يبدو ان الشلل الرئاسي سيستمر لأشهر اضافية، على الرغم من المحاولات الجارية لإحداث خرق في جدار هذه الازمة، حيث ان ما هو متوافر من معطيات يؤكد ان «اللقاء الخماسي» الذي كان يفترض ان ينعقد على مستوى وزراء خارجية الدول المشاركة فيه في نيويورك على هامش اجتماعات الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة على اهمية انعقاده وإن على مستوى سفراء هذه الدول، لم يصل الى مرحلة يمكن معها القول ان الاستحقاق الرئاسي وضع على الطريق القويم، حيث ان البحث ما يزال خارج مدار جوهر الأزمة، سيما وان ما تسرب من معلومات اكد ان ممثلي اميركا، وفرنسا، والسعودية، وقطر، ومصر لم يدخلوا في مسألة الاسماء المرشحة، وان جل ما حصل هو الاطلاع على ما حمله الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في جولته الثالثة الى لبنان، وضرورة أن يكون هناك سقف زمني للمبادرة الفرنسية، تبين ان المشهد لم يتغير في الجولة الثالثة عن الجولة الاولى، بحيث بقيت المواقف اللبنانية على حالها من التصلب وربما اكثر مما كانت عليه في الزيارتين السابقتين ان لناحية المرشحين، او لناحية الموقف من الدعوات الى الحوار، وبالتالي فان الدول المعنية بـ«اللقاء الخماسي» وجدت نفسها وكأنها تدور في حلقة مفرغة، وانه بات عليها وضع مقاربة جديدة تنطلق من المعطيات التي حملها لودريان من بيروت اذ تبين من خلال جوجلة ما سمعه الموفد الفرنسي ان الازمة الرئاسية ما تزال في مربع المراوحة مع ازدياد في منسوب التناقضات والمواقف التي تأخذ الطابع الحاد .
واذا كان هناك من المسؤولين في لبنان يعولون على الخارج لمساعدة الداخل في انجاز الاستحقاق الرئاسي فإن هناك من يدعو الى عدم الرهان لا على «اللقاء الخماسي» ولا على لقاء سداسي او سباعي طالما لا توجد ارادة دولية حقيقية للحل، والدليل على ذلك هو الصمت المطبق لواشنطن التي هي الى الان لم تقل كلمتها بهذا الاستحقاق وانها ما تزال تتعامل مع الانتخابات الرئاسية في لبنان على انه أمر ثانوي وبإمكانه الانتظار امام التطورات التي هي من وجهة نظرها أهم من انتخاب رئيس في دولة مثل لبنان، وان جل ما يصدر عن دوائرها الدبلوماسية هو دعم واشنطن اي حوار يوصل الى تفاهم على مرشح للرئاسة.
ولا تستغرب مصادر سياسية هذه اللامبالاة الاميركية في التعاطي مع الملف اللبناني، فالأميركيون لا يهمهم من التعاطي مع اي بلد الا موضوعين ثابتين لديها هما: الأمن والعسكر وعدا ذلك لا يعني الولايات المتحدة، ولذلك تركز على انشاء القواعد العسكرية في المنطقة.
وفي رأي المصادر ان دخول الاميركيين والايرانيين بالمباشر على خط الازمة الرئاسية بلا شك يساهم في حلحلة من شأنه ان تزيل العقبات الموجودة على طريق القصر للجمهوري، وتوصل الرئيس الجديد اليه، غير انه الى الآن واشنطن تنأى بنفسها عن الملف بشكل مباشر، والايرانيون لا يريدون التدخل الا اذا طلب الافرقاء اللبنانية ذلك وهذا مستحيل في ظل رفض اكثر من فريق ذلك.
وعما اذا كان للتقارب الايراني السعودي من تأثير ايجابي على الاستحقاق الرئاسي تقول المصادر لو كان هذا صحيحا لكانت مؤشرات ذلك ظهرت كون ان التقارب حصل منذ عدة اشهر وهو بلا شك تقارب حصل في عهد الملك عبدالله وتوقف لأسباب عدة واليوم ما يحصل هو تفعيل لهذا التقارب، وبالتالي فان الملف اللبناني ليس بندا من بنود هذا التقارب، علما ان الايرانيين والسعوديين اعربوا عن موقف متقارب بينهما وهو ان البلدين ليسا في وارد عرقلة اي حلول ايجابية في لبنان، كما انهما يرفضان فرض اي رئيس على لبنان.
اما بشأن افراج ايران عن معتقلين اميركيين لديها مقابل افراج واشنطن عن اموال ايرانية كانت تحتجزها في مصارف بعض الدول نتيجة العقوبات الاميركية على ايران، تؤكد المصادر ان لا صلة لذلك بأي ملف في المنطقة لا سيما الملف اللبناني، فما حصل منذ يومين جاء بطلب اميركي، وربما يكون ذلك مرتبطا بتمهيدات للانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة، حيث يحاول الرئيس جون بايدن ان يستخدم ذلك ورقة لتوظيفها في هذه الانتخابات، وهذا الاتفاق كان يفترض ان ينفذ قبل عام في مثل هذا الوقت اي قبل الشغور الرئاسي في لبنان، وان ايران طلبت ان يكون هناك نوع من حسن النوايا بالإفراج عن أموال ايرانية موجودة في المصارف نتيجة العقوبات الاميركية، وما حصل على هذا الصعيد غير مرتبط بالملف النووي على الاطلاق.
حسين زلغوط – اللواء