التيار الوطني الحر قد كتب على تويتر ان الوحدة الشيعية لا تكفي لحماية المقاومة، بل احتضان شعبي واسع هو الذي يعزز مناعتها ويحمي ظهرها. ودعا الى ضرورة اللجوء الى الاستراتيجية الدفاعية الوطنية التي تنظم السلاح «حتى ما حدا يشعر بخطر من السلاح بأي منطقة بلبنان».

المعارضة: ما حصل هو ردة فعل طبيعية خوفا من السلاح

قال مصدر في المعارضة للديار ان ما حصل في الكحالة ردة فعل شعبية لدى سماعهم ان هناك شاحنة محملة بالسلاح وقعت على كوع الكحالة، وبالتالي الامر غير مدبر وليس منظما من اي جهة سياسية. وما فعله اهالي الكحالة هو ناتج من خوفهم لعدم تكرار حادثة مأسوية كمأساة 4 اب 2020 في مرفأ بيروت. وهنا اشار المصدر في المعارضة ان الحادث لم يقع في حارة حريك، بل في منطقة تتباين مع توجهات الحزب. وردة الفعل التي حصلت تجاه حزب الله ليست فقط محصورة ببعض المسيحيين انما حصل تصادم قبله في شويا بين لبنانيين دروز والحزب، وفي خلدة ايضا بين لبنانيين سنة وحزب الله.

Leave A Reply