كتبت صحيفة اللواء تقول: عشية ذكرى المولد النبوي الشريف الذي يصادف اليوم، حضر الاستحقاق الرئاسي الغائب، والمعلَّق على حبال المواقف المتباعدة، في رسالة المولد التي وجهها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الى ان «السياسيين لا يقومون بمسؤولياتهم تجاه فراغ المؤسسات»، معتبراً ان الحراك الداخلي هو الاساس في انجاز الاستحقاق الرئاسي، والحراك الخارجي مساعد وداعم له، في وقت كان فيه رئيس التيار الوطني الحر يعلن بعد لقاء المفتي في دار الفتوى ان موضوع رئاسة الجمهورية ليس له حلّ إلاّ بالتفاهم والشراكة «المتوازنة»، مشيراً الى اننا اذا لم نستطع التفاهم «فلنذهب للانتخاب في مجلس النواب، وليربح من يربح».
ويأتي موقف باسيل على خلفية تعطيل مبادرة الرئيس نبيه بري التي اطلقها في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، وفي وقت يمضي فيه الموفد القطري جاسم آل ثاني (ابو فهد) في لقاءاته البعيدة عن الاضواء، وإعلان سفارة قطر في بيروت، ان سفيرها لدى الجمهورية اللبنانية الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني زار امس الاول رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، في المجلس النيابي، كما زار النائب السابق وليد جنبلاط في كليمنصو.
على ان الاخطر، خروج الموفد الخاص للرئيس ايمانويل ماكرون وزير الخارجية الاسبق جان ايف لودريان عن صمته، واعلان انهاء الصيغة التي اشتغل عليها لمدة ثلاثة اشهر، هي عمر وساطته الجديدة لانهاء الشغور الرئاسي.
فقبيل عودته المنتظرة، دعا لودريان الاطراف اللبنانية الى ايجاد «خيار ثالث لحل ازمة الرئاسة فيما لا يمتلك اي فريق اكثرية برلمانية تخوله ايصال مرشحه».
وهذا الاعلان بحدّ ذاته، يعني حسب الاوساط المراقبة، «اقراراً رسمياً فرنسياً بسقوط مبادرته وافساح المجال امام محاولات اخرى من دول اللجنة الخماسية او من اللجنة مجتمعة»، كاشفاً ان «الدول الخمس المعنية بملف لبنان تتساءل عن جدوى مواصلة دعمها المالي»، موضحاً: «ان المؤشرات الحيوية للدولة اللبنانية تشي بأنها في دائرة الخطر الشديد»، منبهاً الى أن «صبر الدول الخمس بدأ ينفد، وهي تتساءل عن جدوى استمرار لبنان، في وقت يتمادى المسؤولون في عدم تحمل المسؤولية، وغالباً ما سيسمع اللبنانيون هذه الانذارات ليطبقوا نقيضها».
ومع تساقط المبادرات تباعاً، في الداخل والخارج، يتعمق المأزق الرئاسي:
1- فالرئيس نبيه بري ضاق ذرعاً بالمواقف المسيحية الروحية والحزبية والنيابية الرافضة لمبادرته، وقرر ايقافها، من دون ان يتخلى عن دوره في اتمام الاستحقاق الرئاسي.
وقال: اني لم أكن يوما الا متعاوناً مع اي مبادرة خارجية، وقال: تعاونت مع الفرنسي وسهلت مهمته والآن اتعاون مع القطري واتمنى له النجاح. وكنت دائما اشكرهم على مساعدتهم ولكن ليس ليسموا لنا الرئيس الذي ننتخبه.
وعن المسعى القطري نفى بري ان يكون محصورا بإسم واحد بل هناك مجموعة اسماء يطرحها. وعن كلام لودريان امس حول الخيار الثالث قال: هذه قيمة الحوار ومن لديه بديل عن الحوار فليتفضل. اعطيناهم فرصة العمر ولم يتجاوبوا فليقلولوا لي اي رئيس جمهورية وصل من دون حوار؟.
اضاف: مرشّحنا هو سليمان فرنجية وحتى الآن «ما في خطة ب» لدينا.
وردا على سؤال حول دعوة سميرجعجع له للذهاب مباشرة الى جلسات انتخاب متتالية، قال: انا لن ادعو الى اي جلسة الا اذا كانت ذات جدوى. وجلسة غير مسبوقة بالحوار لا جدوى منها. مبادرتي مبنية على مدة اقصاها سبعة ايام، اذا وجدنا بعد يومين ان لا توافق نذهب مباشرة الى دورات مفتوحة. لكن تبين ان الكنيسة القريبة لا تهمهم. لكن اذا اشار لهم طرف خارجي بإصبعه لحضور الحوار يأتون «متل الشاطرين».
وقال انه لم ولا يحدد مواعيد لإنتخاب الرئيس في تشرين المقبل. لكن اتمنى ان نتخب اليوم قبل الغد.
2- والمبادرة الفرنسية لفظت انفاسها عبر لودريان نفسه الذي لوَّح بعقوبات مالية واليوم يعقد في الرياض اجتماع بين المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا والموفد الرئاسي لودريان، ويشارك فيه سفير المملكة في لبنان وليد بخاري، والموضوع الابرز تطورات الجهود في ما خص الملف الرئاسي في لبنان، في ضوء التعثر الحاصل.
3- اوحى النائب باسيل بأن حواره مع حزب الله، بات خارج التعويل عليه، لذا عاد الى خطته السابقة، بعدما بدا له ان إبعاد سليمان فرنجية وجوزاف عون عن الرئاسة، يحقق له مكسباً سياسياً، وبالتالي فهو على تقاطعه مع فريق 14 آذار حول الوزير السابق جهاد ازعور، او غيره، وذلك عبر الانتخاب اذا تعذر التوافق.
وقالت أوساط سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن خيار السير بالمبادرة القطرية متروك للأفرقاء السياسيين الذين لا يزالون يتدارسون خطواتهم المقبلة في حين أن كل فريق يرصد موقف الفريق الآخر، مؤكدة أن الأسماء التي تردد أنها رشحت من قبل قطر هي في الأساس أسماء تم التداول بها في عز الحراك الحاصل في الاستحقاق الرئاسي انما بدت الملاحظات هي نفسها لجهة إمكانية قيام توافق داخلي وخارجي عليها دون اغفال تأمين غالبية الثلثين.
وأكدت هذه الأوساط أنه مع تجميد مبادرة الرئيس بري الحوارية فإن ما من مساع محلية جديدة والمسألة متروكة للحركة الفكرية فضلا عما يمكن أن يأتي به الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودربان إلى بيروت في الشهر المقبل بعد الحديث عن انتقال المسعى الرئاسي إلى قطر، لافتة إلى أن التعويل قائم على ما يحمله الشهر الجديد والسرعة في الاتصالات التي تتعلق بالرئاسة.
ووصفت متابعة حركة السفير القطري بأنها بمثابة «مفرزة سباقة» لزيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد الخليفي، وقالت لـ «اللواء»: ان اهم ما في حركة الموفد المقيم في بيروت جاسم بن فهد آل ثاني انها مقيدة بالتكتم، لكن من السابق لأوانه الحكم على نتائجها فهي ما زالت في بداياتها.
وقالت مصادر مسؤولة في «القوات اللبنانية» لـ «اللواء»: ان الحركة القطرية لا تخرج عن سياق الحركة الفرنسية الداعية بشكل واضح للذهاب الى خيار ثالث. وخلاصة الجولة الفرنسية هي ذاتها خلاصة الجولة القطرية الحالية، بأن هناك فريقاً في لبنان منفتح على خيار ثالث وهناك فريق آخر ما زال متمسكا بمرشحه. لذلك لازلنا في المربع نفسه اي في استمرار الشغور الرئاسي.
اضافت: لذلك كل هدف الحراك القطري هو كسر ستاتيكو الشغور الرئاسي من خلال الخيار الثالث. لكن هذا الامر غير متوافر في ظل تمسك الثنائي الشيعي بمرشحه حتى الآن.
باسيل عند دريان
وفي الحراك السياسي، زار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على رأس وفد من «التيار الحر» مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى.
وقال باسيل بعد اللقاء: من اجل المحافظة على اتفاق الطائف يجب تطبيقه ومن واجبنا ان نقوم بإصلاحات في بلدنا لجذب الدول المستثمرة. وطلبنا من المفتي إلغاء النظرة غير الجيدة تجاه اللامركزية لأنها تساهم بالإنماء المناطقي.
اضاف باسيل: صوّرونا في العام 2012 أننا عنصريون عندما تحدثنا عن مخاطر النزوح السوري في لبنان ولكن اليوم كلنا نعرف الوضع، ونحن حريصون على حياة المواطن اللبناني، والحل لا يحتاج سوى جهد بسيط من الأجهزة الأمنية.
وقال: أنا لا أقول أن المبادرة الفرنسية انتهت أو لم تنتهِ في الموضوع الرئاسي. بالرئاسة لا أقول أن هناك مبادرة بدأت أو مبادرة إنتهت.
واعتبر باسيل انه «من اجل المحافظة على اتفاق الطائف يجب تطبيقه، ومن واجبنا ان نقوم بإصلاحات في بلدنا لجذب الدول المستثمرة».
وختم باسيل مشددا على أن «الرئيس الذي لا يحظى بدعم حقيقي لن ينجح».
وترأس باسيل اجتماعا لتكتل لبنان القوي صدر بعده بيان، جدّد فيه «موقفه الداعم لاجراء لقاءات تشاورية لإنضاج الاستحقاق الرئاسي من خلال التفاهم على الأولويات الرئاسية للعهد المقبل ومواصفات واسم الرئيس المؤهّل لهذه المهمة. واكّد التكتل على ضرورة توفير الظروف التي تؤمّن نجاح الحوار من دون رفضٍ او تعنّت لأن مبدأ الحوار يقوم على مبدأ تبادل الأفكار، كما اكّد التكتل ان الحوار يجب ان يكون محصوراً بمهلة زمنية محدّدة وان يجري على مستوى رؤساء الأحزاب اصحاب القرار، على ان تجري ادارته بشكل حيادي وموضوعي، ويلي ذلك عقد جلسة انتخابية مفتوحة بمحضر واحد إمّا لانتخاب الاسم المتّفق عليه او حصول منافسة ديمقراطية بين المرشحين».
ورحب المفتي دريان في رسالة الموفد النبوي الشريف «بالمبادرات الخارجية من الدول الشقيقة والصديقة، لحل الأزمة اللبنانية، وهي عامل خير وحلحلة للعقد والعقبات. والإصرار والعزيمة لإنجاح أي مبادرة، هو هدف أصحاب المبادرات، بمساعيهم الطيبة، لن تذهب هدرا بإذن الله، مهما واجهتهم عراقيل بعض السياسيين، الذين يسعون إلى تحقيق مكاسب شخصية على حساب الشعب والوطن.
وتابع: والحراك الداخلي هو الأساس في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، والحراك الخارجي هو عامل مساعد وداعم، وهذا يعني أن على القوى السياسية والكتل النيابية أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية أمام الله والوطن والناس، وينبغي على اللبنانيين التقاط الفرص التي تقدم لهم، فالفرصة لا تعوض إذا لم نحسن التعامل معها، على أساس مصلحة الوطن الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، والاستحقاق الرئاسي سيحصل، مهما اشتدت العواصف، كي نضع حدا لآلام اللبنانيين، وكي يعود الدور الفاعل إلى الدولة ومؤسساتها، فإنه لا تغيير في النظام اللبناني، وسيبقى اتفاق الطائف الضامن للشراكة الإسلامية – المسيحية، والعيش المشترك، ولا مكان للطروحات التي تمزق الوطن وتفرق اللبنانيين في وطنهم لبنان، بلد الوحدة والتنوع».
أزمة النزوح
على صعيد أزمة النزوح السوري، استقبل قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، وتناول البحث الأوضاع العامة في البلاد. كما استقبل المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، وتناول البحث موضوع النزوح السوري وتداعياته.
وأحبطت وحدة أخرى من الجيش في منطقة حارة السماقة – جرود الهرمل محاولة تهريب 90 سوريًّا إلى لبنان بطريقة غير شرعية، وأوقفت المواطن (ح. ن.) المسؤول عن عملية التهريب. وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص.
ميدانياً، وعشية اعتزام مؤسسة كهرباء لبنان اصدار دفعة جديدة من الفواتير، اقتحمت مجموعة من المتظاهرين مؤسسة كهرباء لبنان في كورنيش النهر (شمال بيروت)، اعتراضاً على الفواتير المرتفعة،في ظل غياب الخدمة على نحو شبه دائم، فيما انتشرت عناصر القوى الامنية وقوات مكافحة الشغب داخل المؤسسة.
وطالب المحامي واصف الحركة الذي كان في عداد الوفد الذي قابل المدير العام للمؤسسة كمال الحايك «باعادة النظر بالفواتير المرتفعة جداً، في هذه الظروف، مشدداً على ضرورة تخفيضها».