ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قداسا احتفاليا على مذبح كنيسة دير يسوع الملك في زوق مصبح، لمناسبة تدشين الكنيسة بعد ترميمها وإضاءة التمثال الذي رفعه الاب يعقوب الكبوشي في حياته الرهبانية ، بدعوة من الرئيسة العامة لـ”جمعية راهبات الصليب” الأم ماري مخلوف ومجلس المدبرات، في دار يسوع الملك – ذوق مصبح . عاون البطريرك لفيف من الاساقفة والكهنة وخدمته جوقة سيدة اللويزة بقيادة الاب خليل رحمه ، في حضور ممثل رئيس مجلس النواب النائب فريد هيكل الخازن وممثل رئيس الحكومة وزير العدل هنري خوري.
كذلك حضر الرئيس السابق للجمهورية امين الجميل وعقيلته، النواب: فريد هيكل الخازن، نعمت جورج افرام، زياد حواط، قائد الجيش العماد جوزاف عون، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم، السفير البابوي المونسنيور باولو بورجيا وحشد من الفاعليات السياسية الدينية والاجتماعية والثقافية.
بعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة جاء فيها: ” كنت مريضًا فزرتموني” (متى 25: 36)
وقعت كلمات هذا الانجيل في صميم قلب الطوباوي ابونا يعقوب، مذ كان كاهناً شابًا في رهبنة مار فرنسيس للآباء الكبوشيين. وكانت الغيرة الرسولية تستحثّه للتنقل من رعية الى اخرى ساحلاً وسهلًا وجبلًا، يعلّم التعليم المسيحي للاطفال، ويُهيّئهم للمناولة الاولى في رعاياهم. وهو القائل:”ازرعوا القربانة في قلوب الاطفال، واحصدوا قديّسين!”
وانفتح قلبه بكامل الحب والتحنن على المرضى والمتألمينبمختلف الامراض الجسدية والعصبية والعقلية والنفسانية والاعاقات والاحتياجات الخاصة. فأسّس دير الصليب على تلّة جل الديب ومؤسسة مماثلة في دير القمر، ومياتم ومستشفيات ومدارس ودور للمسنّين والمسنّات.
وأَولى الكاهن المريض والمسنّ عناية خاصة فأسّس دار المسيح الملك لاستقبال هؤلاء الكهنة، وحفظ كرامتهم الكهنوتية. وأسّس جمعية راهبات الصليب لاستمرارية حبّه وتحنّنه ومؤسساته.
رفع الصليب على تلتّي جل الديب ودير القمر كعلامة رجاء وخلاص وفداء لكل انسان، وتمثال المسيح الملك على تلّة وادي نهر الكلب حيث نقش الملوك الاباطرة والفاتحون من مختلف العصور على صخور نهر الكلب ذكرى مرورهم، فكانت النقوش علامة اندثارهم.
شاء أبونا بعقوب رفع تمثال المسيح الملك على تلّة نهر الكلب للتأكيد أن الملوك والاباطرة الفاتحين مرّوا من هنا. لكنهم ماتوا واندثرت ممالكهم. اما المسيح الملك فهو حيٌّ الى الابد، وملكه لا ينتهي، وهو الكنيسة المجاهدة على الارض والممجَّدة في السماء.
يُسعدنا ان نحتفل مع اخواتنا راهبات الصليب بتكريس مذبح كنيسة يسوع الملك بعد ترميمها، وبانارة واجهتها والتمثال، بتقدمة تقويّة من الدكتور ادغار يمّين وزوجته، اللذين نحييهما معكم بكثير من الشكر والدعاء الى المسيح الرب كي يُتمم نواياهما، ويقبل قربانهما لمجد الله وتقديس عائلتهما، وللخير العام الفائض من محبة القلب الالهي، ولوحدة الشعب اللبناني بين ذراعي المسيح الملك.
لم يفصل الطوباوي بونا يعقوب بين الكرازة بالانجيل والبعد الاجتماعي. فمن بعد ان تشبّع من كلمة الانجيل وتعليمها ساحلًا ووسطً وجبلًا، أتته الدعوة الى الانطلاق في البعد الاجتماعي الذي بدونه يتشوّه المعتى الاصيل والشامل لرسالة اعلان الانجيل(البابا فرنسيس:فرح الانجيل، 176). البعد الاجتماعي يعني انماء الشخص البشري انماء شاملًا، وتحريره من كلّ العوائق التي تحدّ أو تعرقل نموّه الانساني والثقافي والاقتصادي والاخلاقي.
انطلاقًا من هذا الرباط العضوي بين الانجيل وبعده الاجتماعي، أنشأ ابونا يعقوب مؤسساته الاجتماعية المتنوّعة بتنوّع حاجات الاشخاص، وواصلت جمعية الراهبات الصليب إنشاء مؤسسات أخرى في لبنان والخارج وفقًا لموهبة – carisma الجمعية ولحاجات انماء الشخص البشري، عملًا بكلمة القديس ايريناوس:”مجد الله الانسان الحيّ”.
في الواقع ان الحاجات الست التي تشملها المحبة الاجتماعية، ويعددها النص الانجيلي، لا تقتصر على الشأن الجسدي والمادّي، بل تشمل ايضًا المستويات الروحية والثقافية والمعنوية والاخلاقية.
فالجائع هو الذي يحتاج الى طعام او علم او روحانيّة. العطشان هو الذي يحتاج الى ماء او عدالة او عاطفة انسانية او معرفة. العريان هو المحتاج الى ثوب واثاث بيت او صيت حسن او كرامة. المريض هو الذي يعاني من مرض في جسده او نفسه، او الذي هو في حالة اخلاقية شاذّة كالبخل والطمع والنميمة والكبرياء، او المدمن على المخدرات او المسكرات او لعب القمار. الغريب هو العائش في غير بلده او بلدته او في محيط لا ينسجم معه. وهو الغريب بين اهل بيته الذي يعاني عدم قبولهم او تفهّمهم له. والسجين هو العائش وراء القضبان، وايضًا من هو اسير امياله المنحرفة، او مواقفه غير البنّاءة ومن هو مستعبد لأشخاص أو لإيديولوجيات.
اننا نحيّي كل مؤسساتنا الخيرية والتربوية والاستشفائية والانمائية التي تعمل من اجل انماء الشخص البشري انماءً شاملًا. ونحيّي كل اصحاب المبادرات الخاصة، والمحسنين الذين يسندون هذه المؤسسات. ومعلوم ان هذه المؤسسات تقوم مقام الدولة، وتُخفف عن أعباء مسؤولياتها. ولكن من المؤسف ان السلطات المدنية تهُمل هذه المؤسسات، وتحجب عنها المستحقات المالية سنة واثنتين وثلاثًا واربعًا من دون اي شعور بالمسؤولية، فيما هم بددّوا اموال الخرينة بالسرقة والنهب والتهريب والتبذير.
من اجل التمادي في هذه الحال يُعطل المسؤولون بما لهم من نفوذ، انتخاب رئيس للجمهورية يَضع البلاد على الخطّ السليم. وتراهم يتستّرون وراء الحوار والتوافق، فيما الحلّ واحد ودستوري وهو الدخول الى قاعة المجلس النيابي واجراء الانتخابات الرئاسية بين المرشحين الذين باتوا معروفين. فتكون كلمة الفصل في التصويت وفقًا للمادة 49 من الدستور. وهكذا يضعون حدًّا للمهزلة التي شوّهت وجه لبنان الديموقراطي البرلماني الحضاري.
. أيها المسيح الملك، انت وحدك سيّد العالم، وسيّد وطننا لبنان وشعبه. فلا تدعه فريسة اطماع الطامعين والاشرار، نجّه من شرّهم، ومسّ ضمائر معطلّي انتخاب رئيس للدولة من اجل مطامعهم الشخصية والفئوية والطائفية. لك المجد والتسبيح مع الآب والروح القدس، الآن والى الابد، آمين”.
مخلوف
وكانت كلمة للرئيسة العامة ل “جمعية راهبات الصليب ” الام ماري مخلوف عرضت فيها لتاريخ هذه الرهبنة التي اسسها الاب يعقوب الكبوشي في حياته ودورها منذ نشأتها لتلعب دورًا في خدمة الانسان المعوز للمحبة والايمان، كما لعبه المؤسس وستبقى كذلك في مدى انتشارها علي مساحة لبنان،
وشكرت جميع من شارك في إنجاز الترميم والتوسع من مهندسين واصدقاء ومحبي الاب يعقوب كما شكرت البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لرعايته تكريس مذبح كنيسة يسوع الملك وانارة التمثال والواجهة .