حميّد: الحوار هو السبيل الوحيد لاستنهاض الواقع المعاش على كل المستويات
اللقيس: لبنان اليوم يحتاج الى تغليب التلاقي على الانفصال والحوار على كل لغة اخرى
برعاية رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، أقامت الجامعة الاسلامية في لبنان فرع صور حفل التخرّج السنوي لدفعة ” رواد الأمل”، بحضور ممثل الرئيس بري الدكتور أيوب حميّد، رئيس الجامعة الاسلامية في لبنان د. حسن اللقيس، رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ومفتي صور وجبل عامل ممثلَين بالشيخ ربيع قبيسي، النائب د. اشرف بيضون، النائب علي خريس، النائب د. عناية عز الدين ممثلة بالسيد علوان شرف الدين، النائب هاني قبيسي ممثلاً بالدكتور محمد قانصو، الوزير السابق محمد داوود، متروبوليت صور وتوابعها للروم الملكيين الكاثوليك ممثلا بالأب ماريوس خير الله، مفتي صور ومنطقتها الدكتور الشيخ مدرار الحبال ممثلا بالشيح عصام كساب، المسؤول التنظيمي لإقليم جبل عامل في حركة أمل المهندس علي إسماعيل، وفد من قيادتي حركة أمل وحزب الله، الفصائل والقوى الفلسطينية، رئيس مصلحة التعليم الأساسي في وزارة التربية هادي زلزلي، رؤساء وأعضاء المجالس البلدية والإختيارية، مدراء وممثلي المؤسسات الصحية والتربوية، عمداء الكليات وأفراد الهيئتين التعليمية والإدارية ، أجهزة أمنية وعسكرية عدد من الفعاليات التربوية والإجتماعية والرياضية والثقافية.
بعد النشيد الوطني اللبناني، وتقديم من د. محمد الشامي، عُرض تقرير خاص بالطلاب، ثم كانت كلمة الطلاب الخريجين تلتها الطالبة بتول قصير، بعدها كانت كلمة لمدير فرع صور د. غسان جابر قال فيها: “اليوم نحتفي معًا في حفل تكريم كوكبة من الشابات والشباب المؤهلة والمحصنة لخدمة المجتمع والوطن، الذين تكبدوا عناء السنوات العجاف في خضم الأزمتين الصحية والإقتصادية، وعبروا طريق الجلجلة بصبر وعزيمة وجدارة ، فتحققت الأحلام وكبرت ألآمال، وكبرت الجامعة بكم روادًا للأمل، وسفراء دائمين لها في الوطن والعالم تحملون شعارها، ثقافتها، علومها ورسالتها، مرحّباً بالجميع في صور التي يأتي اليها البحر ليستريح و هي تسافر بعراقتها عبر التاريخ.. أيقونة تحمل جمال الفكر والحرف و الثقافة و الابداع والمقاومة، وها هي مصدرة الأبجدية الأولى تزاول دورها الرسالي الذي اعتادته منذ الازل، حيث غدت الجامعة الإسلامية واحدة من معالمها الحضارية، وهي تشكل مساحة للتلاقي والتفاعل والحوار والتسامح، مزودين بالعلم والقيم التي زرعها فينا سماحة الامام المغيب موسى الصدر. ملتزمين برؤية الجامعة وبمسؤولية مجتمعية وضعت نصب أعينها ان تكون مشعلا في ركب الحضارة الانسانية”.
ووجّه التحية للأهالي الذين هم الأشرعة الأمتن لسفن أبنائهم في بحور العلم والعالم، كما وجّه التحية للطالبات والطلاب داعياً إياهم الى مواجهة التحديات بكثير من الصبر والحكمة والارادة.. “فلا يمتطي المجد من لم يركب الخطر، فارتشفوا رقي الإنجاز.. وصفقوا لنجاح بعضكم بعضا.. فطوبى لكم حصادكم”.
وختم شاكراً الرئيس بري على رعايته كما شكر كل من ساهم في إنجاح هذا التكريم.
ثم كانت كلمة الدكتور حسن اللقيس جاء فيها: “السلامُ على من ندخلُ مدينَته ونلتحف عباءتَه، وصدى قَسَمِهِ يتردَّدُ فينا أنْ حيَّ على خيرِ العمل وأنْ كونوا كموجِ بحرِ صورَ الهادرِ، حيثُ لا توقُّفَ ولا انتهاء بل استكمالُ مسيرةٍ وعملٌ بجهدٍ وجدٍ وجهادٍ واستشهاد/ على دربِ ذاتِ الشوكةِ/ كَمَن أحيينا ذكراهم بالأمس الشهداء القادة داوود داوود ومحمود فقيه وحسن سبيتي ، ورفيق الشهداء الذي نفتقد وجوده بيننا اليوم المجاهد الحركي الصدري الأصيل الحاج عبد المجيد صالح.
وأكمل: “السلام على صور، قاهرة الغزاة ، العصية على الاحتلال، أيقونة العيش المشترك القائم على المحبة والعِشرة وحسن الجوار ، ونبراس المقاومة وحاضنة العلماء الذين غيروا الواقع الأليم بجهادهم من المقدّس السيد عبد الحسين شرف الدين رائد العمل الاجتماعي والتربوي في المدينة، إلى قريبه موسى الإمام الذي قال ما نتخذه شعاراً لنا في الجامعة الإسلامية “الشاب الطالب ثروة في كل مجتمع.. والمجتمع دون الشاب الطالب مجتمع أبتر”. وها نحن اليوم نجتمع وإياكم في تخريج دفعة “روّاد الأمل” من طلابنا الأعزاء الذين رافقناهم على مدى أعوام الدراسة الجامعية، لنقدّم للمجتمع اللبناني ثروة من الشباب المتعلّم المثقف الواعي الطموح الرائد في مجال علمه وعمله، والباعث للأمل بغدٍ أفضل، على أمل أن تجد هذه الثروة مجالاً لاستثمارها في سوق العمل من أجل تحويل التحصيل العلمي إلى إنتاجية”.
وقال: “نحتفل اليوم وإياكم في الجامعة الإسلامية – فرع صور بحفل تخريج كوكبة من طلاب هذا الفرع من الجامعة التي أردناها جامعة لكل الوطن وعلى مساحته الجغرافية، في الوقت الذي نطلق بداية العام الدراسي في فروعٍ جديدة في ساحل المتن الجنوبي ومشغرة، وعلى مقربة من افتتاح مبانٍ جديدة في بعلبك لزيادة القدرة الإستيعابية، وعلى مشارف افتتاح فرعٍ جديد أيضاً على بعد بضعة كيلومترات من صور، في بلدة دير أنطار، لنكمل ما بدأه الإمام المؤسس السيد موسى الصدر من خطة لتعليم كل أبناء الوطن، وكي لا تبقى الطاقات مهدورة، وكي نبدد قلق الطلاب والمثقفين الذين أقسم بهم الإمام أعاده الله، ونعاهده أمام الله وأمَامَكم أن نسعى جاهدين لنحافظ على إسم الجامعة الإسلامية، ومستواها العلمي، وأن نبقى إلى جانب أهلنا نراعي ظروفهم المادية والإقتصادية الخانقة، ونشعر بهواجسهم حول ما يواجه أبناءهم وبناتهم من سيناريو خبيث لتدمير قيم مجتمعاتنا وثقافتنا وأصالتنا”.
واعتبر أن ما نواجهه اليوم من حروب بأشكال مختلفة، اقتصادياً وسياسياً وأخلاقياً وقيمياً ودينياً، يحتاج منا التكاتف ما بين الأهل والطلاب والمؤسسات التربوية التي اتخذت على عاتقها خيار المواجهة حفاظاً على تعاليم الأديان السماوية المقدّسة، والقيم والأخلاق والأسرة والمجتمع، كي نحافظ على وطننا الذي ضحينا لأجله بغربة إمامنا وخيرة شبابنا .
وأضاف: “إن لبنان اليوم – وفي ظل كل ما يواجهه من أزمات – يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى الوعي والتضحية والتنازل عن المصالح الخاصة وإلى تغليب التلاقي على الإنفصال، والحوار على كل لغة أخرى، من أجل انتظام الحياة السياسية والدستورية عبر انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات. فالوطن يحتاج كما قال دولة الأخ الرئيس نبيه بري إلى صحوة الضمير الوطني والتجاوب مع المبادرة الحوارية التي أطلقها في الذكرى الخامسة والأربعين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه . ورغم كل المكابرة ، إلا أن الإيجابية ما زالت تطغى في تجاوب لدعوة الحوار والتوافق كي لا يطول أمد الفراغ أكثر، خاصة في ظل المساعي الدبلوماسية المكثفة في الاَونة الأخيرة”.
وأشار الى أن وطننا القائم منذ الأزل على التلاقي لا يمكن أن يحكم بالتفرّد فهو أصغر من أن يقسّم وأكبر من أن يبتلع كما قال الإمام الصدر، ويجب أن يبقى قوياً بوحدته في مواجهة العدو الاسرائيلي الطامع بأرضنا وجونا ومياهنا ونفطنا وحتى بإنساننا ولا يمكن مواجهة هذا العدو إلا بالوحدة الوطنية وبانتظام المؤسسات الدستورية وعلى رأسها رئاسة الجمهورية.
وتابع: “من هنا من صور ، الشاهدة على باكورة العمليات الاستشهادية التي غيرت التاريخ وكتب بها العقل المدبر للمقاومة الشهيد القائد محمد سعد الانتصار تلو الانتصار على العدو الصهيوني، من أحمد وحسن قصير إلى علي صفي الدين وأبو حسين منفّذ عملية مدرسة الشجرة الذين ذكرهم الشهيد محمد سعد في وصيته الصوتية إلى أمير البحر هشام فحص وكل الشهداء الأبرار الميامين، بإسم هؤلاء جميعاً نقول إن الانتصار الأول الذي حققه الرئيس بري باتفاق الإطار وبدء التنقيب عن النفط في البلوك رقم 9 ، سيتبعه إن شاء الله انتصارات أخرى باستخراج الثروة النفطية وإعادة الثقة بلبنان وخروجه من الأزمات الإقتصادية التي يعاني منها”.
وقال: “عودٌ على بدء، ومن ثروة لبنان النفطية، إلى ثروته الشبابية والطلابية.. إلى دفعة “روّاد الأمل” التي نعلّق عليها الآمال الكبيرة لتكون على قدر ومستوى الإسم الذي تحمله.. “.
وأضاف: “أيها الخريجون، تغادرون اليوم بوابة الجامعة نحو معترك الحياة، لكن الإنتقال إلى سوق العمل لا يجب أن يقترن بمغادرة ميدان العلم. أنتم اليوم مدعوون لاستكمال دراساتكم العليا، وتزويد أنفسكم المستمر بالمعلومات ومواكبة التطور وعدم الإكتفاء بالإجازة الجامعية، كما أن الوطن يدعوكم للبقاء والعمل من أجل تغيير واقعه والسعي لازدهاره والحفاظ على ثروته المتجددة بكم “.
وختم: “بإسمكم نتوجه إلى إدارة الفرع والأساتذة الأفاضل بالشكر الجزيل على جهودهم المثمرة نجاحاً وتفوقاً. فهذا النجاح هو حصاد زرعكم وتعبكم ومتابعتكم وتضحيتكم وتحملكم الظروف الصعبة من أجل استمرار العام الدراسي ، أما أهلنا أهالي الخريجين الأفاضل، فأنتم شركاء النجاح وأصحاب الفضل الأول، مبارك لكم انتقال أولادكم من مرحلة العلم إلى مرحلة العمل وردّ بعضٍ من تعبكم”.
ثم كانت كلمة النائب الدكتور أيوب حميّد هنّأ فيها الطلاب الناجحين، مستذكراً تاريخ المكان الذي تغيّر شكله ولكنه بقي محافظاً على الجوهر الذي ينطلق من الإيمان وينشر الفضيلة والقيم الأخلاقية التي نتوارثها وتجسد العائلة، وهكذا هي الجامعة الاسلامية على مستوى الوطن تزداد يوماً بعد يوم تعمقاً في الأرض لتنشر وتكون أعلامها ساطعة براقة في كل أرجاء الوطن.
وأضاف: “من هذا الصرح التعليمي الخاص نوجّه التحية للصرح الوطني، حيث لا يمكن أن نتجاوز هموم الجامعة الوطنية التي هي جامعة الفقراء ، والتي ننحاز اليها لأنها من خلالها يكون الانصهار الوطني الحقيقي”.
وتطرق الى الوضع الداخلي، قائلاً: ” لا بد من بعض الخطوط العريضة، بدءًا من الاعتداء الاسرائيلي على الجيش اللبناني في مرجعيون والذي يدل على الطبيعة العدوانية لهذا الكيان وسعيه الدؤوب للتوسع على مستوى المنطقة العربية بشكل عام بأسرها وليس فقط على مستوى فلسطين، وهذا يحفزنا جميعا لنكون في موقع التوحد والمقاومة لنرد كيد العدو ونمنعه من التمادي أكثر، موجها التحية للجيش والمقاومة في كل المواقع”.
وأشار الى أن انقاذ الجيش اللبناني وقواته البحرية لمجموعة من النازحين السوريين، هذا الامر الذي يقوم به لبنان مجاناً، انما هو يشكل سداً أمام هذا المد البشري، والنزوج الكثيف الذي تعاني منه الشقيقة سوريا نتيجة الحصار والتآمر على وحدتها الداخلية وعودة الأمان والاستقرار الى ربوعها، في وقت يتلقى رئيس الوزراء اللبناني ثناءً من أعلى قمم الأمم المتحدة على دور لبنان في استضافة النازحين، ولكن كيف تصرف الاتحاد الأوروبي تجاه لبنان حول النزوح السوري ومنعه من ايقاف هذا النزف؟ في وقت نسمع رئيس فرنسا يرفض أن يستوعب عددا من المهاجرين الذين ناءت بهم ايطاليا، وكذلك ألمانيا التي لم يعد باستطاعتها استقبال مزيد من المهاجرين، هذا هو الواقع على مستوى الاتحاد الأوروبي، قائلاً: “لنرى هذا الكذب ممن يريدون للبنان أن يكون مستنقعاً وأن يضمحل تباعاً حتى لا يستطيع أن يستمر بشكل طبيعي ولا أن يخرج من أزماته، بل ان يكون في مرحلة ما بين الغفوة واليقظة”.
وختم بالحديث عن الحوار الذي يرفضه البعض رفضاً قاطعاً او يتلاعب على الكلمات ليتملص من الحوار الحقيقي، مؤكدًا أن الحوار هو السبيل الوحيد لاستنهاض الواقع المعاش على كل المستويات، داعياً الجميع في ظل هذا الحصار الذي يدمينا جميعاً الى اللقاء والتفاهم والحوار للتعافي من هذا الواقع المرير.