يشهد لبنان زحمة موفدين خليجيين وغربيين تذكّر بحقبة اللجنة العربية الثلاثية، التي كان عرّابها وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل، إلى الموفد العربي الشهير الأخضر الإبراهيمي، والتي تُوجت باتفاق الطائف. والسؤال اليوم: هل الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف لودريان والموفد القطري و”اللقاء الخماسي” عموما سيتمكنون من الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية؟
في السياق، تشير مصادر سياسية عليمة لـ”النهار”، إلى أن تقاطع معطيات ومعلومات مؤداه أن انتخاب الرئيس بات ممكناً لجملة ظروف واعتبارات في حال لم تحصل أي تطورات معاكسة تعيد الأمور إلى المربع الأول. فبداية أن مهمة لودريان لم تنتهِ، ونُقل عن ديبلوماسي فرنسي في بيروت أن لودريان وإن عُيّن مستشاراً للرئيس إيمانويل ماكرون لتطوير مدينة العُلا السعودية، فمهمته في بيروت ستبقى قائمة وسيخصص أوقاتاً لزيارة العاصمة اللبنانية لمتابعة كل ما يتصل بالشأن اللبناني، وذلك بإصرار من ماكرون نفسه. وتالياً فان اللقاء المتوقع بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اليوم او غدا في الهند، سيكون عنوانه الرئيسي الإنتخابات الرئاسية في لبنان في ظل الدورين البارزين لباريس والرياض في هذا الإطار، من دون إغفال لقاء التسعين دقيقة بين بن سلمان ووزير الخارجية الإيراني حسين امير عبد اللهيان، وقد بدأت مفاعيله تظهر تباعاً من خلال وقف حملات “حزب الله” على المملكة العربية السعودية، ومن ثم زيارة رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” محمد رعد لقائد الجيش العماد جوزف عون. هذه “المرونة” المفترضة من قِبل الحزب والثنائي الشيعي لم تكن متوافرة سابقاً في ظل تمسكهما بمرشحهما رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجيه. إلى ذلك، تتابع المصادر أن تعيين سفيرٍ قطري جديد في لبنان، من العائلة الحاكمة والمقربين من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فلهذا الامر دلالته بدليل ما سمعه من التقى السفير القطري في بيروت من إصرار على انتخاب الرئيس، ولا يخفى أن كل هذه التقاطعات، ولا سيما منها القطرية، تنحو باتجاه دعم قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، معطوفاً على ما حملته زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، والصورة المشهورة على العشاء إلى مائدة قائد الجيش، وإن كان هذا الحراك برمته لا يعني حسم خيار عون، بل كل الإحتمالات واردة، إنما الأساس هو أن الزخم الفرنسي ـ السعودي ـ القطري يصب في خانة خروج البلد من هذا الستاتيكو القائم اليوم وانتخاب الرئيس.
توازياً، يأتي هذا الحراك والمساعي الهادفة لانتخاب الرئيس مع أجواء داخلية ديبلوماسية عربية وغربية وتحديداً خليجية، ولا سيما أن ثمة معلومات عن اتصالات ولقاءات يقوم بها السفير السعودي وليد بخاري، وقد أطلقها عبر زيارته إلى الديمان ولقائه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، إلى ما أسفرت عنه زيارة حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إلى السعودية، حيث عُلم أن أجواء إيجابية جداً ستظهر تباعاً نتيجة اللقاءات التي عقدها منصوري. ولكن يستدل في السياسة أن قراراً سعودياً واضحاً لإنهاء الشغور الرئاسي والإنطلاق في دعم لبنان إقتصادياً ومالياً، بمعنى وإن كان البعض يعتبر أن الملف اللبناني ليس أولوية للرياض إنما هي لن تتخلى عن لبنان وصولاً إلى دلالة أخرى يبنى عليها وتتمثل بكلمة لافتة للسفير بخاري في العيد الوطني السعودي، والذي سيقام في وسط العاصمة من خلال دلالة هذه المنطقة بأبعادها الجغرافية والوطنية، وحيث سيؤكد بخاري في كلمته على استمرار وقوف المملكة إلى جانب لبنان والحرص على تطبيق الطائف، والتحذير من المسّ به لما يحمل ذلك من مخاطر وقفزة في المجهول.
وأمام هذه العجقة الديبلوماسية، يُستدل أن هناك مؤشرات لإنتاج تسوية رئاسية ستظهر معالمها من رحم السباعية الحوارية التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ومن ثم جلسات العمل التي سيترأسها لودريان وما سيسفر عنه لقاء الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي في الهند، إضافة إلى ترقب المواقف الداخلية التي تتفاعل على أساسها هذه الأجواء والمعطيات. ولكن يبقى الهاجس الأمني على خلفية ما جرى في عين الحلوة من عودة الإشتباكات، وهذا ما أشارت اليه “النهار” قبل أسبوع نظراً للتعزيزات العسكرية وإدخال سلاح إلى أهالي المخيم بمعنى ان القلق يبقى قائماً من أي تطورات أمنية، إن في عين الحلوة أو خارجه مع بداية انطلاق مرحلة التصفيات الرئاسية خصوصاً مع عودة لودريان وترقّب وصول الموفد القطري إلى كل الحراك الحاصل في الداخل والخارج، بمعنى ان القلق يكمن في إمكان دخول بعض الأطراف لتعطيل هذه الحلول أو المساعي التي يرتقب أن تبلغ ذروتها في الأيام المقبلة.
وجدي العريضي – النهار
Follow Us: