الأحد, سبتمبر 22

هل تُبعد القرارات الوزارية خطر اللاجئين و”المؤامرة الكونية”؟

لم يعد في لبنان أخطار وعقبات إلا من النوع “الوجودي – الكياني”، اذ الى هذا المستوى من التحديات وصلت البلاد. وليست مسألة اللاجئين السوريين سوى عيّنة من هذا الخطر، حيث يجمع الكل على انها وضعت الوطن ووجوده على المحك.

حتى اولئك السياسيين او الكتل النيابية والحزبية التي رحبت، بداية، “بوجود اللاجئين” واعتبرته “مسألة انسانية”، ها هي اليوم تحذر وتنذر من العواقب. فهل وصل لبنان فعلاً الى هذا الخطر على كيانه؟

قبل ايام لفت موقف للنائب ميشال الضاهر عبر منصة “اكس” تحدث فيه عن “مؤامرة كونية تحاك ضد الشعب اللبناني”، وقال: “إن مفوضية اللاجئين لم تلتزم مذكرة التفاهم مع لبنان التي تم توقيعها عام 2003، والتي تنص على اعطاء طالب اللجوء اقامة موقتة بسنة واحدة الى حين توطينه في بلد ثالث، وإلا فيحقّ للدولة اللبنانية ترحيله بعد انقضاء المدة (…)”. وأضاف: “بتنا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما فتح البحر للسوريين باتجاه اوروبا وإما هجرة منظمة للبنانيين خارج وطنهم، ونحن كلبنانيين لن نرضى بالخيار الثاني. على المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته”.

ولم يكن الضاهر الوحيد الذي رفع الصوت عاليا، في الآونة الاخيرة، اذ ان المواقف المنددة والمستنكرة توالت، لاسيما بعد نشر وثيقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن مفوضية اللاجئين تمنح السوريين الموجودين على الاراضي اللبنانية، افادة سكن، فقامت القيامة، على رغم انه سبق للمفوضية ان اكدت لـ”النهار” ان “هذا الاجراء روتيني تعتمده المفوضية منذ العام 2016”.

أين الاجراءات؟

مقابل هذه الاخطار، لا بل هذا الاجماع على التهديدات، اين القرارات الوزارية التي سبق لمجلس الوزراء ان اتخذها، قبل اسابيع، لمواجهة خطر اللاجئين، وهل فعلاً بدأ التطبيق؟

يومها، خُصصت الجلسة الحكومية لقضية اللاجئين، وكان لافتا كلام رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حول ما سمّاه “ورشة خطوات انقاذية لازمة في مسألة اللاجئين”.

وفي المقررات، صدرت سلسلة اجراءات وُزّعت على الوزارات المعنية.

تقول مصادر حكومية مواكبة لـ”النهار” ان “ما اتفق عليه كان بمثابة خطة عمل وزارية رسمية منسقة ومرتّبة بين الوزارات المعنية، فلبنان بالفعل لم يعد يحتمل مزيدا من الاعباء في هذه القضية تحديدا”.

وتعلّق: “اهمية ما تقرر هو تقسيم العمل داخليا وخارجيا، على ان تكون ثمة لجنة مواكبة تجتمع دوريا في السرايا الحكومية، فتكون بمثابة الادارة التنسيقية بين الوزارات لتقويم ما اتخذ وما نفّذ، وتقرير الخطوات المقبلة، اي انها بمثابة صلة وصل بين الوزارات والاجهزة”.

وبعد، هل بدأ تطبيق هذه الاجراءات؟

تجيب المصادر: “اللجنة الوزارية ستجتمع لمتابعة التطبيق بندا بندا. وما اتخذ يُعتبر ورشة عمل انقاذية حقيقية. في الاساس، ان كل وزارة بدأت تطبيق الشق المتعلق بصلاحياتها، على ان تبدأ لجنة السرايا اجتماعاتها قريبا للتنسيق وتقويم التطبيق”.

… والى الوزارات، قد تكون وزارة الداخلية من اكثر الوزارات التي يقع عليها عبء العمل في هذا المجال، وان كانت بالطبع ليست لوحدها. فهل باشرت الداخلية العمل؟

تؤكد مصادر الوزارة لـ”النهار” انه “تم تفعيل عمل الخلية الامنية المركزية التي تُعنى بشؤون اللاجئين السوريين، لمتابعة النقاط المذكورة في التعميم الذي سبق للوزارة ان اصدرته”.

ومعلوم ان هذه الخلية كانت متوقفة عن العمل لفترة طويلة، وقد جرى تفعيلها أخيرا، وتم تعيين ضابط على رأسها لمباشرة العمل. فماذا جاء في تعميم الداخلية؟

الحل أمني ؟

“النهار” اطّلعت على تعميم الداخلية التي اصدرته بتاريخ 12 ايلول الجاري، والذي أتى استتباعا لتعميم سبق للوزارة ان اصدرته في 2 أيار الفائت، والذي ارسل الى محافظي بيروت وجبل لبنان ولبنان الشمالي ولبنان الجنوبي وبعلبك – الهرمل والبقاع والنبطية وعكار.

وطلب التعميم من المحافظين “الايعاز الى القائمقامين الطلب من البلديات والمخاتير في القرى التي ليس فيها بلديات، اعتماد اطلاق حملة مسح وطنية لتعداد اللاجئين وتسجيلهم بغية تسوية اوضاع اقامتهم في لبنان تحت طائلة اتخاذ التدابير القانونية المناسبة، وقيام البلديات والمخاتير بتسجيل كل اللاجئين المقيمين ضمن نطاقها واعتماد قاعدة البيانات لدى المديرية العامة للامن العام، والطلب الى جميع المخاتير عدم تنظيم اي معاملة او افادة لأي لاجىء قبل ضم ما يثبت تسجيله”.

والاهم “الافادة الفورية عن اي تحركات وتجمعات مشبوهة تتعلق باللاجئين لاسيما لناحية تهريبهم، والتشديد على جميع المواطنين عدم تأجير اي عقار (سواء سكني او تجاري) لأي لاجئ قبل التثبت من تسجيله لدى البلدية، واجراء مسح ميداني لكل المؤسسات واصحاب المهن الحرة التي يديرها اللاجئون، والتثبت من حيازتها التراخيص القانونية”.

إذاً، الاجراءات الوزارية، وفق الداخلية، “وُضعت على سكة التطبيق، وبدأ العمل. بالطبع، ستكون الاجتماعات متواصلة في الوزارة لتقويم ما نفّذ، وخصوصا انه يتم التعويل على اعادة تفعيل عمل الخلية الامنية المركزية بعد انقطاع طويل”.

… وبعد اي نهاية ستُكتب لهذا الملف الذي اثقل لبنان فوق طاقته ومشاكله … وانهياراته… وهل هذه القرارات وتطبيقها هي بحجم الكرة التي بدأت تكبر، وهل ستنجح “المؤامرة الكونية” علينا؟!

منال شعيا – النهار

Leave A Reply