في غمرة الخلافات التي تعصف بالوسط السياسي حول الإنتخابات الرئاسية، تبقى السلطة الرسمية، أو بالأحرى ما تبقّى من سلطة في الدولة المتهاوية، في حالة غيبوبة وعجز عضوي عن القيام بخطوات معقولة لتحسين موارد الخزينة المالية، والحد من الصرف العشوائي من أموال المودعين في البنك المركزي.
ليس مقبولاً هذا الإستسلام الحكومي أما موجة الإضرابات التي عصفت بإدارات الدولة، وأقفلت الصناديق التي تتقاضى الرسوم والضرائب، وعطلّت مصالح الناس لأشهر طويلة، وحرمت الخزينة المتعثرة من المليارات التي الدولة بأمس الحاجة لها، لتأمين بعض نفقاتها، وفي المقدمة رواتب الموظفين والعسكريين.
من الدوائر العقارية في بيروت وبعبدا وبقية أقضية جبل لبنان، إلى إدارات الضرائب في وزارة المالية، إلى فروع الضمان الإجتماعي في بيروت ومعظم المحافظات، فضلاً عن مصالح الكهرباء والمياه، إلى جانب مزاريب الهدر في وزارة الإتصالات. كلها موارد تدر على الدولة المبالغ الطائلة، وبقيت حكومة تصريف الأعمال تكتفي بعقد الإجتماعات العقيمة ردحاً من الزمن، قبل التوصل إلى الحلول الجزئية، لإعادة فتح هذه الدوائر أمام الجمهور، ولو دورياً لبضعة أيام في الأسبوع، لتأمين مصالح الناس من جهة، ورفد الخرينة المفلسة ببعض السيولة اليومية، عوض الإتكال الكلي على ما يُوفره المركزي، من بقايا الإحتياطي الألزامي.
المهمة التي تكفّل بها الجيش في مسح التعديات المتمادية على الشواطئ البحرية، بناء لطلب وزارة الأشغال، تُعتبر خطوة أساسية لتوفير ما يعادل مليار دولار، على الأقل للخزينة، في حال سلكت العملية مسارها حتى النهاية، ولم تتعرض للإجهاض في منتصف الطريق، كما كان يحصل في السنوات الماضية بسبب التدخلات السياسية لحماية الأزلام والمحاسيب، وحرمان الدولة من حقوقها المالية المشروعة.
ومثل هذه الخطوة تصح أيضاً في إزالة التعديات على شبكة الكهرباء، وإحكام السيطرة على المنافذ الجمركية في مرفيّ بيروت وطرابلس وبقية الموانئ البحرية، ووقف عمليات التهريب الناشطة على قدم وساق، والتي تضيّع على الخزينة مئات الملايين من الدولارات شهرياً.
دولتنا العلية ليست فقيرة، ولكنها مفلسة، لأن المالية العامة تُعاني من عمليات النهب المنظمة، وسوء الإدارة من قبل منظومة سياسية فاسدة، راكمت الملايين، بل بعضها تجاوزت أمواله عتبة المليار دولار، وما زال يسعى في مناكب الفساد!
صلاح سلام – اللواء