جان بيروتي لـ “الديار”: لدينا الكثير من الوظائف الشاغرة
ونريد يدا عاملة مُستدامة… ونسبة الحجوزات وصلت الى 100%
تستمر الازمة اللبنانية الاقتصادية في انعكاساتها السلبية على العديد من القطاعات، ليرتفع معدل البطالة في لبنان نحو خمسة اضعاف، على وقع الاضطراب المعيشي الذي يعصف بالبلاد، الى جانب انهيار العملة المحلية، وارتفاع معدلات التضخم، وتدهور القدرة الشرائية للعديد من اللبنانيين، خاصة بعد تعرض الكثير من الشركات والمؤسسات لصعوبات مالية دفعتها الى تقليص اعداد العاملين وتسريح قسم منهم وخفض رواتبهم. هذه الأسباب أدت الى زيادة البطالة وتفاقم الظروف المعيشية والاجتماعية، حتى بات تأمين الاحتياجات الأساسية اليومية للكثير من العائلات امرا صعبا.
بالموازاة، كانت أوردت إدارة الإحصاء المركزية في لبنان، ومنظمة العمل الدولية دراسة مفادها “ان معدل البطالة ارتفع من 11.4 % في الفترة الممتدة بين عامي 2018 و2019 الى 29.6 % في كانون الثاني الماضي. وأوضحت الدراسة “ان ما يقارب ثلث القوى العاملة الناشطة كانت عاطلة عن العمل مطلع العام”، لافتة الى “ان نسبة البطالة في صفوف النساء اعلى مما هي عليه لدى الرجال”.
تعديل الرواتب لم يُخفف من الضائقة
وعلى الرغم من التعديلات التي طرأت على قيمة الأجور والرواتب، ليصل الحد الأدنى الى حوالى 9 ملايين ليرة، الا ان نحو نصف القوى العاملة سيتم استخدامها بشكل ناقص، وهو مصطلح يشير الى البطالة، والى الافراد المتاحين للعمل لساعات أكثر مما يفعلون في الواقع، او بالنسبة لأولئك الذين لا ينتظرون فرصة الحصول على وظيفة.
بناء على كل ما تقدم، فان خطر صرف الموظفين من العمل يبقى قائما، كما ان الوقوع في فخ البطالة يصبح واردا أكثر. وبسبب ارتفاع كلفة المواصلات، يتخلف موظفون في القطاع العام عن الحضور الى أماكن عملهم، كذلك فقد عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الخاص وظائفهم، وكثر من شباب واختصاصيين اختاروا طريق الهجرة بحثا عن حياة أفضل.
وفي الإطار، أشار البنك الدولي الى انخفاض اجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 2.6 في المئة العام 2022، وتسجيل اجمالي الانقباض الاقتصادي منذ العام 2018 حوالى 39.9 في المئة من الناتج المحلي الكلي. الى جانب كل ما تقدم، العملة الوطنية خسرت أكثر من 98 في المئة من قيمتها بحلول شباط 2023 ، وبالتالي ارتفاع معدل التضخم الى 171.2 في المئة جعل الفئة العاملة في لبنان الأكثر تذبذباً.
وبحسب “الدولية للمعلومات” فان “اقفال آلاف المؤسسات أدى الى تراجع اعمال الكثير منها، وارتفاع اعداد العاطلين عن العمل الذي تفاقم مع إبدال عمالة غير لبنانية في بعض القطاعات. وتستحوذ اليد العاملة “السورية” على أكثر من نصف الاشغال، نظرا الى تدني كلفة الأخيرة سواء في الرواتب او في التقديمات الاجتماعية.
الأرقام مخيفة
ووفقا لتقرير صادر عن المقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الانسان في الأمم المتحدة اوليفييه دي شوتر حول لبنان، فانه يشير الى “ان 9 من كل 10 اشخاص يجدون صعوبة في الحصول على دخل، وما يزيد على 6 اشخاص من كل 10 سيغادرون البلد لو استطاعوا الى ذلك سبيلا”.
اما الأرقام فتشير الى ان اعداد اللبنانيين الذين سُرّحوا من أعمالهم وصل الى نحو 100 ألف لبناني منذ مطلع العام 2020 ولغاية 2022، فقد شهد القطاع السياحي الذي يعول عليه الاقتصاد اللبناني صرف حوالى 40 الفا، تلاه القطاع التجاري بـ 25 الفا، والقطاع الصناعي بنحو 12 الفا، والمصرفي بنحو 10 آلاف، و7 آلاف في قطاع التعليم، و5 آلاف في قطاع المقاولات، و3 آلاف في قطاع النقل.
لذلك تجدر الإشارة الى ان عدد العاطلين عن العمل أصبح يُخَمّن حاليا بنحو 450 الى 470 ألف لبناني، أي حوالى 34 في المئة من حجم القوى العاملة المقدرة بنحو 1.4 مليون.
القطاع السياحي منارة القطاعات
وعلى الرغم من الشظف وعسر الحال في السنوات الثلاث الأخيرة، فان القطاع السياحي استعاد مجده هذا الموسم، وفقا للأمين العام لاتحاد النقابات السياحية في لبنان جان بيروتي الذي قال لـ “الديار” ان “نسبة الحجز في قطاع الفنادق والمطاعم تخطّت الـ 85 في المئة، وأستطيع القول انها وصلت الى 100 في المئة بحسب المناطق”. أضاف “تفاوتت الحجوزات في القطاع السياحي الواسع، الذي كان قد خسر اعدادا كبيرة من اليد العاملة اللبنانية مع بداية استفحال الازمة الاقتصادية، وجائحة كورونا و”ثورة 17 تشرين”، الا انه استعاد بريقه ويوجد الكثير من الوظائف المتاحة حاليا في هذا المجال، ونفتش على يد عاملة مستدامة لتأمين استمرارية العمل في هذا القطاع الحيوي والاساسي في لبنان، لزيادة القدرات الإنتاجية في المستقبل”.
وتابع “الاغتراب ساعد بعرض الدولار بدون مشقة، لذلك بات متوافرا لدى جميع الافراد عوضا عن شرائه من الصرافين. كما ان استقرار سعر الصرف في السوق الموازية يعكس ثبات الحياة الاقتصادية، ونحاول تقديم كل ما يلزم من الخدمة والاحترافية بمستويات عالية، الى جانب اننا نقوم بتوفير الكهرباء بشكل دائم لتأمين الراحة للزبائن، فكل مؤسسة اليوم اضحت دولة بحد ذاتها، في ظل الغياب المقصود من الدولة الفعلية ومؤسساتها الرسمية”.
وقال: “ان وجود الاغتراب اللبناني الكبير هذا الموسم، ساهم في انتعاش جميع القطاعات السياحية الحيوية في لبنان، كما ان حوالى 400 ألف شاب وشابة كانوا قد هاجروا بسبب الظروف المعيشية، وعادوا مؤخرا الى لبنان لتمضية العطلة الصيفية”. لافتا الى “وجود زائرين وبأعداد كبيرة من الجنسيات الأوروبية والأوسترالية والكندية والمصرية والاردنية والامتياز الأكبر هو للعراق”.
واشار الى “ان سر لبنان يكمن في الحركة السياحية المميزة التي ينفرد بها على كافة الصعد، كما ان اجواء السهر الليلية فيه غير موجودة في كل دول العالم، وهذا ما يجعله بلدا متمايزا وُمسْتقْطبا من قِبل الزوار العرب والأجانب على حد سواء”.
وختم بيروتي قائلا: “المعاشات باتت تسدد بالدولار، ويوجد وظائف كثيرة في هذا القطاع الى جانب المداخيل العالية، وهناك فرص عمل لمن يرغب في الحصول على وظيفة دائمة، خاصة لطلاب الجامعات الذين يسعون الى تأمين مصاريفهم الجامعية وحتى اليومية، كما ان القطاع البحري يؤمن اليوم حوالى 40 ألف وظيفة”.