كتبت صحيفة “النهار” تقول:
لم يعد مفاجئا ان تتقدم الأولويات المالية والاجتماعية على غرار “كابوس” توقف المستشفيات عن استقبال #مرضى غسل الكلى الذي اعلن وزير الصحة امس بدء برمجة الحل المالي له، وكذلك التحديات الأمنية المتعاظمة على تنوعها والطبيعة المعقدة لكل منها بدءا بالتضخم المتعاظم المخيف لموجات النزوح والتسلل السوري وصولا الى استفحال الجرائم الفردية ، في ظل انحسار متدحرج لكل افق الحلول المرتقبة للازمة الرئاسية في البلاد. هذا الواقع عاد يرخي بذيوله الثقيلة في الفترة الأخيرة وهو مرشح للتفاقم اكثر فاكثر مع معطيات لا تبشر اطلاقا باي اختراق للازمة السياسية خلافا لكل الاستنتاجات المحلية التي سادت أخيرا وسط التخبط التصاعدي في التقديرات المتصلة بالوساطات الخارجية واخرها الوساطة القطرية التي لم يظهر منها بعد ما يكفي من ميزان الإيجابيات والسلبيات للاتكاء عليها في استشراف سيناريو المرحلة التالية. والواقع ان جهات ديبلوماسية معنية برصد المعطيات المتوافرة عن الاتصالات والمشاورات المتعلقة بكل من الوساطتين الفرنسية والقطرية بدت شديدة الحذر في مقاربة الكتمان والغموض اللذين يغلفان هذين التحركين منذ ما قبل وما بعد الاجتماع السعودي – الفرنسي الأخير في الرياض بين وزير الخارجية السعودي والموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف #لودريان كما عقب الأيام الطويلة التي صرفها الموفد القطري في بيروت، وكلا التحركين انتهى الى تكثيف التكتم وعدم اتضاح أي خط بياني للتحركات المقبلة المتصلة بملف الازمة الرئاسية في لبنان . وعلى رغم ان الجهات المذكورة لا تزال تعتقد بإمكان ان تتضح بعض الأمور في الأسبوع المقبل حيال الأجواء والاتجاهات العملية التي يفترض ان تكون موضع اتصالات مستمرة بين دول المجموعة الخماسية فان هذه الجهات لم تكتم تخوفها من معالم تريث واضح في تعامل دول المجموعة مع التعقيدات اللبنانية سواء كان الامر نتيجة العجز الداخلي والخارجي عن حمل الافرقاء السياسيين على اجتراح تسوية يعتبر المجتمع الدولي ان أوان نضوجها حان وصار الزاميا بعد مرور 11 شهرا على ازمة الفراغ الرئاسي، او نتيجة تباينات في مواقف دول الخماسية من بعض جوانب الازمة ولو انكرت هذه الدول وجود التباينات على غرار ما اعقب اجتماعها الأخير في نيويورك . وتبعا لذلك لفتت الجهات الديبلوماسية الى ان أي افصاح فرنسي عن الخطوات التالية للموفد جان ايف لودريان لم يصدر بعد حتى ضمن الكلام الذي صدر عن لودريان نفسه قبيل اجتماعه مع وزير الخارجية السعودي قبل أيام . كما ان شيئا عمليا لم يتسرب عن لقاء الرياض، وفي الوقت نفسه ضاعت حقيقة ما أدت اليه جولة الموفد القطري بين معالم التصعيد الأخير الذي سجل بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والقوى المسيحية التي عمد بري ، في اطار تبرير الغاء مبادرته الحوارية بعد فشلها، الى تحميل القوى المسيحية بشكل لافت للغاية تبعات الازمة الرئاسية . ولم يفت الجهات نفسها الإشارة الى ان الأجواء الداخلية الموصولة بالازمة تبدو راهنا كأنها وضعت في “ثلاثة خريفية” لا احد يمكنه الجزم متى يحين أوان كسرها مادامت ازمة الانقسام النيابي والسياسي حيال الاستحقاق الرئاسي تراجعت قدما خطوات الى الوراء بما لا يستوي ابدا مع المناخات المتفائلة التي راهنت اما على عودة لودريان واما على التحرك القطري .
وبدا لافتا ما نسب الى مصادر مقربة من السفارة الفرنسية من ان كل ما يقال في الاعلام عن استياء فرنسي من المبادرة القطرية غير صحيح وهو مجرد حملات اعلامية، والمبادرتان متكاملتان وتصبان في النتيجة ذاتها هي انتخاب رئيس.
ونسب الى هذه المصادر ايضا ان لا صحة لما يتم الترويج له عن تواصلِ مستشارِ الرئيسِ الفرنسي باتريك دوريل مع بعضِ القوى السياسة اللبنانية للقول لهم لا تصدقوا ما يقوله جان ايف لودريان وان السياسة الفرنسية تجاه كل الملفات تنطلق من خطوط عريضة يتوافق عليها الجميع في الاليزيه .
1300 في أسبوع
في ظل هذه الأجواء المشدودة والمربكة سياسيا تتقدم يوما بعد يوم مسألة النزوح السوري كأولوية تتصل بمجموعة اخطار امنية واقتصادية واجتماعية وديموغرافية بعدما اثبتت تطورات هذه المسألة ان شيئا لم يفض بعد الى فرملة الحجم المقلق والمتعاظم للمتسللين السوريين الى لبنان على نحو منهجي منظم ويومي . وليس ادل على الطابع المنهجي للدفع بالوف السوريين نحو عبور الممرات والمسالك الشرعية واللاشرعية عبر الحدود الشمالية والشرقية مع لبنان من رصد ومتابعة واستجماع البيانات التي أصدرتها وتصدرها قيادة الجيش في هذا الصدد ليتبين الحجم الكبير للمتسللين الذي نجح الجيش في منع استكمال تسللهم فيما لا تزال الاعداد التي تتمكن من التسلل على ايدي افراد يديرون شبكات لتنظيم التسلل المنهجي كبيرة وتنجح في التسلل والتوزع الفوري والسريع على المناطق اللبنانية . وفي اطار الاستدلال على حجم عمليات التسلل التي يعالجها الجيش صدر امس بيان جديد عن مديرية التوجيه افاد انه “في إطار مكافحة تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي عبر الحدود البريّة، أحبطت وحدات من الجيش، بتواريخ مختلفة خلال الأسبوع الحالي، محاولة تسلل نحو 1300 سوري عند #الحدود اللبنانية – السورية.”.
وفي سياق امني اخر وفي اطار استكمال التهدئة ونزع فتيل التفجير في مخيم عين الحلوة، أنهت القوة الفلسطينية المشتركة امس انتشارها في حي التعمير داخل المخيم وسط اجواء ايجابية، وقد رافقها وواكبها في عملية الانتشار التي تُشكل المرحلة الثالثة من خطة اعادة الهدوء الى المخيم اعضاءُ القيادة السياسية الفلسطينية الموحدة وقائد الامني الوطني الفلسطيني في اللواء صبحي ابو عرب وقائد القوة المشتركة اللواء محمود العجوري حيث تم الدخول الى تجمع المدارس وأُخليت تمهيدا لتسليمها الى الاونروا. وكان ساد المخيم صباحا حال من الترقب والحذر قبيل موعد انتشار عناصر القوة الامنية المشتركة في اطار مقررات هيئة العمل الفلسطيني المشترك من اجل عودة الحياة الى طبيعتها داخل المخيم . وتبقى الانظار على عين الحلوة ومدى نجاح الخطوة الجديدة التي من شأنها سحب فتيل التوتر من المخيم على ان تُتوج الخطة بتسليم المطلوبين في جريمة اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه.
اما في اطار الجرائم الفردية المتصلة بعمليات الخطف فنفذ الجيش في البقاع الغربي عملية ناجحة خاطفة أمكن من خلالها تحرير المواطن بديع الحاج الذي خطفه مسلحون من منزله في بلدة كامد اللوز لمقايضة اطلاقه بفدية مالية . وقد نفذت وحدات عسكرية تدابير أمنية تضمنت عمليات دهم وتسيير دوريات وتركيز حواجز، وذلك بالتزامن مع عملية أمنية لمديرية المخابرات التي تمكنت بنتيجتها من توقيف المخطِّط لعملية الخطف في خراج بلدة مجدل عنجر ـــ البقاع الغربي. كما نجحت مديرية المخابرات في تحرير المخطوف على الأوتستراد العربي .
“لا ستر مغطى” ؟
على الصعيد المالي بدا لافتا ان حاكم #مصرف لبنان بالإنابة، وسيم #منصوري الذي يكثف اطلالاته الإعلامية في الأيام الأخيرة، توعد امس “بإرسال كل المشتبه فيهم بهدر أموال المودعين إلى القضاء”، وقال: “كشفت السرية المصرفية عن عدد كبير من الأشخاص ولن أترك ستراً مغطى”. وفي لقاء مع نقابة محرري الصحافة قال منصوري: “لا يمكن المس باحتياطي مصرف لبنان من أول آب 2023 وصاعداً”. متسائلاً: “هل الاحتياطي الموجود في المصرف اليوم، كاف لإنهاء مشكلة المودعين في لبنان؟ الجواب هو سلبي. لا يمكن للاحتياطي أن يحل كل المشكلة. هل هذا الإحتياطي ممكن أن يكون أساس مناسب لإيجاد الحلول؟ أقول: بالتأكيد، خصوصاً إذا أضفت على الاحتياطي في المصرف المركزي، احتياطات المصارف، من خلال عملية هيكلة المصارف كما يجب. يجب أن تكون لدينا خريطة طريق للحل يمكن التعويل عليها. حجم اقتصاد لبنان ليس كبيراً، ومن الممكن أن يستعيد لبنان عافيته الاقتصادية بشكل سريع. لذلك أقول وأكرر إذا وضعنا خريطة طريق سليمة لبناء اقتصاد سليم، طبعاً هناك إمكانية للحل”.