حرّضت حرب الاستنزاف في مخيم عين الحلوة، بين حركة فتح والمجموعات الإسلامية وفي طليعتها «الشباب المسلم»، على طرح كثير من علامات الاستفهام حول ابعادها وأغراضها، لا سيما انها طالت والتهمت اتفاقات عدة لوقف إطلاق النار قبل أن يولد الاتفاق الجديد برعاية الرئيس نبيه بري، والذي سيكون موضع اختبار.
صار واضحاً انّ معركة عين الحلوة ارتبطت بتعقيدات الساحة الفلسطينية ومعادلاتها المتشابكة، وليست مجرد صراع موضعي على الامساك بهذا الحي او ذاك داخل المخيم.
وبناء عليه، أظهرت المعركة انه من الممنوع او من الصعب جدا تعديل موازين القوى في عين الحلوة، لأنّ المخيم ليس جزيرة منفصلة او معزولة، بل يمثل إحدى قطع البازل الكبير الممتد من لبنان الى الاراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي فإن الأمر على صلة بالتوازنات الفلسطينية الإجمالية، سواء في الداخل المحتل او في الخارج.
وتأكيداً لهذه المعادلة، يروي مطلعون انه وعندما كانت حركة فتح تقترب من تحقيق تقدم ميداني على الأرض، كانت القوى الإسلامية تتلقى دعما يسمح لها بالصمود وتثبيت التوازن الذي لا يسمح بغالب ومغلوب.
والمفارقة ان جميع الجهات الفلسطينية، بما فيها تلك المتقاتلة، تعتبر ان المخيم ضحية مؤامرة كبيرة وان المستفيد الاكبر من الاقتتال هو العدو الاسرائيلي، ومع ذلك تواصلت المواجهات لأيام وأيام خدمةً للمؤامرة والعدو!
ولعل مجيء عضو اللجنة المركزية لفتح عزام الأحمد والقيادي في حماس موسى ابو مرزوق الى بيروت لمواكبة التطورات العسكرية والسياسية شكّل مؤشرا واضحا الى البعد العابر للحدود الذي اتخذته هذه المواجهة.
ووفق استنتاجات مصادر امنية رفيعة المستوى، فإنّ أحداث عين الحلوة لا يمكن فصلها، في جوهرها، عن الصراع بين فتح وحماس، من الداخل الفلسطيني الى الشتات.
وعلى رغم ان التنظيمين أصدرا بيانا مشتركا يرفض الاقتتال الداخلي ويدعو إلى وقفه، الا ان مفاعيله لم تصمد كثيرا، إذ سرعان ما أدلى الأحمد ومرزوق بمواقف تصعيدية عكست انعدام الثقة وارتياب كل طرف في نيات الآخر.
وتؤكد المصادر أن فتح وحماس معنيتان بإعادة الهدوء الى عين الحلوة وهما قادرتان على الدفع في هذا الاتجاه، كون الاولى هي طرف اساسي في المعركة، والثانية صاحبة نفوذ في المخيم.
وتشير المصادر الامنية الى انّ المطلوب من فتح ان تكون أكثر واقعية وتقرّ بعدم قدرتها على حسم المعركة عسكريا خصوصا انها اخذت فرصتها، وعلى حماس ان تكون أكثر فعالية في فرض التهدئة لا سيما انها تستطيع التأثير على المجموعات الإسلامية في المخيم.
وتكشف المصادر ان التجربة أظهرت ان بعض ممثلي الفصائل الفلسطينية يقولون في الاجتماعات شيئا ويفعلون في الواقع شيئا آخر، مشددة على وجوب التحلي بالصدقية.
وعلى وقع الكر والفر في عين الحلوة، توجه قائد الجيش العماد جوزف عون الى صيدا لتفقد القوى العسكرية، خصوصا انها تعرضت الى الاستهداف اكثر من مرة ما تسبب في إصابة 10 عسكريين بجروح.
ويوضح العارفون ان سلوك الجيش يرتكز حتى إشعار آخر على القواعد الآتية:
– بذل اقصى المساعي والضغوط لوقف إطلاق النار.
– منع التسلل الى داخل المخيم او التمدد الى خارجه.
– البقاء في أعلى جهوزية لمواجهة اي تطور.
– الرد على اي استهداف مقصود لمواقعه.
عماد مرمل – الجمهورية