رعى وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى الاحتفال السنوي الذي نظمه معهد النور الجامعي في النبطية لتخريج طلابه وافتتاح المبنى الجديد للمعهد .
وحضر الاحتفال الى الوزير المرتضى، المحامي محمد حجازي ممثلا النائب ناصر جابر، المهندس محمد ترحيني ممثلا النائب هاني قبيسي، المسؤول التربوي لحركة امل في اقليم الجنوب الدكتور عباس مغربل، مسؤول تجمع المعلمين في منطقة جبل عامل الثانية في حزب الله الدكتور محمد عطوي ، مسؤول مكتب الشباب والرياضة في حركة امل في اقليم الجنوب المهندس علي حسن ، رئيسة دائرة التعليم المهني والتقني في النبطية ايمان مقدم، مدير معهد النور الجامعي محمد ترحيني، ووجوه تربوية وثقافية واجتماعية وبلدية واهالي الطلاب المكرمين.
بعد دخول موكب الطلاب المتخرجين والنشيد الوطني افتتاحا، وكلمة ترحيب وتعريف من الزميل علي عطوي ، ألقى راعي الاحتفال الوزير المرتضى كلمة قال فيها : “جلستُ أيّها الأحبّة لأكتب خطابي في مناسبة تخرّجكم، متفكّراً في ما يقتضي عليّ أن أحدّثكم به في يوم الفرح بنجاحكم، فتملّكتني فكرةٌ سادت على سواها بل لاشت كلَّ فكرةٍ أخرى، مفادها أن كونوا أمناء لا على فكر سماحة امامنا السيّد موسى الصدر فحسب، بل وعلى سيرته المجبولة بحمل همومنا لا سيما نحن أبناء الجنوب؛ فهو دخل الى بيوتنا الفقيرة قامةً منتصبةً فيها من البهاء ما يكاد يلامس السماء، لكنّه انحنى نحونا ليلتقط همومنا، هموم أرضنا الجنوبية المتعبة، وهموم شعبنا الجنوبي المكلوم بالإحتلال والحرمان، ثم رماها بثقلها على كتفيه، ومضى يقارع الدنيا من أجل الحقّ والعدل والإنسان، واستمرّ لا يبدّل تبديلا، حتى كان أن خطفته يدّ الشرّ منّا وذهبت به الى غياهب الأسر.
نعم أيّها الأحبّة، في مناسبة الفرح بالتخرّج، وفي كل مناسبة لنا، علينا أن نستحضر بحرصِ الأمينِ ذكرى وفكرَ وجهودَ وتضحياتِ إمامنا الذي أرسله الله لنا دون العالمين ليخرجنا مما كنّا فيه وليرتقي بنا الى رحاب الحريّة والتحرير والعزّة والكرامة.
أتخيّلُ إمامنا أيّها الأحبّة فأجده الآن يعقِدُ مجلسًا عند نجوم الليلِ لُيرسل خفَقانَ ضوئها كلماتِ حبٍّ لكم أنتم الذين ارتقيتم وجاهدتم فنجحتم، وأيضاً لسائر أبنائه ممن جاهد أو ثابر أو استشهد في سبيل راحة وعزّة وحريّة هذه الأرض المباركة.
أتخيّله فأجده ما برح يشتغل بالضوء البازغ من عيون المحرومين، يحرسُ أحلامَهم، ويسيرُ بخطىً ثابتة نحو الإنسان فيهم،
أتخيّله مبتمساً مستبشراً فرحاً مطمئّناً مبتهلاً أنّ لك الحمد يا ربّ لأنّك باركت جهادي وجهودي وتضحياتي….الحمد لك فها هي قد أنبتت سنابلُ الفلاحين….أبناؤهم يدرسون ويتخرّجون ويخوضون غمار الحياة بنجاح ليسهموا في بناءٍ مستقل أفضل ، الحمد لك…. فها هي قد أورقت أشجارُ الجنوبِ…. فالأرض قد تحررّت بعد أن ارتوت من دماءٍ طاهرة لشهداءٍ ابرار استجابوا وصيتي بأن قاتلوا اسرائيل فقاتلوها وانتصروا وما برحوا مستعدين للقتال واثقين من النصر، ثابتين على عقيدةٍ راسخةٍ بأنها غدة سرطانية وسنستأصلها لكي تفرح عيون أطفال فلسطين عندما تشهد تحريرها الناجز من البحر الى النهر…
نعم أيّها الأحبّة، كلّنا، وبخاصةٍ نحن أهل الجنوب، ننتمي الى الصدر، ننتمي الى تلك القامة التي أنارت دروبنا وهدتنا الى الصراط المستقيم فكانت المنارةَ في الظلمةِ والبوصَلَةَ في أوقات الضياع؛
ننتمي الى سوادِ عِمّته والى نصاعةِ ضميره،
ننتمي اليه متمسكين بالعيش الواحد كيف لا وإمامنا كان إمامَ الكنائسِ وأُسْقُفَ المساجدْ، وقد جسَّدَ في عيشِه وخِطابه منظومةَ القيمِ الإيمانية والوطنية والإنسانية،
ننتمي اليه وقلوبنا تأبى أن نسمّيه مغيَّبًا وهو يستوطنُ نبْضَها،
ننتمي اليه وهو سيّدُ الحقيقةِ وعنوانُ الدعوةِ إلى الوحدة والمِفتاحُ الذهبيُّ لبوابة الانتصارْ… فنسير على هديه ثنائياً وطنياً بهياً، قوياً بوحدةٍ كالبنيان المرصوصِ، ولن يبدّل تبديلا.
نعم أيّها الاحبّة، نحن جميعاً نتاج الصدر،
ولأننا كذلك علينا جميعاً أن نقول ما قاله ونؤمن بما آمن به ونصنع مثلما صنع:
علينا أن نؤمن مثله بأن “لبنان بلدُنا، رصيدُهُ الأولُ هو الإنسان”،
وعلينا أن ننمّي ما زرعه في نفوسنا من حقيقةٍ راسخةٍ لا تحتمل جدلاً مفادها أن لبنان هو رسالةٌ انسانيةٌ حضاريةٌ راقيةٌ مناقضةٌ للكيان الإسرائيليّ المغتصب العنصري الحاقد الإلغائي المجرم المحرّف للتاريخ السالب للحقوق المنتهك للمقدسات والشرّ المطلق بكلّ ما لهذا التعبير من أبعاد ومدلولات…
وعلينا أن نسعى مثله الى التلاقي والتحابب والتعاون مع سائر أخوتنا في هذا الوطن من اجل الإنسان ومن أجل لبنان… فوصيّته لنا هي الآتية: “نجتمعُ من أجلِ الإنسانِ الذي كانَتْ من أجلِهِ الأديانُ، نلتقي لخدمةِ المستضعفِ المسحوق، ولنحفظَ بلدَنَا لبنان أمانةَ التاريخِ وأمانةَ الله…”
علينا في كلّ مرةّ تعتمل في نفوسنا مشاعر الغيظ والعصبية أن نستحضر كيف كانت مواقف الإمام في مواجهة التحديات داخليةً وخارجية: الحرب الأهلية مثلًا، فكان الاعتصام في مسجد الصفا، والذود عن أهالي شليفا والقاع ودير الأحمر وموقفه من اعتداءات العدو الإسرائيلي وحضّه اللبنانيين على الإلتفات اليه كعدوٍ واحد لا عدو لهم سواه.
الحضور الكرام، ولأن مدرسة الإمام الصدر هي مدرسة الوضوحِ في المواقفِ والرؤى، والحرص على لبنان واللبنانيين، أعلن دولة الرئيس الأستاذ نبيه برّي أن قيامة لبنان من أزماتِه، السياسية واﻻقتصادية والمالية، واستعادة الثقة به وبمؤسساتِه على المستوى الداخلي والخارجي، ﻻ يمكنُ أن تتحقّق الاّ من خلال الركون الى الحوار والتعاون، وهذه القناعة الراسخة لديه دفعته الى أن يدعو مراراً وتكراراً الى التلاقي والحوار، لكنهم يمعنون في رفض هذه الدعوة لأنّهم لا يتقنون الاّ لغةِ السجالِ والمناكفات ورفع السدود لمنع اللبنانيين من التلاقي…. نعم إنّهم ومع الأسف لا يتقنون الاّ هذه اللغة السياسية الشوهاء التي تشرِّعُ أبوابَ الوطنِ على مصراعَيه، لإستيلادِ المزيدِ من الأزمات والتدخّلات التي قد تقوِّضُ الأسسَ وتهدم البنيانَ. إننا من ههنا، من نبطية الإباء والعلماء والتحرير والعيش الواحد، ندعوهم الى أن يشفقوا على الوطن والمواطنين، والى أن يلبّوا دعوة الرئيس برّي الى الحوار، والى أن يركنوا إلى لغةِ العقل وإلى تهذيبِ الخطابِ السياسيّ واﻻرتقاء به الى مستوى التحدياتِ والمخاطر التي تحدقُ بنا.
وفي الختام نكرّر لك يا سيدي الإمام: ستبقى تُجدّد فينا نداء الوحدة الوطنية والتضامن معًا في بناء الإنسان المغتني بذاتِ يده وإيمانه وانتمائه إلى أرضه وكرامته وقيمه الجامعة،
وسيبقى صوتُك يهدرُ في المجامع والأسماعِ كالريح تهبُّ لتُلْهِبَ عزائم المقاومين أنْ: “قاتلوا إسرائيل…. “. أما نحن فنطمئنُك أننا قاتلناها وانتصرنا عليها وسنبقى على عهد النصر حتى تعود إلينا الحقوق المسلوبةُ كلُّها.
عهدُنا لك بل قسمٌ، أن يبقى القلبُ يخفقُ بنبضِ حبِّك وعشقِك للأرضِ والإنسان،
عهدُنا لك أن نكونَ صدًى لصوتِك، الذي لم ولن يخبو أبدًا ما بقي الليلُ والنهار… فصوتك هو عزُّنا وعنوانُ كرامتنِا، به نسمو ونرتقي ونقتدي كي ﻻ نضلَّ الطريق…
لك كلّ الوفاء يا إمام ولكم ألف تحية… وإلى اللقاء في مناسبات قادمة نحتفل فيها بإذن الله بصروح جُدُد وبنجاحات مدَدَ
ترحيني
ثم القى مدير معهد النور الجامعي محمد ترحيني كلمة قال فيها : “لم يعدْ وقوفي في مثل هذا اليوم من كل عام، إلا موعدًا لأرفع فيه رأسي بذكركم، فأعود لأنظر هذا المشهد الذي صار يراودني من عام إلى عام، لأفمر بما فيه من فخر وعطاءٍ وتضحيات وجهدٍ وتعب… وفي العين تلقون أيها الناجحون، تلقون وأنتم تحملون على أكتفكم هموم الغد، وكأن أمانة الشمس قد أعطيت لكم، وسلّم الليل آخر أنفاسه لأقلامكم ودفاتركم، فكنتم المثل على قوة العطاء، رغم قوة التحديات، ووصلتم إلى ما شئتم، وإلى ما رسمتم، وانت ما زلتم تعبرون وتسعون وتجهدون ليكتمل المشهد في أعينكم وقلوبكم…
وقال: هنيئًا لكم وهنيئًا لنا بكم، ومباركٌ لنا ما صنعناه معكم، مع تضحيات آبائكم وأمهاتكم، وأنتم تفتحون لنا أبواب النور في كل عام، تمدّون إلى أنفسنا عزيمة الإصرار، ونبكر معكم، حتى أصبحت عائلة النور هذا العام، تُشرق بنورين في صرحين سيتسعان لكل طموحاتكم بعد أن ضاقت على مقاعدكم الأولى أمكنة طموحاتكم، فجعلنا حضن معهدنا أكبر ليتسع لكم…
اضاف: وكما كنا سابقًا معكم، في كل الأزمات، ولا سيما الإقتصادية منها، سنبقى السباقين كما عودناكم في التخفيف عن كاهل الأهل عبر الأقساط المدروسة والزهيدة في بعض الأحيان، بل وتعديناها هذا العام بمبادرةِ إلغاء الحملة الإعلانية السنوية للمعهد واستخدام المبالغ المخصصة لهذه الحملة في تغطية أقساط مجموعة كبيرة من الطلاب من ذوي الدخل المحدود بمنح مجانية بشكل كامل.
وختم :وهذا النور الذي أصبح إسمًا للعلم، للتفوق والتألق، للإنسانية التي تجاوزت حدود التجارة والمالي والربح إلى بناء المجتمع والجيل والتربية الواعية، بأساليب متقدمة حضارية، وعبر تطوير دائم لبرامجنا وآليات عملنا وتقنيات شرحنا، مع أساتذة يبدعون ويضحون معنا رغم صعوبة الظروف الإقتصادية، ويسهرون على صنع طلاب ناجحين بكل ثقة وإرادة.
وكانت كلمة للطالبة حميدة شاهين بإسم الطلاب المتخرجين، وفقرة اسكتشات للفنان عباس جعفر ثم قدمن فرقة حسن حرب للاناشيد باقة من الاناشيد من وحي المناسبة ، بعد وزع المرتضى وترحيني شهادات تقديرية على الطلاب المكرمين، وقص الشريط التقليدي لافتتاح المبنى الجديد، وتسلم المرتضى درعا تقديرية من ترحيني .