ليس طلال سلمان اسماً عادياً من أسماء الصحافيين والكتاب الكبار، بل هو مدرسة في الصحافة تركت أثراً استثنائياً.
كان صاحب المقالات التي بجماليتها ووجدانيتها تحاكي القارىء المثقف، كنا ننتظر صباح كل اثنين لنقرأ أجمل الافتتاحيات التي تلامس وجعنا بأسلوب أدبي يشدّ القارئ فلا يمل من الكلمات، بل يقرأ حتى لساعات، وكم أبكانا وجعلنا نأخذ العبر.
حينما أسس طلال سلمان “السفير” لم تكن تشبه باقي الصحف، كانت فقط تشبه طلال سلمان الانسان الوطني الصادق المثقف المقاوم المتمرد الرافض للواقع المعاش، فكانت غير كل الصحف، كانت رسالة وضمت النخبة الأهم من الأقلام في لبنان.
برحيل طلال سلمان رحلت مدرسة الالتزام بالقضايا العربية والفلسطينية، فرغم أن طلال سلمان كان لبنانياً الا أنه من خلال “السفير” كان صوتا للعرب وقضاياهم الكثيرة، والمدافع عنهم بشراسة.
ما ميز طلال سلمان تلك النفحة الأدبية في كتاباته، فالمقالة التي يكتبها ليست مجرد تحليل سياسي، لقد كانت قطعة أدبية بكل معنى الكلمة، فهو تناول كل قضايانا ونكبتنا ولحظات قوتنا وضعفنا وكان دوما يضع الإصبع على الجرح وفي مقالاته اختصر زمنا كاملاً من تاريخنا، وكان في كثير من الأحيان يستبق الزمن.
من الصعب تقبل فكرة أن طلال سلمان لم يعد موجوداً اليوم، فهو رغم ابتعاده منذ سنوات إلا أنه ظل مواكباً لكل ما هو جديد من خلال موقعه الخاص “على الطريق”.
اليوم سنقول وداعاً طلال سلمان، لن ننسى ذاك الإرث الأدبي الذي تركته، وأمثالك وان رحلوا جسداً فإن كتاباتهم سترافق كل الأجيال… وبعد رحيل صوت السفير يغادرنا اليوم صانع ذاك المجد، عزاؤنا أن الكبار لا يرحلون.. بل يخلدون في قلب كل من عرفهم.
محمد جابر